سوريا

ظاهرة الطلاق بين اللاجئين السورين في أوروبا.. "انهيار أسري" أم "تحرّر نسوي"؟

محمد ناموس
18 ديسمبر 2020

في تقرير حديث لظاهرة مثيرة للجدل في أوروبا عنوانه "لماذا تطلق الكثير من النساء السوريات عندما ينتقلن إلى الدول الغربية"، وأجرته منظمة "The conversation".

وأشارت كاتبة التقرير إلى أنه في الوقت الذي تثير هذه الظاهرة نقاشا حول تأثير الهجرة على العائلات وعلى نسيج الأسر السورية، يرى فيها المعلقون الغربيون "تحريراً" للنساء. 

وأشار التقرير إلى أن العديد من اللاجئات قررن استغلال حياتهن في المجتمعات الغربية العلمانية لطلب الطلاق، والسبب يعود غالبا إلى إساءة الأزواج، وأن هؤلاء النسوة يجبرن على الزواج ليس دائما لأسباب دينية، بل لأنهن ينحدرن من خلفيات ريفية حيت يسود النظام الأبوي والتفسيرات الأبوية للإسلام. 

وفي تقرير آخر للمحامية نجاة أبو قال، التي تعمل مع اللاجئات في قضاياهن، تقول المحامية نجاة: "لم أر أبدا مثل هذا العدد الكبير من الناس من جنسية واحدة يريدون الطلاق، ولم أر أبدا من قبل نسيج أسري ينهار كما هو الحال بين السوريين". 

وقال التقرير إن الأمر قد يعود إلى انحدار أغلب العائلات الهاربة من الحرب في سوريا من المناطق الريفية، وبمجرد أن أتيحت لهن الفرصة للطلاق تحت حماية القانون بدأن في ذلك. 

وقالت الكاتبة في تقريرها أنها شاهدت نقاشًا على فيسبوك حول تأثير الهجرة على العائلات العربية، وكان معظم المشاركين من الرجال، الذين يجادلون بأن ترك الوطن دمر نسيج الأسر السورية والمجتمع في الشتات، ورأوا أن ذلك أدى بالنساء السوريات إلى "الانحراف عن الطريق الصحيح" لأن المزيد منهن كنَّ يبحثن عن الطلاق. 

وتوافق ذلك مع كلام أحمد سيجري اللاجئ السوري المقيم في السويد، الذي قال لـ"ارفع صوتك" إن "موضوع الطلاق أصبح ظاهرة وموضة بين النساء السوريات".

وأضاف أن "معظم المطلقات اليوم في أوروبا يبحثن عن التغيير وعن حياة جديدة بعد أن اعتبرن أنهن تزوجن مجبرات في سوريا".

"ولا يجب تعميم حالة أن كل امرأة مطلقة تعرضت للإساءة من زوجها، على العكس من ذلك هناك نساء كثر كنّ يعشن حياة كريمة مع أزواجهن ولكنهن عندما وصلنَ إلى أوربا رغبن بالتغيير" يتابع أحمد القول.

ويؤكد من خلال شهادة شخصية "لدي أصدقاء كثر لجؤوا إلى هنا بسبب الحرب وانتظروا زوجاتهم سنتين وأكثر حتى استطاعوا لم الشمل، وبعد ذلك كان نصيبهم الطلاق بسبب رغبة الزوجات في ذلك". 

من جهتها، تقول مروى القرنفل وهي لاجئة سورية في ألمانيا، لـ"ارفع صوتك" إن تجربتها كانت "مريرة جداً قبل الطلاق بينما الآن أصبحت بحال أفضل".

وتوضح "نعم يمكن أن يكون السبب في ارتفاع حالات الطلاق هو الوصول لأوروبا، ففي بلداننا العربية لا نملك حقوقاً كبيرة وحرية إبداء الرأي كانت شبه معدومة هناك، وكان الرجل دائماً مسيطراً على أفعالنا وكنا من دون وعي نعتبر ذلك صحيحاً، لأننا تربينا هكذا". 

وبالعودة لتقرير  "ذا كونفرزيشين"، تشير الكاتبة إلى أن القوانين في بعض الدول الأوربية، خصوصاً السويد وألمانيا، ساهمت في تمكين المرأة السورية بشكل متزايد من خلال السياسات النسوية لحكوماتها.

"كما بدأت النساء بالمطالبة بالانفصال عن الأزواج المسيئين الذين اضطررن للزواج بهم عندما كن فتيات صغيرات" تضيف الكاتبة. 

وترى أن حكومة النظام السوري "أدركت مؤخرًا أن قوانينها إشكالية وعدلت قوانين الأحوال الشخصية السورية في فبراير 2019، حيث تضمنت التعديلات أكثر من 60 مادة قانونية، من خلال رفع سن الزواج، ومنح النساء حق حضانة أطفالهن بعد الطلاق". 

وانقسم السوريون في ردود أفعالهم على هذه التعديلات، حيث رحب البعض من الموالين للنظام بهذه التغييرات، بينما رأى آخرون أنها لا تذهب بعيدًا بما يكفي، وقرأت مجموعة ثالثة هذه التعديلات على أنها محاولة مثيرة للشفقة من قبل نظام فقد شرعيته بين قطاعات كبيرة من السكان لتسخير حقوق المرأة من أجل إعادة تأهيل نفسه في عيون الغرب. 

وخلفت الحرب في سوريا ملايين اللاجئين والنازحين في أوروبا وحول دول العالم، معظمهم في تركيا التي أحصت ما يزيد عن ثلاثة ملايين لاجئ على أراضيها. 

وتحرم قوانين الأحوال الشخصية في معظم البلدان العربية المرأة من الحقوق الأساسية مثل النفقة أو حضانة الأطفال بعد الطلاق وهذا ما كان موجوداً في سوريا سابقاً وتم تعديله خلال العام الماضي.

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".