سوريا

الحكومة السورية للمواطنين: أعدّوا الخبز في بيوتكم ولا تنتظرونا

محمد ناموس
17 ديسمبر 2020

دعا وزير الزراعة في حكومة النظام السوري محمد حسان قطنا، السوريين، إلى تأمين حاجاتهم من الخبز بالاعتماد على أنفسهم، وعدم "انتظار الدولة بل مساعدتها". 

ونقلت صحيفة "الوطن" الموالية للنظام عن قطنا قوله "خلينا نرجع نخبز في بيوتنا ولا ننتظر الدولة بل نساعدها".

وأضاف قطنا في اجتماع وزارة الزراعة للوقوف على واقع القطاع الزراعي، أن "احتياج سوريا من القمح اليوم مليونَا طنٍ سنوياً لتأمين الحاجة من الخبز، حسب عدد السكان الحالي المقيم في سوريا، ونحتاج سنوياً إلى 360 ألف طن بذار، ونحو 800 ألف طن للاستخدامات الأخرى مثل البرغل والمعكرونة والسميد، والفريكة". 

وقال  "لكي تستطيع الدولة النهوض بمقدراتها وأموالها فلا بد من العمل على تأمين أكبر كمية من القمح، وما تحتاجه سوريا من القمح لتأمين حاجة المواطنين من الخبز، يتعدى مليوني طن سنوياً، بحسب العدد الحالي للسكان". 

وكان قطنا ألمح قبل أيام إلى احتمالية وقوع كارثة غذائيّة في ظل النقص الذي تعاني منه المناطق السوريّة في مادة القمح، داعياً المواطنين إلى إيجاد حل بأنفسهم وعدم انتظار الدولة لتأمين مادة الخبز.

وقال الوزير عبر صفحته الشخصية في فيسبوك: "نحن الآن تحت الضغط الاقتصادي اللامحدود، وغذاؤنا يعني وجودنا" 

كما وضع قطنا السوريين أمام خيارين، "ألا نزرع ونخسر كل شيء أو نزرع ونأخذ جزءاً من الإنتاج حتى نستطيع أن نؤمن السماد الفوسفاتي". 

ولفت إلى أن المخزون الإستراتيجي من القمح بدأ بالتراجع بسبب الحرب، ولجأت الحكومة إلى الاستيراد، ما أدى إلى إرهاق الخزينة السورية، بحسب تعبيره. 

وفي وقت سابق، طلب الوزير السوريين عبر منشور على فيسبوك، زراعة كل متر مربع من حديقة المنزل خاصة بالقمح الذي تعاني البلاد أزمة في توافره. 

كما صرّح رئيس الوزراء في حكومة النظام حسين عرنوس في أكتوبر الماضي، أن الحكومة اشترت 690 ألف طن من القمح خلال 2020، وهذه الكمية تكفي لمدة شهر ونصف فقط من الإنتاج. 

وتصل مساحة الأراضي المزروعة سنويًا في سوريا إلى 4.7 ملايين هكتار، ولكنها انخفضت حاليًا إلى 4.3 ملايين هكتار بسب عمليات التخريب، بحسب تعبير وزير الزراعة. 

وتبلغ المساحة المروية المخصصة لزراعة القمح 1.5 مليون هكتار، يزرع منها حاليًا فقط مليون هكتار، منها 741 ألف هكتار مروي، ونحو 808 آلاف هكتار بعلي. 

وبحسب الآلية الجديدة لتوزيع مادة الخبز، تحصل العائلة المؤلفة من شخص أو شخصين على ربطة خبز واحدة، والعائلة المؤلفة من ثلاثة أو أربعة أشخاص تحصل على ربطتين، والعائلة المؤلفة من خمسة أو ستة أشخاص تحصل على ثلاث ربطات، ومن سبعة أشخاص وأكثر أربع ربطات، وتحتوي الربطة الواحدة على سبعة أرغفة. 

وتعاني مناطق سيطرة السلطات السورية، من أزمات اقتصادية خانقة، أبرزها النقص الحاد في مواد الخبز والمشتقات النفطية، فضلاً عن ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، في ظل تراجع الليرة السورية مقابل الدولار، وانخفاض القوة الشرائية لدى السوريين. 

وتدهورت قيمة الليرة السورية خلال 10 سنوات، من 50 ليرة لكل دولار في 2011، إلى أكثر من 2000 ليرة تقريباً لكل دولار حالياً، بينما تضخمت بعض السلع نحو 100 مرة. 

ويبلغ متوسط راتب العامل في سوريا نحو ٦٠ ألف ليرة سورية، أي حوالي 25 دولار أمريكي فقط. 

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".