سوريا

الأمم المتحدة: الحرائق دمرت 90 كيلومتر مربع من الأراضي السورية

محمد ناموس
22 أكتوبر 2020

أصدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، تقريرًا يرصد الخسائر في سوريا جرّاء الحرائق التي اندلعت مطلع أكتوبر الحالي في جبال مدن اللاذقية وطرطوس وحمص.

وامتدت الحرائق لتصل للمناطق الحدودية السورية التركية، وبالفعل وصلت إلى الداخل التركي في إقليم هاتاي التركي المحاذي للحدود السورية.

وبدأت الحرائق بالاندلاع أسبوعين، ووصفتها حكومة النظام السوري بأنها "الأكبر في تاريخ سوريا".

ووصل عدد الحرائق المسجلة في هذه الجبال إلى 156 حريقاً في مدينة اللاذقية لوحدها، واثنا عشر حريقاً في مدينة حمص، وعشر حرائق في مدينة جبلة الساحلية، و49 حريق في مدينة طرطوس.

وتسببت الحرائق بوفاة أربعة مواطنين، ونحو مئة حالة اختناق، وخسائر كبيرة في البيوت البلاستيكية وأراضي مزروعة بالأشجار المثمرة والفواكه، وخسائر كبيرة في الماشية.

وأظهرت الخريطة التي نشرتها الأمم المتحدة أماكن الحرائق في هذه المدن.

وبحسب التقرير، فإن 140 ألف شخص أي ما يعادل 28 ألف أسرة تضرروا بشكل مباشر من الحرائق من خلال تدمير أراضيهم الزراعية وممتلكاتهم الخاصة بهم، وفقدان البنية التحتية في مدنهم، كما تم تسجيل نزوح أكثر من 25 ألف شخص بسبب الحرائق، إضافة إلى إخلاء بعض القرى بشكل كامل، 

كما تم تسجيل وفاة أربع أشخاص بحسب الجهات الرسمية في المنطقة، بالإضافة لـ79 شخص تم نقلهم إلى المستشفيات، كما تم الإبلاغ عن تدمير أكثر من 9000 هكتار (90 كم مربع) من الأراضي الزراعية والغابات.

وتم الإبلاغ عن أضرار جسيمة لشبكات الكهرباء والمياه في اللاذقية، مع انقطاع التيار الكهربائي عن بعض المناطق لمنع المزيد من الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية.

ولا تزال غالبية النازحين تعيش مع أسر مضيفة، علماً بأنه تم افتتاح ثلاث مدارس في قرى دير زينون والفاخورة وعين العروس في اللاذقية كملاجئ طارئة لـ 400 شخص، كما ورد أن 1500 شخص قد عادوا إلى منازلهم، بحسب الأمم المتحدة.

 

قطاع التبغ

يعتبر التبغ المحصول الزراعي الثالث في سوريا، ويعمل في زراعته أكثر من 60 ألف مزارع، وكان هذا القطاع من أكثر المتضررين أيضاً من الحرائق، حيث يعتمد عدد كبير من أهالي هذه المناطق على زراعته وصناعته وبيعه.

وفي تصريح للمدير العام للمؤسسة العامة للتبغ التابعة للنظام السوري، محسن عبيدو، قال إن "التقديرات الأولية للخسائر تقدر بـ1500 طن من التبغ، وهذه التقديرات غير نهائية حتى يتم حصر جميع الأضرار".

ولفت عبيدو إلى أن النيران التي شبت في محيط مستودعات المؤسسة العامة للتبغ بمنطقة القرداحة بريف اللاذقية امتدت إلى داخل أحد المستودعات، وأتت على مستودع للتبغ الخام مؤلف من أربعة طوابق مساحته 1600 متر مربع.

 

إحصائيات رسمية

وزير الزراعة في حكومة النظام السوري محمد حسان قطنا قال إن العدد النهائي للحرائق بلغ 171 حريقًا، في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية، وحدثت أربع وفيات بسببها.

وأضاف الوزير قطنا أن فرقًا ومجموعات بدأت عملها لحصر أضرار الحرائق، وأن الأضرار توزعت بين أشجار حراجية ومثمرة وبيوت بلاستيكية بنسب متفاوتة حسب المحافظة وموقع الحريق، والضرر الأكبر حدث يوم الجمعة فخلال 5 ساعات احترق 600 هكتار في موقع حراجي واحد نتيجة سرعة الرياح، وامتدت النيران وأحرقت أشجار زيتون تشكل جهد 30 - 40 سنة للفلاحين احترقت مع إنتاجها وفيها ضرر كبير للفلاحين الذين كانوا ينتظرون هذا الإنتاج.

#وزير_الزراعة المهندس محمد حسان قطنا خلال لقائه على قناة السورية في برنامج حلقة وصل: العدد النهائي للحرائق التي نشبت...

Posted by ‎الإعلام الزراعي في سورية‎ on Sunday, October 11, 2020

وأعلنت مديرية الزراعة في محافظة اللاذقية منتصف الشهر الحالي الحصيلة النهائية للأضرار الناجمة عن الحرائق التي اندلعت في المحافظة.

وقال مدير الزراعة في اللاذقية، منذر خير بك، لصحيفة "تشرين" الرسمية، إن اللجان أنهت عملها بحصر أضرار الحرائق الأخيرة، والحصيلة النهائية في محافظة اللاذقية وحدها وصلت إلى تضرر 13 ألف مزارع في 144 قرية، وتدمير 4500 طناً من محاصيل الزيتون، و84 طناً من التفاح، وأكثر من مليون شجرة احترقت بشكل كامل، ونفوق 65 بقرة، وتضرر 240 رأس ماشية، وأكثر من 7000 هكتار من الأراضي المتضررة فقط في محافظة اللاذقية.

وأشار إلى تضرر 6799 خلية نحل و545 ألف متر من خراطيم المياه الزراعية و855 متراً من شبكات الري و3 مولدات كهربائية و1 طن من الأعلاف.

 

تعويض المتضررين

بحسب وكالة الأنباء السورية التابعة لحكومة النظام (سانا)،  خصصت الوزارة مبالغ كبيرة لإنجاز مشاريع خدمية في قطاع الإدارة المحلية في القرى والبلدات المتضررة وفق احتياجات وأولويات كل قرية وبلدة، بتوجيه من رئيس النظام السوري، بشار الأسد.

وقال وزير الإدارة المحلية والبيئة، حسين مخلوف، في تصريحه للوكالة، إن الأسد خصص مبلغ عشرة ملايين ليرة لكل قرية متضررة، على أن يختار أهل القرية المشروع الخدمي الذي يحتاجون إليه ويعتبرونه أولوية بالنسبة لهم، وذلك بعد جولته على القرى المتضررة.

وأضاف الوزير،  أن الوزارة خصصت بناء على ذلك مبلغ مليار و530 مليون ليرة لمحافظة اللاذقية تغطي 153 قرية متضررة من الحرائق في المحافظة، ومبلغ 840 مليون ليرة لمحافظة طرطوس تغطي 84 قرية متضررة فيها.

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".