كان "مصدر الفتاوى".. هيئة تحرير الشام تشن هجوما على المقدسي
أصدر المجلس الشرعي العام لهيئة تحرير الشام بيانًا أوضح فيه موقف "الهيئة" من الشيخ عاصم البرقاوي، الملقب بـ"أبو محمد المقدسي"، سبقه جدال طويل بين أنصار المقدسي وأنصار تحرير الشام، على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرته الهيئة في بيانها أنه من الشخصيات التي كان لها أثرها السيء في سوريا.
ويُعتبر المقدسي أحد مرجعيات الجهاديين حول العالم، وكانت الهيئة تعتبره مرجعية دينية رئيسية لها وكانت تدرّس مناهجه وكتبه في صفوفها، كما درّست في معسكراتها كتبه في التوحيد والعقيدة والتحذير من الغلو.
وسجلت الهيئة ملاحظاتها حول المقدسي في البيان المنشور خلال أكتوبر الحالي وتمثّلت في " إثارته للفتن في الساحات الجهادية، سواء في أفغانستان أو العراق، وإطلاقه عبارات التكفير والعمالة والخيانة، وانحيازه لجماعة الخوارج (تنظيم داعش)، والفجور في الخصومة وعدم مراعاة فقه الخلاف ولا أدبه".
وجاء في البيان "ليس منا ولسنا منه، ولا على طريقته، ونفرق بين منهجه البدعي في التوحيد، وبين منهج التوحيد الذي تلقيناه عن أهل العلم سلفا وخلفا، نبرأ إلى الله من منهج المقدسي وسلوكه".
وردّ المقدسي عبر قناته على تليغرام بمنشور قال فيه "ثبت لدينا ظلم وظلمات أمني هيئة تحرير الشام، بل وتعاونهم مع الاستخبارات التركية في تفاصيل تحقيقاتهم مع المسلمين، من أعان الاستخبارات التركية على المسلمين، فقد ارتكب ناقضا من نواقض الإسلام المعروفة".
وبررت "هتش" أي هيئة تحرير الشام بيانها بأنه توضيح لموقفها منه، "وواجب للدفاع عن الأمة، بعد تدخل أشخاص من خارج الحدود، أدت فتاواهم إلى تمزيق الممزق وزيادة الشرخ"، حسب تعبيرها.
في المقابل، ذكر ناشطون على مقربة من المقدسي، أن معظم من يطعنون بماضيه اليوم، كانوا يعرفون تلك الأحداث التي جرت سابقًا ومطلعين عليها، ومع ذلك قدموه كمرجعية لهم.
إرث القاعدة الثقيل
الباحث المتخصص في الفكر الإسلامي وشؤون الجماعات الإسلامية، عباس شريفة، استعرض في حديثه مع "ارفع صوتك" العلاقة بين "تحرير الشام" والمقدسي، وأشار إلى أن المقدسي شكّل أهم مرجعية لـ"تحرير الشام" عندما كانت تحت مسمى "جبهة النصرة"، حيث كان التنظيم يوظف فتاوى المقدسي في حشد عناصره وخصوصا أصحاب الفكر المتشدد لقتال فصائل المعارضة.
وأوضح أن التنظيم استفاد أيضا من فتوى المقدسي بعدم شرعية إعلان "دولة الإسلام في العراق والشام"، وإعلان التأييد لـ"جبهة النصرة" عندما كانت مبايعة لـ"القاعدة" في حينها"، بحسب تعبيره.
وغالبا ما تحدث خلافات وانشقاقات داخل التنظيمات المتطرفة وخلافات بين تنظيمات وأخرى.
وأضاف الباحث شريفة "في ذلك الوقت كانت هناك منفعة متبادلة لكليهما من التحالف، حيث وجد تنظيم تحرير الشام في المقدسي مرجعية ذات تأثير كبير لتغذيته بالفتاوى والمبررات الشرعية للقضاء على فصائل المعارضة منها حركة حزم، وجبهة ثوار سوريا، والفرقة ١٣، وبقي الأمر هكذا".
وتابع شريفة: "إلى أن تم الإعلان عن جبهة فتح الشام، التي كانت أولى مؤشرات الفرقة وفك الارتباط التنظيمي بين تحرير الشام والقاعدة، وهنا كان موقف المقدسي مؤيدا لـ تحرير الشام في فك ارتباطه بالقاعدة، لكنه سرعان ما انقلب على التنظيم، بسبب الخلافات بين زعيمه أبو محمد الجولاني، وبين زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، على خلفية فك الارتباط بينهما عام 2016، حيث خرج الظواهري بخطاب أعلن فيه عدم شرعية الخطوة التي قام بها الجولاني واصفا إياه بالناكث بالعهود".
وبحسب الباحث، فإن "الأمر تطور بعد تنسيق النصرة مع الجيش التركي ليتحول خطاب المقدسي إلى مفاصلة تامة مع تحرير الشام وصف فيها فعلهم بالناقض من نواقض الاسلام وتكفيره لها بعد الاتهام بالتحالف مع تركيا وحلف الناتو، مما استفز تحرير الشام جدا، وكان لا بد من الرد عليه، كنوع من التعبير عن المفاصلة مع المقدسي ووصفه بمثير الفتن وشيخ الدواعش وناشر فكر الغلو والتشدد".
ويرى شريفة أنه ورغم استخدام هيئة تحرير الشام لفتاوى المقدسي سابقاً، إلا أن التنظيم يتجه اليوم للتخلص من "إرث القاعدة الثقيل"، وخصوصا أن حديث المقدسي يشكل تهديدا له، حيث يعطي حديثه "الشحن العقدي للتنظيمات المتشددة بضربها وتحول الصراع معها إلى قتال لمجموعة مرتدة وليست مجرد تنظيم يمارس الظلم والبغي، ولذلك وُصف المقدسي بمثير الفتن"، وفق تعبيره.
وكانت هيئة تحرير الشام أعلنت عن فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، في كانون الثاني عام 2016، وغيرت اسمها إلى جبهة فتح الشام، وفي كانون الثاني 2017، أُعلن عن تشكيل هيئة تحرير الشام بعد اندماجها مع جبهة "أنصار الدين" و"جيش السنة" و"لواء الحق" وحركة "نور الدين الزنكي".