ظاهرة الطلاق بين اللاجئين السورين في أوروبا.. "انهيار أسري" أم "تحرّر نسوي"؟
في تقرير حديث لظاهرة مثيرة للجدل في أوروبا عنوانه "لماذا تطلق الكثير من النساء السوريات عندما ينتقلن إلى الدول الغربية"، وأجرته منظمة "The conversation".
وأشارت كاتبة التقرير إلى أنه في الوقت الذي تثير هذه الظاهرة نقاشا حول تأثير الهجرة على العائلات وعلى نسيج الأسر السورية، يرى فيها المعلقون الغربيون "تحريراً" للنساء.
وأشار التقرير إلى أن العديد من اللاجئات قررن استغلال حياتهن في المجتمعات الغربية العلمانية لطلب الطلاق، والسبب يعود غالبا إلى إساءة الأزواج، وأن هؤلاء النسوة يجبرن على الزواج ليس دائما لأسباب دينية، بل لأنهن ينحدرن من خلفيات ريفية حيت يسود النظام الأبوي والتفسيرات الأبوية للإسلام.
وفي تقرير آخر للمحامية نجاة أبو قال، التي تعمل مع اللاجئات في قضاياهن، تقول المحامية نجاة: "لم أر أبدا مثل هذا العدد الكبير من الناس من جنسية واحدة يريدون الطلاق، ولم أر أبدا من قبل نسيج أسري ينهار كما هو الحال بين السوريين".
وقال التقرير إن الأمر قد يعود إلى انحدار أغلب العائلات الهاربة من الحرب في سوريا من المناطق الريفية، وبمجرد أن أتيحت لهن الفرصة للطلاق تحت حماية القانون بدأن في ذلك.
وقالت الكاتبة في تقريرها أنها شاهدت نقاشًا على فيسبوك حول تأثير الهجرة على العائلات العربية، وكان معظم المشاركين من الرجال، الذين يجادلون بأن ترك الوطن دمر نسيج الأسر السورية والمجتمع في الشتات، ورأوا أن ذلك أدى بالنساء السوريات إلى "الانحراف عن الطريق الصحيح" لأن المزيد منهن كنَّ يبحثن عن الطلاق.
وتوافق ذلك مع كلام أحمد سيجري اللاجئ السوري المقيم في السويد، الذي قال لـ"ارفع صوتك" إن "موضوع الطلاق أصبح ظاهرة وموضة بين النساء السوريات".
وأضاف أن "معظم المطلقات اليوم في أوروبا يبحثن عن التغيير وعن حياة جديدة بعد أن اعتبرن أنهن تزوجن مجبرات في سوريا".
"ولا يجب تعميم حالة أن كل امرأة مطلقة تعرضت للإساءة من زوجها، على العكس من ذلك هناك نساء كثر كنّ يعشن حياة كريمة مع أزواجهن ولكنهن عندما وصلنَ إلى أوربا رغبن بالتغيير" يتابع أحمد القول.
ويؤكد من خلال شهادة شخصية "لدي أصدقاء كثر لجؤوا إلى هنا بسبب الحرب وانتظروا زوجاتهم سنتين وأكثر حتى استطاعوا لم الشمل، وبعد ذلك كان نصيبهم الطلاق بسبب رغبة الزوجات في ذلك".
من جهتها، تقول مروى القرنفل وهي لاجئة سورية في ألمانيا، لـ"ارفع صوتك" إن تجربتها كانت "مريرة جداً قبل الطلاق بينما الآن أصبحت بحال أفضل".
وتوضح "نعم يمكن أن يكون السبب في ارتفاع حالات الطلاق هو الوصول لأوروبا، ففي بلداننا العربية لا نملك حقوقاً كبيرة وحرية إبداء الرأي كانت شبه معدومة هناك، وكان الرجل دائماً مسيطراً على أفعالنا وكنا من دون وعي نعتبر ذلك صحيحاً، لأننا تربينا هكذا".
وبالعودة لتقرير "ذا كونفرزيشين"، تشير الكاتبة إلى أن القوانين في بعض الدول الأوربية، خصوصاً السويد وألمانيا، ساهمت في تمكين المرأة السورية بشكل متزايد من خلال السياسات النسوية لحكوماتها.
"كما بدأت النساء بالمطالبة بالانفصال عن الأزواج المسيئين الذين اضطررن للزواج بهم عندما كن فتيات صغيرات" تضيف الكاتبة.
وترى أن حكومة النظام السوري "أدركت مؤخرًا أن قوانينها إشكالية وعدلت قوانين الأحوال الشخصية السورية في فبراير 2019، حيث تضمنت التعديلات أكثر من 60 مادة قانونية، من خلال رفع سن الزواج، ومنح النساء حق حضانة أطفالهن بعد الطلاق".
وانقسم السوريون في ردود أفعالهم على هذه التعديلات، حيث رحب البعض من الموالين للنظام بهذه التغييرات، بينما رأى آخرون أنها لا تذهب بعيدًا بما يكفي، وقرأت مجموعة ثالثة هذه التعديلات على أنها محاولة مثيرة للشفقة من قبل نظام فقد شرعيته بين قطاعات كبيرة من السكان لتسخير حقوق المرأة من أجل إعادة تأهيل نفسه في عيون الغرب.
وخلفت الحرب في سوريا ملايين اللاجئين والنازحين في أوروبا وحول دول العالم، معظمهم في تركيا التي أحصت ما يزيد عن ثلاثة ملايين لاجئ على أراضيها.
وتحرم قوانين الأحوال الشخصية في معظم البلدان العربية المرأة من الحقوق الأساسية مثل النفقة أو حضانة الأطفال بعد الطلاق وهذا ما كان موجوداً في سوريا سابقاً وتم تعديله خلال العام الماضي.