سوريا

تجنيد شبان سوريين للذهاب فنزويلا.. تحقيق يكشف أدق التفاصيل

20 نوفمبر 2020

ضمن مجموعة عامة عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" يدور حديثٌ بين عشرات الشبان السوريين، من مختلف المناطق والمدن السورية، حول آلية "العمل مع الأصدقاء الروس" من أجل الذهاب إلى فنزويلا، في عمليات "عرض وطلب" باتت على العلن وليس بالخفاء كما في السابق، فيما يخص عروض القتال في ليبيا.

أسئلةٌ واستفسارات ركّزت بمجملها على مضمون العقود التي يتم توقيعها، والأطراف التي تضمن استلام المبالغ المالية، وبينما عرض بعض الشبان تجاربهم في التسجيل وانتظار السفر، كان هناك آخرون يطلبون التواصل معهم من أجل التنسيق أيضا للخروج "بشكل مضمون"، ووفق ما تبيّنه حساباتهم الشخصية عبر "فيسبوك"، فإنهم عناصر متطوعون في "الجيش السوري".

تحمل المجموعة العامة اسم "مجموعة للعرب في فنزويلا"، بحسب ما رصد "موقع الحرة"، وبدأ النقاش فيها بشأن سفر الشبان، منذ أكتوبر 2020، وفي مقابلها كان هناك مجموعات عامة وأخرى خاصة عبر "فيسبوك" يتولى إدارتها أشخاص يعيشون في مناطق سيطرة النظام.

من بينها مجموعة "شو بدك تشتغل؟"، والتي كانت قد نشرت إعلانا لشركة "صيادو داعش" الأمنية، في 28 من أكتوبر الماضي، يتضمن عرضا للالتحاق ضمن مجموعات عسكرية من أجل "حراسة منشآت نفطية" في فنزويلا، لقاء الحصول على راتب شهري بقيمة 1000 دولار، وبعقد يمتد لأكثر من ثلاثة أشهر.

الإعلان الذي نشرته المجموعة الخاصة بسكان العاصمة دمشق لاقى رواجا بين مئات الشبان، والذين استفسروا في أكثر من 200 تعليق عن آلية التسجيل والالتحاق وعن الرواتب الشهرية التي سيتقاضونها بعد السفر، وكان من الملاحظ وجود أشخاص يسمّون بـ"المستقطبين" وعملوا على نشر أرقام التواصل معهم، من أجل التنسيق واستقطاب الشبان الراغبين بالخروج للعمل في فنزويلا. 

"المستقطب" أو "المندوب" بحسب ما قالت مصادر مطلعة لـ "موقع الحرة" هو الشخص الذي يعمل كـ "وسيط ومنسّق عروض" بين الشركات الأمنية العاملة في مناطق سيطرة النظام السوري وبين الشبان، ويتولى مهمة تقديم العروض حول عمليات التجنيد، سواء داخل الحدود السورية أو خارجها، كما يعمل على تسجيل أسماء الراغبين بتجنيدهم في الخارج، و"تزكيتهم" لدى الأفرع الأمنية، في أثناء الدراسة التي من المفترض أن تجرى عنهم قبل العبور من الحدود.

أكثر من 22 وأقل من 50  

في الخامس عشر من أكتوبر الماضي توجه الشاب الثلاثيني "محمد" (اسم مستعار) إلى مكتب شركة "القلعة للحماية والحراسة والخدمات الأمنية"، الواقع في المدخل المؤدي إلى المشفى العسكري "601"، بعد أسابيع من التنسيق مع "مستقطب"، حسب قوله، من أجل إتمام عملية التسجيل للسفر إلى فنزويلا، "للعمل مع الأصدقاء الروس" على حراسة المنشآت النفطية ومناجم الذهب، الواقعة هناك. 

الشاب الذي تواصل معه "موقع الحرة" بشكل غير مباشر عبر شخص على معرفةٍ به ويقطن في العاصمة دمشق يضيف أن الأوراق المطلوبة لعملية التسجيل هي 5 صور شخصية، والبطاقة الشخصية (الهوية)، بالإضافة إلى "بيان وضع تجنيدي"، وبيان من وزارة الصحة في حكومة النظام، للتأكد من خلوه من الأمراض السارية. 

 

أكمل قراءة التقرير عبر الضغط على العنوان التالي:

تجنيد شبان سوريين للذهاب فنزويلا.. تحقيق يكشف أدق التفاصيل

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".