سوريا

ما التحديات التي يواجهها السوريون في العودة للمدارس؟

محمد ناموس
06 أكتوبر 2020

بدأ العام الدراسي في سوريا وسط انتشار فيروس كورونا المستجد وزيادة أعداد المصابين به بشكل ملحوظ منذ بداية الأسبوع، سواء في المناطق التابعة للنظام السوري أو في مناطق المعارضة السورية.

لكن الوضع السوري مختلف عن باقي دول العالم، فتعدد مناطق السيطرة في سورية جعلت العام الدراسي يبدأ بتواريخ مختلفة حسب الجهة المسيطرة عليها، ففي حين بدأ التعليم في المدارس التابعة للنظام السوري في 13 سبتمبر الفائت، بدأ في مناطق المعارضة السورية في 26 من الشهر نفسه،  أما مناطق الإدارة الذاتية التابعة لقوات قسد، سيبدأ فيها 4 نوفمبر المقبل بعد تأجيله عدة مرات بسبب توسع انتشار فيروس كورونا.

 

أهالي الطلبة

يواجه أهالي الطلبة مشاكل كثيرة في عملية التعليم عن بعد، منها ضعف الإنترنت في مناطق عديدة وعدم توفره أصلاً في مناطق أخرى، وارتفاع ثمن الأجهزة التكنولوجية التي تسمح بالقيام بالتعليم عن بعد، بالإضافة لغياب معظم منشآت البنية التحتية التي توفر التعليم في العديد من المناطق سواء كان بشكل فيزيائي أو عن بعد.

ويأمل عبد الله الحموي من إدلب أن يذهب أولاده للمدرسة ويعودوا سالمين، وفضّل إرسال أبنائه للمدارس لعدم إمكانيتهم حضور الدروس المتوفرة في التعليم عن بعد.

يقول عبد الله لـ"ارفع صوتك": "هناك عشوائية في تنظيم الدروس في التعليم عن بعد ولم أرَ أي فائدة يجنيها أطفالي من ذلك، لغياب التنسيق في الهيئة التدريسية وعدم توفر الإمكانيات اللازمة لذلك".

يضيف "نتمنى من الهيئة التدريسية أن تأخذ بعين الاعتبار كافة الاحتياطات والإجراءات الصحية اللازمة للتباعد بين الأطفال، فالطفل مهما كان لا يمكنه أن يلتزم بشكل دائم بالإجراءات المفروضة".

 

إجراءات وقائية

وعن الإجراءات المتبعة لتأمين الدوام المباشر لطلاب المدارس، أوضح مدير المكتب الإعلامي لمديرية التربية والتعليم في محافظة إدلب، مصطفى الحاج علي أن هناك عدة إجراءات اتخذتها مديرية التربية، منها حصر الدوام بخيارين: إما أن يقسم الطلاب في الصف الدراسي الواحد إلى زمرتين، بتوزيع صباحي ومسائي، أو اللجوء إلى نظام زمرتين كل زمرة تحضر ثلاثة أيام.

وسيوزع طالب واحد في المقعد، مع الحفاظ على التباعد الاجتماعي في الاستراحات والمشاركة في الدروس ودخولهم إلى الصف، والاجتماع الصباحي.

كما عملت فرق الدفاع المدني في إدلب على تعقيم وتنظيف المدارس، بالإضافة لتعقيم المقاعد والصفوف المدرسية وكل الأسطح التي قد يلمسها الطلاب، وستعمل على تقديم كمامات ومعقمات لجميع الطلاب عن طريق التنسيق مع المنظمات الإنسانية العاملة هناك.

 

ماذا عن المخيمات؟

تغيب العملية التعليمية عن عشرات المخيمات في ريف إدلب الشمالي، ما دفع العديد من المعلمين القاطنين في المخيمات لتدريس الطلاب في خيامهم، وسط غياب التنسيق مع أي جهة تعليمية ترعاهم.

يقول المدرّس عبد الله الحمصي وهو أحد المدرسين المتطوعين في مخيمات الشمال، إنه بدأ مع خمسة آخرين بتدريس الطلاب بشكل تطوعي خوفاً عليهم من التسرب المدرسي، وسط غياب الإشراف من أي جهة رسمية على عدد من المخيمات، وفقدان القرطاسية فيها.

وفي نفس السياق، قالت منظمة "World Vision" الدولية العاملة في مناطق الشمال السوري، إن زيادة الإصابات بكورونا في شمال غربي سوريا وصلت إلى مستويات مثيرة للقلق، حيث يتم الإبلاغ عن 100 حالة جديدة كل يوم مع وجود 2.7 مليون شخص نازح في المنطقة.

من جهتها، مديرية الصحة المدرسية في مناطق سيطرة النظام السوري سجلت وجود عشر إصابات بفيروس كورونا بين صفوف الطلاب والمدرّسين، منذ بداية العام الدراسي الحالي.

ونشرت وزارة التربية بيانًا قالت فيه إن فريق الترصد أكد إصابة طفلة بالصف الخامس الابتدائي بالفيروس، بعد إجراء الفحوص اللازمة، إثر ظهور أعراض عليها من قبل فريق الترصد الوبائي.

وسجل الشمال السوري، أمس الاثنين، 69 إصابة جديدة، ما رفع أعداد الإصابات إلى 1294 إصابة مؤكدة، بينما وصل عدد الوفيات إلى 14 وفاة، حسب إحصائيات وحدة تنسيق الدعم العاملة في الشمال السوري.

ووفق أرقام منظمة "يونيسف" الصادرة في تقريرها المعنون "سوريا .. سنة جديدة من الأزمات"، فإن نصف المدارس في إدلب مدمرة، أو تُستخدم لإيواء النازحين داخليًا.

وأشارت تقديرات المنظمة في التقرير إلى أن 398 ألف طالب نزحوا منذ بداية العام الحالي، وأن أكثر من 300 ألف طالب تأثروا بسبب فيروس كورونا المستجد. 

وبلغ عدد الإصابات بفيروس كورونا في المناطق التابعة للنظام السوري 4411 إصابة، و1168 حالة شفاء، و207 حالة وفاة، حسب بيانات وزارة الصحة في حكومة النظام السوري.

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".