سوريا

تحذيرات من هجوم وشيك في إدلب بعد صفقة روسية تركية

محمد ناموس
28 سبتمبر 2020

حذر معهد دراسات الحرب من هجوم وشيك لقوات النظام السوري على محافظة إدلب، نتيجة صفقة تركية- روسية محتملة.

وأشار المعهد، وهو مركز غير حزبي وغير ربحي مركزه في الولايات المتحدة، في تقريره الصادر الأسبوع الماضي، إلى الاجتماع الأخير الذي جمع تركيا وروسيا في أنقرة في 16 سبتمبر الجاري، واحتمالات شن قوات النظام السوري هجومًا على إدلب.

وقال التقرير إن هناك احتمالًا بموافقة تركية على التنازل عن مناطق تسيطر عليها المعارضة لصالح النظام السوري جنوبي إدلب، مشيراً إلى إمكانية تخلي تركيا عن بعض نقاط مراقبتها هناك.

واعتبر المعهد أن سحب تركيا أسلحتها الثقيلة من إحدى نقاط المراقبة المخصصة لها، سيمثل إعادة نظر في اتفاق خفض التصعيد الذي وقعه الطرفان، في الخامس من مارس الماضي، حيث خضعت إدلب وريفها لاتفاق روسي تركي نصّ على وقف إطلاق النار هناك، وإنشاء ممر آمن على طريق M4، عن طريق تسيير دوريات عسكرية تابعة للطرفين على ذلك الطريق، إلا أن النظام السوري وروسيا لم يلتزما بوقف إطلاق النار واستمر القصف العشوائي على مدن إدلب وريفها طوال الفترة التي تلت الاتفاق.

ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية أن موسكو قدمت عرضًا لأنقرة لتقليص عدد نقاط المراقبة التركية في إدلب، ولم يصل الطرفان إلى اتفاق بهذا الشأن.

ورجح تقرير المعهد أن تكون المناطق التي يحاول النظام استعادتها، هي المناطق الواقعة في جنوب طريق حلب اللاذقية الدولي.

 

موقف المعارضة

من جهته، يقول القيادي في الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا مصطفى سيجري، لـ"ارفع صوتك" إن أي انسحاب للقوات التركية سيتسبب بمأساة للمدنيين السوريين، مشيراً إلى أنه لا وجود حالياً لخيار الانسحاب التركي من النقاط المتواجد فيها.

ويضيف "الوضع الميداني لم يتغير، والحديث عن تفاهمات روسية تركية جديدة لم نسمع به إلا عبر الإعلام، تركيا ما زالت تؤكد على وقوفها الدائم إلى جانب شعبنا في محنته هذه".

ويتابع سيجري "أي انسحاب للقوات التركية أو النقاط التركية سوف يتسبب بمأساة كبيرة جداً بحق أهلنا المدنيين، وسيعرض حياة الملايين للخطر، فالوجود التركي ضمان للجم العربدة الروسية والإيرانية، وميليشيات الأسد غير قادرة على شن عملية عسكرية دون دعم كامل من الروس والإيرانيين".

في المقابل أشار تقرير معهد دراسات الحرب، إلى أن قوات المعارضة ربما تقاتل ضد تقدم قوات النظام السوري، حتى لو امتنعت أنقرة عن تقديم الدعم اللازم لها.

وقال إن تركيا قد تواجه "رد فعل عنيفاً من قبل العناصر المنتمية إلى هيئة تحرير الشام أو الجيش الوطني المدعوم تركيا بسبب تفريطها بالأراضي التي تسيطر عليها الفصائل".

"كما أن انسحاب القوات التركية من أجزاء من إدلب، في سياق الاتفاق مع روسيا، يعني استئناف العمليات العسكرية للنظام السوري خلال الأسابيع المقبلة" حسب التقرير نفسه.

 

إنسانياً

فريق "منسقو استجابة سورية" عمل على توثيق الأوضاع الإنسانية في الشمال السوري ووّق وجود 1293 مخيم، يقطنها مليون و43 ألفًا و689 شخصًا، ويوجد فيها 19 ألفًا و102 من ذوي الإعاقة، وعشرة آلاف و146 امرأة بدون معيل.

وكانت نسبة العجز الكبرى في الاستجابة الإنسانية ضمن المخيمات في قطاع الصحة والتغذية بنسبة 83%، ثم قطاع التعليم 79%، قطاع الحماية 72%، قطاع المياه والإصحاح 69%، قطاع المواد غير الغذائية 59%، قطاع الأمن الغذائي وسبل العيش 52%.

وحسب تقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، الصادر في 13 يوليو الماضي، فإن فيروس كورونا اجتمع مع آثار النزوح المتكرر، والمخاطر الأمنية المستمرة، وانعدام الاستقرار الذي يمثله انخفاض قيمة العملة المحلية، لتزيد من معاناة سكان المنطقة البالغ عددهم 4.1 مليون شخص، 2.8 مليون منهم يعتمدون على المساعدات الإغاثية في معيشتهم.

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".