سوريا

ياباني مضرب عن الطعام من أجل المعتقلين السوريين

محمد ناموس
29 أكتوبر 2020

بدأ الباحث الأكاديمي الياباني إيتشيكو يامادا، أمس الأربعاء، الإضراب عن الطعام أمام السفارة الروسية في برلين، تضامناً مع المعتقلين السوريين في سجون النظام برئاسة بشار الأسد.

واختار يامادا السفارة الروسية مكاناً لإعلان إضرابه بسبب دور روسيا وانخراطها المباشر بالأعمال العسكرية في سوريا، بالإضافة لنفوذها على النظام الحاكم.

 

ويطالب يامادا، في إضرابه المقرر أن يستمر لأربعة أيام، بالإفراج الفوري عن أكثر من 130 ألف معتقل ومعتقلة ومغيبين قسرياً، والمطالبة بالعدالة لضحايا الاعتقال من سجون النظام، والملاحقة القضائية لمرتكبي هذه الجريمة، وستُعرَض صور المعتقلين السوريين أثناء حملة الإضراب عن الطعام، وتقدَّم الورود وتُضاء الشموع تخليدًا لذكرى المعتقلين.

ونقلت صحيفة "عنب بلدي" المحلية عن الباحث الأكاديمي قوله إنه يهدف من خلال نشاطه، إلى لفت انتباه العالم لقضية المعتقلين السوريين، وذلك للمطالبة بالإفراج الفوري عنهم من مراكز الاعتقال داخل سوريا، وإظهار التضامن مع ضحايا هذه الجريمة.

ويرى يامادا، أن هذه الحملة يمكن أن تحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع، حتى وإن كانت بطيئة، لأنها "المرة الأولى التي يضرَب فيها عن الطعام من قبل أشخاص غير سوريين لقضية سورية علناً، وهذا من شأنه لفت الإعلام الغربي لملف حقوق الإنسان في سوريا" حسب قوله.

وهذه الحملة يمكن أن تتبعها حملات أخرى من الإضراب عن الطعام لمدة زمنية معينة من أجل التضامن مع المعتقلين ومحاربة تجريدهم من إنسانيتهم، خاصة أن هذه الحملة تتزامن مع استمرار الاتحاد الأوروبي بمحاكمة جرائم الحرب في سوريا، وتحديدًا في ألمانيا التي تشهد منذ أبريل الماضي، أول محاكمة لمسؤولين سابقين في المخابرات السورية بسبب جريمة تعذيب المعتقلين في دمشق، حسب يامادا.

وقال "تعلمت من كل الناجين الذين قابلتهم دروساً في معنى أن تكون إنساناً، وأهمية العيش بكرامة، فأنا أرى فيكم الأمل لهذا العالم المنهار".

 

من هو إيتشيكو يامادا؟

أسس يامادا منظمة "اليابان تتضامن مع سوريا"، للتعبير عن التضامن مع الشعب السوري في ثورته، كما نال درجة الماجستير من جامعة طوكيو بتخصص دراسة الإبادة الجماعية.

وبعد ثلاث سنوات من العمل والبحث، حملت أطروحته عنوان "دراسة حول آلية الإبادة الجماعية في إطار المفهوم الأوسع.. قضية أعمال الإبادة ضد المدنيين في الثورة السورية".

وأوردت الدراسة المتخصصة التي قدمها يامادا إلى أن ما حدث في سوريا، وفي سجون نظام الأسد بشكل خاص، ليس مجرد انتهاكات جماعية لحقوق الإنسان، وليس عنفاً روتينياً يحدث عادةً في مناطق الحروب والنزاعات، ولكنه عمل ممنهج ومتعمد للإبادة، بنية مقصودة عن طريق سلسلة من التعليمات الواضحة من القيادات العليا.

ترافق إضراب يامادا عن الطعام مع حملة أطلقها ناشطون وحقوقيون سوريون تهدف للتضامن مع المعتقلين السوريين للتذكير بهم ولفت أنظار العالم إليهم والعمل على تفعيل أكبر لملفهم في المجتمع الدولي، وشارك في الحملة ممثلون سوريون وناشطون في حقوق الإنسان، من خلال إضاءة شمعة في الظلام وتوجيه كلمة للمعتقلين.

 

 

 

وكانت منظمات حقوقية دولية عدة وثقت الممارسات الأمنية والجرائم بحق المعتقلين، كمنظمة العفو الدولية التي وصفت ما يحدث في سجون النظام بـ"المسلخ البشري".

وبحسب بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، مازال في مراكز الاعتقال التابعة لنظام الأسد نحو 130 ألف معتقل سوري، منذ مارس 2011 حتى نظيره 2020، بينهم 7913 امرأة و3561 طفلًا.

 

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".