صورة متداولة في صفحات سورية لطوابير في دمشق من أجل الحصول على الخبز الحكومي
صورة متداولة في صفحات سورية لطوابير في دمشق من أجل الحصول على الخبز الحكومي

تداول نشطاء سوريون عبر شبكات التواصل الاجتماعي، خبر مزاد بيع السيارات الذي أقيم في العاصمة دمشق مؤخراً.

وتم تسريب صور وفيديوهات وأرقام من المزاد، صدمت العديد من السوريين، في وقت لا يجد المواطن السوري ثمن رغيف الخبز بحسب تعبير بعض الناشطين.  

كما تم تداول صورة فيها أرقام بيع السيارات في المزاد التي وصفها الكثيرون بالأسعار الخيالية، إذ تم شراء سيارة نوع "رانج روفر" بمبلغ 865 مليون ليرة سورية، ولاقت هذه الأسعار استهجان وغضب العديد من السوريين، بسبب الأوضاع المعيشية المتردية التي يعيشونها، خاصة القاطنين في مناطق النظام. 

ووصل سعر سيارة الرانج روفر موديل 2018 إلى 270 ألف دولار أمريكي بحسب سعر الصرف لليرة السورية على الدولار الأمريكي. 

ونشر الإعلامي السوري نزار الفرا المعروف بعمله مع قناة تلفزيونية موالية للنظام السوري، على صفحته على الفسبوك، " على سيرة ال 765 مليون ليرة ثمن سيارة الرانج روفر (2018) التي قيل إنها بيعت في المزاد في دمشق أمس، لفتت نظري معلومة أن هذا المبلغ هو راتب موظف فئة أولى في سورية لمدة 960 سنة، وشكراً". 

على سيرة ال 765 مليون ليرة ثمن سيارة الرانج روفر (2018) التي قيل إنها بيعت في المزاد في دمشق أمس، لفتت نظري معلومة أن هذا المبلغ هو راتب موظف فئة أولى في سورية لمدة 960 سنة ، وشكراً.

Posted by Nizar Alfarra on Saturday, December 26, 2020

وأضاف الفرا في في تعليق على منشوره: "الحديث ليس عن السيارة يلي هذا هو سعرها ولا عن يلي اشتراها الله يهنيه، بل عن الراتب البائس لموظفنا وبس"،  

وسخر العديد من رواد التواصل الاجتماعي من المزاد المعلن في دمشق، وأشار بعضهم إلى أن عمر الإنسان أقل من عمر السيارة مما يعني وجود ميزات لديهم أفضل من السيارة التي بيعت بآلاف الدولارات. 

وقال الإعلامي السوري أيمن عبد النور: "رغم الوضع الاقتصادي المتردي تكشف لنا هذه الأسعار وجود أمراء الحرب في دمشق".

وأضاف في تغريدته "قامت الحكومة السورية ببيع عدد من السيارات المستعملة في مزاد بدمشق اسعار البيع تعطي فكرة عن قيمة الليرة السورية وعن وجود أمراء حرب تدفع مثل هذه المبالغ؟ رانج روفر 2019 ب 765 مليون لـ س اودي 2019 ب 725 مليون لـ س رانج روفر 2016 بـ 690 مليون". 

وتساءل العديد من المغردين في تويتر، عن الجهات التي تمتلك القدرة على شراء تلك السيارات، في ظل فقر مدقع يعانيه السوريون، وعقوبات خارجية تمنع التجار من الاستيراد والتصدير. 

يُذكر أن مناطق سيطرة نظام الأسد تشهد أزمات شديدة واقتصادية متلاحقة، شملت موادًا رئيسية مثل المحروقات والخبز والطحين وسط غضب شعبي واسع، وذلك بسبب حالات الفساد المنتشرة بين عائلة الأسد وكبار مسؤوليه بشكل علني، بالإضافة إلى انهيار الليرة السورية التي وصلت لأدنى مستوياتها خلال عام 2020. 

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".