سوريا

سوريون: أقفاص طوابير الخبز "إذلال حكومي جديد" للشعب

محمد ناموس
02 نوفمبر 2020

أثارت صور أقفاص الحديد التي تم وضعها لتنظيم دور الحصول على حصة الخبز في العاصمة السورية دمشق، غضب وصدمة العديد من رواد شبكات التواصل الاجتماعي، والناشطين السوريين.

وتظهر الصورة عشرات الأشخاص متراصين داخل قفص بهدف تنظيم دور الخبز، واعتبرها البعض "طريقة جديدة لإذلال الشعب السوري".

وكانت إدارة المخابز في العاصمة دمشق وضعت أقفاصاً من حديد تهدف لتنظيم الدور بين المواطنين، ووجه نشطاء سوريون انتقاداتهم لهذه الأقفاص بسبب ما وصفوه بـ"العقلية الأمنية التي تنظم حياة المواطن السوري من يوم استلام الأسد للسلطة".

يقول الناشط السوري عروة الخولي في حديثه مع "ارفع صوتك": "من يوم استلام عائلة الأسد للسلطة في سوريا، بدأت تحكم البلاد بالسجون والأقفاص، وهذا الحالة ليست غريبة عليهم فهم يتعمدون تعويد المواطنين البسيطين على الذل لإخضاعهم لهم".

 

وبحسب تصريح مدير مخابز دمشق، نائل اسمندر، لوسائل إعلام محلية، "هذه الطريقة استخدمت لتنظيم الأدوار فقط، وللفصل بين الرجال والنساء وجنود الجيش، كما أن ثقافة الدور غير موجودة في سوريا".

ونقلت صفحة "ألوان سورية" المحلية عبر الفيسبوك الخبر، ووصفته بأنه "آخر صيحات تنظيم دور الخبز في سوريا" وكأنها "أقفاص في حديقة للحيوانات أو أحد السجون".

وانتقدت الصفحة عبر منشورها الأقفاص بأنها لا تراعي معايير السلامة التي تنادي بها وسائل الإعلام الحكومية بشكل يومي وتناقضها.

تقول "لماذا هذا الانفصام عن الواقع أتراها هذه الأقفاص تُراعي هذه القواعد وأتراها تحلّ مشكلة الازدحام ؟!، أليس الأفضل استبدال الأقفاص بنقاط على الرصيف يكون البعد بينها متر والأشخاص تقف على هذه النقاط ؟".

#أقفاص_أفران_إبن_العميد للوهلة الأولى اعتقت انها خارج سورية و لكن بعد التدقيق نظرت أن هذا آخر صيحات تنظيم دور الخبز .....

Posted by ‎ألوان سورية‎ on Wednesday, October 28, 2020

 

وتشهد مناطق سيطرة النظام أزمة في توفير الخبز، التي اشتدت مع فقدان الطحين والقمح اللازم لإنتاج الخبز.

وفي وقت سابق أعلنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك التابعة للنظام، بدء بيع الخبز عبر البطاقة الذكية وفق نظام الشرائح، في جميع مخابز دمشق وريفها واللاذقية.

 

 

وتشهد أفران الخبز في مناطق سيطرة النظام ازدحاما شديداً، حيث يضطر المواطنون السوريون للانتظار ساعات طويلة للحصول على حصتهم من الخبز، وفي حال لم يرغب المواطن السوري بالحصول على ربطة الخبز من الأفران بمبلغ خمسين ليرة، سيحصل عليها من الأسواق بمبلغ قد يصل إلى ألفي ليرة سورية.

المواطن السوري أحمد.م رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية، ذكر لـ"ارفع صوتك" معاناته في الحصول على حصته من الخبز بشكل يومي.

يقول أحمد "أقف لساعات طويلة على الطابور يومياً، وفي إحدى المرات انتظرت أكثر من ثمانية عشر ساعة، وأحياناً أذهب لأنتظر في ساعات الصباح الباكر لأضمن حصولي على الخبز مبكراً".

وانتشر وسم "أقفاص أفران ابن العميد" على وسائل التواصل الاجتماعي، للتعبير عن الاستياء تجاهها.

ومن جهة أخرى، أعرب آخرون عن قلقهم في ظل تجاهل الإجراءات الوقائية للحد من انتشار فيروس كورونا، ووصف البعض هذه الطريقة بـ"العبودية والذكاء الخارق الذي لم يصل إليه أحد آخر".

#أقفاص_أفران_إبن_العميد كيف هيك بينحطوا الناس بأقفاص ⁉️ كيف قدرتوا تعملوا هالشي وكيف خطرتلكن هالطريقة الذكية جداً ⁉️ ...

Posted by ‎اسواق جرمانا‎ on Wednesday, October 28, 2020

 

في نفس السياق، تصف السورية عهد هذه الأقفاص بأنها "آخر مرحلة من الإهانة يمكن أن يصل إليها الشعب السوري".

ووصف آخر ساخراً طابور الحصول على الآيفون الجديد بأنه "يجب على القيادة الحكيمة التي وفرت آيفون 2021 توفير الطحين لإنهاء طوابير الخبز التي وصل عدد المواطنين على كل طابور 2021 مواطن".

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".