سوريا

وفاة ثمانية خلال الصيف.. دعوات دولية لإجلاء 2000 طفل من مخيم الهول

محمد ناموس
27 أكتوبر 2020

يأتي شتاء عام 2020 على مخيمات الشمال السوري وسط ظروف مأساوية تعيشها، من قلة الدعم الموجه إلى  التشديدات الأمنية على المعابر الحدودية بين سوريا وتركيا.

وبدأ أهالي المخيمات بترقيع خيامهم استعداداً لاستقبال فصل الشتاء، للحد من دخول المياه إليها.

مخيم الهول الواقع شرقي محافظة الحسكة قرب الحدود السورية العراقية، يضم آلاف اللاجئين السوريين والعراقيين، بينهم زوجات وأطفال مقاتلي داعش، تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية.

وعن حياة نحو ألفي طفل من أبناء داعش في المخيم، نشرت صحيفة "تليغراف" البريطانية تقريراً، قالت فيه إنهم "يعيشون ظروفاً مروعة وقاسية، بناء على شهادات حصلت عليها من أهالي الأطفال المتواجدين في بريطانيا والذين يطالبون باستخراج هؤلاء الأطفال من المخيم بكفالات يقدمونها لهم".

ونقل التقرير مخاوف عائلات الأطفال في دولهم الأصلية، مثل البريطانية تشارلين جاك هينري، التي نادت حكومة بلادها باستعادة حفيدتها، بعد أن ذهبت ابنتها إلى معاقل داعش في سوريا والعراق.

وقالت تشارلين جاك هنري "على الوزراء واجب رعاية هؤلاء الأطفال الذين تم جرهم إلى مناطق حرب ضد إرادتهم أو رغما عنهم من قبل عرائس داعش في بريطانيا".

وأضافت هنري في حديثها لـ"التلغراف": "هؤلاء الأطفال أبرياء، إنهم بريطانيون والحكومة البريطانية مدينة لهم بواجب العناية. يجب أن يعودوا إلى هنا، الظروف في المخيم مروعة وأنا قلقة من أن هؤلاء الفتيات الثلاث الصغيرات (حفيداتها) لن يبقين على قيد الحياة لفترة أطول".

 

الصليب الأحمر

بدورها، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر  إن الآلاف من النساء والأطفال الذين تقطعت بهم السبل "يعيشون ظروفا مروعة في مخيم الهول، ويجب أن يكون هذا الملف أكثر أولوية بالنسبة لدول العالم".

ونادت اللجنة الحكومات ببذل المزيد من أجل إنقاذ الأطفال العالقين في المخيم، بعدما استقر الحال بأمهاتهم الحال هناك.

وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر: "يتعين على جميع البلدان بذل كل الجهود الممكنة لإعادة مواطنيها إلى وطنهم بشكل قانوني واحترام الحقوق الأساسية".

"كما يجب أن يكون مصير آلاف النساء والأطفال الذين تقطعت بهم السبل أو احتجزوا في ظروف مروعة أولوية بالنسبة لجميع البلدان".

وتابعت اللجنة  "من الضروري معاملة الأطفال أولاً وقبل كل شيء كضحايا، بغض النظر عمن ارتبطوا هم أو آباؤهم ".

 

"ارتفاع عدد الوفيات"

في تقرير "التلغراف" أيضاً، ورد أن معدلات وفيات الأطفال في المخيم "ارتفعت، خاصة من هم دون سن الخامسة، بحيث تضاعف الرقم ثلاث مرات عما كان عليه في بداية عام 2020".

وتوفي ثمانية أطفال دون سن الخامسة في المخيم في غضون خمسة أيام خلال الصيف الماضي، حيث تراجعت الخدمات الصحية والغذائية بشكل سريع، وكان بينهم طفلان عراقيان وطفل سوري وثلاثة على الأقل من جنسيات أجنبية.

بدورها، أعلنت منظمة "أنقذوا الأطفال" أن وفاتهم مرتبطة بأسباب مثل "قصور القلب والنزيف الداخلي وسوء التغذية الحاد".

وقالت سونيا كوش، مديرة استجابة منظمة إنقاذ الطفولة في سوريا "يجب اتخاذ إجراءات فورية من قبل جميع الأطراف لمنع المزيد من المآسي".

"إننا نشهد فشلًا جماعيًا على جميع المستويات لحماية الأطفال" تقول كوش.

وكانت الحكومة البريطانية أعلنت أنها لن تعيد إلا الأيتام أو الأطفال غير المصحوبين بذويهم من المعسكرات في سوريا "بشرط عدم وجود خطر على الأمن القومي البريطاني"، وفق تعبيرها.

واستطاعت دول أخرى بجهود مخابراتية استخراج عدد من العائلات وأطفالهم بكفالات معينة من المخيم.

 

مخيم الهول

إبان حرب الخليج افتتحت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مخيم الهول أوائل العام 1991 جنوب بلدة الهول، الواقعة على بعد 40 كم شرق مدينة الحسكة شمال شرق سوريا، حيث استقبل المخيم ما لا يقل عن 15 ألف لاجئ من العراق، بينهم فلسطينيون طردوا من الكويت.

وعندما سيطر تنظيم داعش على المخيم حوّله إلى سكن لعائلاته الأجنبية بعد سيطرته على مناطق واسعة شمال سوريا في ذلك العام، إلا أن قوات قسد سيطرت عليه بشكل رسمي عام 2016 وحولته إلى مخيم للاجئين من سوريا والعراق، وبلغ عدد قاطنيه عام 2017 قرابة 20 ألفا.

وكانت منظمة "اليونيسيف" العالمية أصدرت بياناً قالت فيه إن "نحو ثلاثة آلاف طفل ينتمي أهلهم إلى 43 بلداً مختلفاً حول العالم، يعيشون في مخيم الهول".

وأكدت الأمم المتحدة أن أكثر من 211 طفلاً قضوا في طريقهم إلى المخيم بين شهري ديسمبر 2018 وأبريل 2019.

كما طالب منسق الشؤون الإنسانية الإقليمي التابع للأمم المتحدة بانوس موتيس، الحكومات بالمساعدة في تحديد مصير الأطفال الأجانب في مخيم الهول، وقال في مؤتمر صحفي "يجب معاملة الأطفال أولاً وقبل كل شيء كضحايا، ويجب العمل على حلول أساسها المصلحة العليا للأطفال بغض النظر عن عمرهم أو جنسهم أو أي انتماء عائلي".

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".