خسائر سوريا بسبب روسيا طيلة 5 سنوات.. هل ربح الأسد؟
خاص- دمشق
مع نهاية شهر أيلول الحالي، تَمر خمس سنوات على التدخل الروسي في سوريا، مخلفةً عدداً كبيراً من الضحايا المدنيين، ودماراً هائلاً في البنية التحتية، ومكاسب كبيرة لصالح النظام السوري وروسيا.
أكثر من 20 ألف قتيل نصفهم من المدنيين منذ بداية التدخل الروسي، ولا يزال عدّاد القتل يعمل حتى مع وجود اتفاقية خفض التصعيد الموقعة بين تركيا وروسيا في مدينة إدلب وريفها، إذ قُتل الشهر الفائت ثلاثة مدنيين في قصف للطيران الروسي على مدينة بنّش في ريف إدلب.
بداية التدخل
نهاية شهر سبتمبر 2015 منح مجلس الاتحاد الروسي تفويضاً للرئيس الروسي بوتين للدخول إلى سوريا، وأعلن بوتين أن التدخل الروسي سيقتصر على الضربات الجوية على داعش والجماعات الإرهابية، وهذا التدخل جاء بناء على طلب من رئيس النظام السوري بشار الأسد.
وكان النظام حينها يسيطر على أجزاء صغيرة من البلاد، إلا أن التدخل الروسي ساهم في إعادة سيطرته على أكثر من ثلثي سوريا، بعد عام واحد من التدخل الروسي.
ومع نهاية عام 2019، كان النظام السوري مدعوماً بروسيا مسيطراً على مساحة نحو 71.7% من إجمالي الأراضي السورية.
وتركزت الهجمات الروسية على مناطق تواجد المعارضة السورية الرئيسة، وساهمت في صنع قرارات تمنع وصول المساعدات الإنسانية العاجلة للنازحين السوريين المتواجدين في تلك المناطق، حيث تم إغلاق عدد كبير من المعابر التي كانت نقاط وصل بين النازحين والمساعدات، وخفّض مجلس الأمن الدولي مطلع 2020 وبضغط من روسيا عدد المعابر الحدودية المخولة بإدخال المساعدات الإنسانية الى الشمال السوري من 4 معابر إلى اثنين فقط.
ومنذ التدخل الروسي 30 سبتمبر 2015 حتى 30 أغسطس الماضي، بلغت حصيلة الخسائر البشرية 20187 شخصا، 34% منهم مدنيون، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
كما رصد استخدام روسيا خلال ضرباتها الجوية لمادة "الثراميت"، المكونة من بودرة الألمنيوم وأكسيد الحديد، وتتسبب في حروق لكونها تواصل اشتعالها لنحو 180 ثانية، وتتواجد داخل القنابل التي استخدمتها الطائرات الروسية خلال الأسابيع الأخيرة في قصف الأراضي السورية، وهي قنابل عنقودية حارقة من نوع "RBK-500 ZAB 2.5 SM" تزن نحو 500 كلغ، تلقى من الطائرات العسكرية، وتحمل قنابل صغيرة الحجم مضادة للأفراد والآليات، من نوعRTM يصل عددها ما بين (50 – 110) قنبلة، محشوة بمادة Thermite، التي تتشظى منها عند استخدامها في القصف، بحيث يبلغ مدى القنبلة المضادة للأفراد والآليات من (20 – 30) متر.
ومن بين قتلى القصف الروسي 2098 طفلا، و1317 امرأة، بالإضافة إلى 5239 رجلا، و5405 عناصر من تنظيم داعش، و6128 من الفصائل المقاتلة والإسلامية وهيئة تحرير الشام والحزب الإسلامي التركستاني ومقاتلين من جنسيات عربية وأجنبية.
ملايين النازحين والمهجرين
حسب إحصائية الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن العام الأول من التدخل الروسي في سوريا أسفر عن مقتل 3734 مدني، والثاني 1547، والثالث 958، والرابع 447 قتيلا من المدنيين.
