سوريا

سوري يحرق نفسه أمام مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان

05 نوفمبر 2020

أضرم لاجئ سوري النار بنفسه الخميس أمام مقر مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في بيروت، قبل أن يتم إنقاذه ونقله إلى مستشفى لتلقي العلاج، وفق ما أكد متحدث باسم المنظمة لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقالت المفوضية في بريد الكتروني "في حادثة مأساوية هذا الصباح، أضرم لاجئ سوري النار بنفسه قرب مركز استقبال للمفوضية في بيروت".

وأوضحت أنّ رجال الأمن في المفوضية عملوا على إنقاذه قبل أن ينقله عناصر الدفاع المدني اللبناني إلى المستشفى لتلقي الرعاية الطبية.

ولم تحدّد المفوضية الأسباب التي دفعته إلى إضرام النار بنفسه، إلا أن مصدراً أمنياً قال إن الرجل البالغ من العمر 58 عاماً حاول قتل نفسه لعدم قدرته على توفير الرعاية الطبية لطفلته المصابة بمرض عضال.

ويقدّر لبنان وجود 1,5 مليون لاجئ سوري على أراضيه، نحو مليون منهم مسجلون لدى مفوضية شؤون اللاجئين.

ويعيش هؤلاء في ظروف إنسانية صعبة، فاقمتها الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان منذ أكثر من عام، ثم تفشي فيروس كورونا المستجد وأخيراً انفجار المرفأ المروّع.

وبات أكثر من نصف سكان لبنان يعيشون تحت خط الفقر مع فقدان عشرات الآلاف وظائفهم أو مصادر دخلهم على وقع الانهيار الاقتصادي المتسارع وتراجع قدرتهم الشرائية مع تدهور سعر صرف الليرة.

ولم يبق اللاجئون والفئات المهمّشة بمنأى عن تداعيات الأزمة.

وحاول العشرات منهم خلال الأشهر الأخيرة الهروب بطريقة غير شرعية عبر البحر داخل قوارب غير مجهزة باتجاه قبرص.

وفي قبرص، وفي خضم أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، يوضع المئات من طالبي اللجوء أمام خيار شبه مستحيل، هو المكوث في مخيم للاجئين مكتظ، أو العودة إلى بلادهم.

ويخير المهاجر بين "استقلال حافلة (تتجه به إلى المخيم)، أو التوقيع على ورقة تفيد بأنه يريد العودة إلى بلده"، وفق ما تحدث به مهاجرون للفرنسية.

وفي السابق كان المهاجرون يمكثون في غرف فنادق في ايانابا (جنوب-شرق) ونقلتهم السلطات القبرصية في حزيران/ يونيو الماضي فجأة إلى مخيم في الجزيرة.

ولتبرير عمليات النقل المفاجئة، تقول السلطات القبرصية إنّها صارت عاجزة عن تكلف مبلغ 19 مليون يورو لضمان مساكن للمهاجرين.

ويقول وزير الداخلية نيكوس نوريس للفرنسية، إنّه مقابل عدد سكان قبرص الذي يقرب من مليون نسمة "لدينا عدد لا يستهان به من المهاجرين، و75% منهم ليسوا من اللاجئين".

ورغم مرور أكثر من 10 أعوام على الحرب السورية، مخلّفة مأساة إنسانية هائلة ودماراً واسعاً، إلا أن الجهود الدولية المبذولة لم تفلح في التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع توقف معاناة المدنيين.

وأودت الحرب بحياة أكثر من 384 ألف شخص بينهم أكثر من 116 ألف مدني، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وبين القتلى المدنيين أكثر من 22 ألف طفل.

كما خلّفت عدداً كبيراً من الجرحى والمعوقين عدا عن عشرات آلاف المعتقلين والمفقودين.

وبحسب الأمم المتحدة، نزح أكثر من ستة ملايين سوري داخل البلاد يقيم عدد كبير منهم في مخيمات عشوائية.

بينما بات أكثر من 5,6 مليون سوري لاجئين في دول أخرى، لا سيما لبنان وتركيا والأردن.

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".