سوريا

تركيا تبدأ 2021 بتعزيزات عسكرية في سورية "الأكبر" من نوعها

محمد ناموس
07 يناير 2021

أرسلت القوات التركية ابتداءً من يوم السبت الفائت، حتى أمس الأربعاء، تعزيزات عسكرية إلى شمال سوريا وصفت بأنها "ضخمة جداً".

وتضم عشرات الآليات لدعم النقاط التركية المنتشرة في محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، في إطار تعزيز قواعدها في منطقة خفض التصعيد شمال غرب سوريا. 

ودخل الرتل التركي من معبر كفرلوسين الحدودي، يضم مدرعات وشاحنات تحمل ذخائر ومواد لوجستية وناقلات جنود وغرفاً مسبقة الصنع، إضافةً إلى العديد من الدبابات، اتجهت جميعها إلى القواعد التركية بمنطقة جبل الزاوية في إدلب. 

وكان رتل عسكري تركي ضمَّ عشرات الآليات دخل على دفعات متتالية، نهاية عام 2020، إلى نفس المكان، الذي يشهد تصعيداً عسكرياً منذ بداية ديسمبر 2020 من خلال قصف قوات النظام السوري للجبل. 

وتتمثل أهمية جبل الزاوية بموقعه الإستراتيجي، كونه يعتبر صلة الوصل بين ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي الغربي، ويرصد مساحات واسعة في جميع الاتجاهات، فضلاً عن إشرافه على الطريقين الدوليين حلب - اللاذقية M4 وحلب - دمشق M5. 

يقول الناشط علي الحسن المتواجد في إدلب، إن هذه التعزيزات "الأكبر" منذ دخول القوات التركية إلى سوريا.

ويضيف لـ"ارفع صوتك": "منذ بداية 2021 حتى الآن، التعزيزات ضخمة جداً ولم نر مثلها سابقاً. تحاول تركيا من خلالها إيصال رسالة أنها تحافظ على الوضع الراهن المتمثل بالتهدئة بينها وروسيا بناء على اتفاق آذار 2020". 

وينص الاتفاق الموقّع بين موسكو وأنقرة عام 2017 والبروتوكول الإضافي له في آذار 2020 على وقف العمليات العسكرية في منطقة وقف التصعيد.  

القيادي في الجيش الوطني السوري مصطفى سيجري أشار خلال حديثه مع ارفع صوتك إلى أن التعزيزات التركية تأتي لتأمين الحماية الشاملة للمنطقة بحسب اتفاق خفض التصعيد، "تأتي التعزيزات التركية في إطار تأمين الحماية العسكرية الكاملة للمنطقة، والانتشار يتم وفق الحاجة المطلوبة والمحددة من قبل القيادة العسكرية الميدانية وبالتنسيق مع الجيش الوطني السوري المعارض". 

المدنيون أيضاً اعتبروا أن وجود التعزيزات التركية يمكن أن تكون وسيلة ردع  لقوات النظام من القصف اليومي المخالف لاتفاق وقف التصعيد في الشمال السوري، رضوان بصبوص أحد المدنيين النازحين إلى جبل الزاوية من مدينة جبل الزاوي التي تسيطر عليها قوات النظام حالياً أكد على ذلك خلال تصريحه لارفع صوتك: "نأمل أن يكون وجود القوات التركية سبيلاً لمنع قوات النظام من القصف العشوائي اليومي بالمدفعية الثقيلة وبالطيران الحربي، جبل الزاوية أصبح مليئاً بالنقاط التركية ويستهدفه النظام بشكل دوري".

الإعلامي السوري تيم الحاج نشر فيديو التقطه لأرتال القوات التركية التي دخلت إلى سوريا مؤخراً، مشيراً إلى أنه الرتل الثالث خلال يوم واحد وكل رتل يضم أكثر من 50 دبابة تركيا وآليات ثقيلة ومدرّعات مصفّحة. 

في ذات السياق، أرسلت القوات التركية 258 جندياً من قوات الكوماندوس في إلى منطقة عملياتها في مدينة رأس العين، وقالت وكالة الأناضول التركية، إن إرسال هذه الدفعة من القوات، هدفه الالتحاق بالقوات التركية في مدينة رأس العين بريف الحسكة الشمالي. 

ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، بلغ عدد الشاحنات والآليات العسكرية التركية التي دخلت الأراضي السورية منذ شباط 2020 حتى تاريخ اليوم أكثر من 11160 شاحنة وآلية. 

وأنشأت القوات التركية منذ تدخلها العسكري في سوريا، أكثر من 60 نقطة وقاعدة عسكرية في محافظات إدلب وحلب وحماة واللاذقية. 

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".