وساهم التدخل الروسي أيضاً بتهجير ونزوح ملايين السكان في المدن الجنوبية إلى مدن الشمال السوري، بعد حصار وقصف وتجويع استمر عامين في مدن درعا والغوطتين الشرقية والغربية، وقدّرت أعدادهم حينها بثلاثة ملايين مدني.
كما أسفر القصف العشوائي عن استهداف مئات المدارس وأكثر من 50 سوقاً شعبياً، و190 مركزاً صحياً، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
خسائر روسيا في سوريا
لم تصدر موسكو أية إحصائية رسمية حول أعداد قتلاها في سوريا، إلا أن رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي، فيكتور بونداريف، قال العام الماضي 2019 إن عدد القتلى بلغ 112 عسكرياً بينهم جنرالات.
كما فقد سلاح الجو الروسي عدداً من الطائرات الحربية التي تم إسقاطها بواسطة المعارضة المسلحة أو سقطت من تلقاء نفسها بسبب عطل فني فيها، كما أسقطت تركيا طائرة جوية روسية كانت محاذية لنقاط توزع الجيش التركي على المناطق الحدودية مع سوريا.
وكانت سوريا ساحة لاختبار العديد من الأسلحة الحديثة لسلاح الجو الروسي، بناء على تصريحات عدد من المسؤولين الروس، حيث أشار وزي الدفاع الروسي سيرغي شويغو في تصريح سابق إلى أن أكثر من 300 نوع من الأسلحة تم تجريبها في سوريا.
و"تبين أن النزاع في سوريا كان ساحة جيدة للتدريب العسكري مع اكتساب مئات الجنود الروس خبرة ميدانية واختبار مئات الأسلحة الجديدة"، حسب مدير معهد كارنيغي في موسكو، ديميتري ترينين.
وقال رئيس اللجنة العسكرية في الجيش الروسي إيغور ماكوشيف أيضاً في وقت سابق، إن قيام بلاده باختبار الأسلحة في سوريا "أتاح لهم إمكانية تحليل قدراتها وتعديل خطط تصميمها وتحديثها".
قواعد جوية وبحرية
وقعت موسكو مع دمشق منتصف عام 2015 اتفاقية سمحت لها بتأسيس قاعدة حميميم الجوية في مدينة اللاذقية على البحر الأبيض المتوسط، وبحسب الاتفاقية فإنها تسمح لروسيا باعتبار القاعدة سيادة لروسيا على الأرض، وتمتد لأربعين عاماً.
وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن النظام السوري اتفق على تأجير مطار القامشلي للقوات الروسية لمدة 49 عاما لاتخاذه مقرا للقوات الروسية على غرار ما حدث في قاعدة حميميم، حيث رصد “المرصد السوري”، بدء القوات الروسية في نقل عددٍ من المروحيات من قاعدة حميميم إلى مطار القامشلي الواقع في شمال شرقي سوريا على الحدود مع تركيا، بالإضافة لنشر منظومات الدفاع الجوي "بانتسير" في المطار لحماية المروحيات.
هل ربح الأسد؟
يقول الناشط الحقوقي السوري نزار محمد لـ"ارفع صوتك" إن التدخل الروسي "ساهم في إنقاذ الأسد لكنه بقي منبوذاً من جميع دول العام".
ويضيف "لا نستطيع أن نصف مرور العام الخامس على التدخل الروسي بأنه ذكرى، إنه مأساة حقيقية، فالتدخل الروسي كان عاملاً حاسماً لصالح النظام السوري وقضى على آمال السوريين الذين خرجوا للساحات مطالبين بإسقاط النظام، اليوم تعمل روسيا دور الوسيط بين النظام والمعارضة، ولكن تدخلها كان في صالح النظام طوال الوقت، نعم تم إنقاذ الأسد من الهزيمة، إلا أن سوريا أصبحت مشلولة الآن وأصبح النظام السوري منبوذ عالمياً ولن يستطيع الوقوف على قدميه مجدداً".