هيومن رايتس: ضرائب الشعب الروسي قذائف على السوريين المدنيين
احتفل الجيش الروسي بالذكرى الخامسة لتدخله في سوريا في 30 سبتمبر الماضي، بعد أن خلّف تدخله سيطرة عسكرية واسعة لقوات النظام على سوريا، ودماراً هائلاً في شتّى المدن السورية، وآلاف الضحايا المدنيين منذ خمس سنوات حتى اليوم.
وفي هذا الصدد، نشرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية ومقرها نيويورك الأميركية، تقريراً، أشارت فيه إلى أن الانتهاكات المدمرة لآلاف السوريين بسبب القصف الروسي "لا تُعد ولا تُحصى"، وأن التدخل الروسي "اتسم بالقصف العشوائي للمدارس والمستشفيات والأسواق، والبنية التحتية المدنية الضرورية لبقاء المجتمع"، وأن دافعي الضرائب الروس "لا يدركون أنهم يمولون هذه الانتهاكات".
ومع دخول روسيا لسوريا عامها السادس، ما زالت البلاد تتأثر بالتداعيات البشرية والاقتصادية لجائحة كوفيد-19، بالإضافة للأوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطنون، وما زالت الغارات الجوية الروسية تقصف مدن ريف إدلب رغم الاتفاق الموقع بينها وبين تركيا لوقف إطلاق النار.
وقالت المنظمة في تقريرها مشيرة إلى الضرائب التي يدفعها الروس: "روبلاتهم الضريبية تُستخدم في قصف المدارس والمستشفيات في سوريا".
ونقلت "هيومن رايتس" شهادة معلمة في إحدى مدارس إدلب، وصفت كيف أطلق التحالف العسكري السوري الروسي صاروخا أصاب محيط مدرسة "خالد بشير حلبية" الابتدائية، في الخامس من يناير 2020.
وقالت المعلمة إنها عندما خرجت مسرعة من المدرسة مع طلابها، "كانوا جميعاً يصرخون باسمي من الخوف، لكنني مثلهم، كنت عاجزة، لم يكن هناك شيء يمكنني القيام به من أجلهم"، وتسببت الغارة وقتها بقتل 13 مدنيا وجرح 25 آخرين.
ما لم تفهمه المعلمة، هو سبب إطلاق التحالف العسكري السوري الروسي صاروخًا على مدرستها لعدم وجود مقاتلين أو قواعد عسكرية في المنطقة.
وقال مسؤولون سوريون وروس وقتها إن هجماتهم في إدلب تستهدف الإرهابيين.
لكن منظمة "هيومن رايتس" قالت إن المقابلات التي أجرتها مع أكثر من 100 ضحية وشاهد، وتحليلها لعشرات صور الأقمار الصناعية وأكثر من 55 مقطع فيديو، لم يظهر أي دليل على وجود مقاتلين أو أهداف عسكرية في محيط هذا الهجوم أو أي من الهجمات الـ 45 الأخرى التي وثقتها.
وفي هذا الصدد قالت المنظمة إن ما يحدث كان متعمداً من قبل القوات الروسية، وتابعت أن "هذه الهجمات المتكررة على البنية التحتية المدنية في المناطق المأهولة بالسكان، كانت متعمدة، وربما كان الهدف هو حرمان المدنيين من وسائل إعالة أنفسهم وإجبارهم على الفرار".
وأشارت إلى أن التدخل العسكري الروسي في سوريا تضمن "نشر طائرات هجومية ونقل وطائرات استطلاع من دون طيار وأفراد من القوات المسلحة، بما في ذلك المستشارون العسكريون، والمراقبون الجويون الذين ساعدوا في تنسيق وتوجيه الضربات الجوية والقوات الخاصة والشرطة العسكرية".
ودعمت القوات الروسية نظيرتها السورية بضربات جوية، وقدمت دعمًا جويًا وثيقًا للوحدات السورية خلال العمليات البرية، بالإضافة إلى التدريب والمشورة بشأن التكتيكات وعمليات التخطيط.
وكشفت "هيومن رايتس" أنه في حالة واحدة على الأقل، قاد ضابط روسي مؤقتًا فيلقا كاملا من الجيش السوري. وشمل تنسيق هذا الدعم أعلى مستويات الجيش الروسي ووزارة الدفاع والرئيس فلاديمير بوتين.
وفي الأشهر الستة الأولى فقط من التدخل الروسي في سوريا، قال بوتين إن الحرب كلفت البلاد حوالي 33 مليار روبل (نحو نصف مليار دولار أميركي).
بينما قدّرت دراسة أخرى أن تكلفة العمليات تراوحت بين 2.4 و4 ملايين دولار في اليوم، مع مراعاة تكاليف الطلعات، والضربات الجوية، والأفراد، وإمداد القواعد الجوية الروسية.
وفي تحليل لمؤسسة "RBK"، وهي مؤسسة مالية للإحصاء، أن كل غارة جوية بلغت تكلفتها ما يصل إلى 5.5 مليون روبل، وبالنظر إلى العدد الكبير من الطلعات الجوية والغارات التي نفذتها القوات الروسية، خلص تحليل RBK إلى أن روسيا أنفقت أكثر من مليار روبل أسبوعيًا على الضربات الجوية وحدها.
وفي دراسة حديثة أُخرى، كلفت الحرب في سوريا، روسيا ما يصل إلى 245 مليار روبل من سبتمبر 2015 إلى مارس 2018، وبلغ مجموع ما أنفقته موسكو على الضربات الجوية والصاروخية وحدها 209 مليارات روبل.