سوريا

أبرز الأزمات الاقتصادية التي واجهت سوريا خلال عام

محمد ناموس
09 يناير 2021

انتهت سنة 2020 ولم تنته الأزمات التي عصفت بسوريا خلاله، لتمتد وتتسع رقعتها في البلاد.

واحتلت سوريا مرتبة الدول الأكثر فقراً والأكثر فساداً والأقل أمناً، وتذيلت قوائم الأمن الصحي والغذائي وحرية الصحافة، وهبطت الليرة السورية لمستويات قياسية لنسبة تجاوزت الـ300%، خلال العام الماضي.

وشهدت المناطق الخاضعة لسيطرة نظام بشار الأسد خلال عام 2020 عدة أزمات اقتصادية، أثرت على تدهور الوضع المعيشي لملايين السوريين، وزيادة معدلات الفقر.

وجاء في تصريح منظمة الصحة العالمية (يونيو) أن 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، كما صرح مساعد الأمين العام للأمم المتحدة أن نحو عشرة ملايين سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي. 

واحتلت سوريا المركز 188 من أصل 195 دولة على لائحة مؤشرات الأمن الصحي، واختفت عن التصنيف الدولي لجودة التعليم. 

بالإضافة لذلك، وقعت عقوبات عالمية أوروبية وأميركية على سوريا، كما تأثرت البلاد بالأزمة الاقتصادية في لبنان، إذ كانت تعتبر رئة سوريا الجنوبية، عوضاً عن الخلاف بين عائلة الأسد ومخلوف، الذي ساهم في هبوط الليرة السورية وارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير. 

كل ذلك، مضافاً لأزمة النزوح المتزايدة، حيث نزح من ريف إدلب وحماة أكثر من 600 ألف بعد سيطرة قوات النظام على مناطقهم، وانتشار فيروس كورونا والحرائق التي التهمت آلاف الدونمات في الشمال السوري وعقوبات قانون قيصر التأثير الكبير على الاقتصاد السوري. 

 

أزمة رامي مخلوف 

بدأ الخلاف بين عائلة الأسد ورامي مخلوف في شهر مايو الماضي، إذ ظهر مخلوف في عدة تسجيلات مصورة عبر شبكات التواصل الاجتماعي يتحدث عن محاولة أشخاص في النظام السيطرة على شركته الخاصة "سيريتل" وشركات أخرى يمتلكها. 

وأدى ذلك للحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة، وتعيين حارس قضائي على شركة "سيريتل". 

وقال مخلوف في إحدى تصريحاته "بدأت الانعكاسات على الاقتصاد تظهر بتوقف آلاف الشركات إضافة إلى إفلاسات بالجملة وبالطبع رافقه تسريح عشرات الآلاف من الموظفين والعمال وأصبحت البلاد بلا تجار ولا صناعيين، إن استهداف مؤسساتنا سيكون له تداعيات كبيرة على الاقتصاد ولم يكترث أحد لهذا الكلام". 

وكان لهذه الأزمة تأثير كبير على الاقتصاد السوري، وخاصة تراجع الليرة السورية لمستويات قياسية، بسبب هيمنة آل مخلوف على الاقتصاد السوري بشكل كبير.

 

أزمة المصارف اللبنانية 

لعبت الأزمة التي ضربت المصارف اللبنانية، دوراً كبيراً في تراجع قيمة الليرة السورية، وهو ما اعترف به بشار الأسد. 

إذ كشف الأسد، خلال تصريح له خلال في نوفمبر  الماضي، أن "سبب الأزمة الاقتصادية ليس الحصار على سوريا، وإنما المشكلة هي الأموال التي أخذها السوريون ووضعوها في المصارف اللبنانية، فالمصارف اللبنانية أغلقت ودفعنا الثمن، وهذا هو جوهر المشكلة التي لا أحد يتحدث بها". 

وقال إنه لا يعرف قيمة الأموال المودعة في المصارف اللبنانية "في الحد الأدنى يقال إن هناك 20 مليار دولار أميركي في المصارف اللبنانية، وفي الحد الأعلى يقال 42 مليار دولار" حسبما أوضح الأسد. 

 

أزمة الخبز والمحروقات 

ظهرت فيديوهات كثيرة في شبكات التواصل الاجتماعي، العام الماضي، لطوابير طويلة للمواطنين السوريين في مناطق النظام ينتظرون ساعات وساعات في محطات الوقود، مع ارتفاع سعر ليتر البنزين لأسعار قياسية لم ترتفع إليها سابقاً.

وعزاها النظام في ذاك الوقت إلى إيقاف التوريدات النفطية التي يعتمد عليها منذ سنوات. 

ورفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام سعر البنزين بمقدار مئتي ليرة لكل نوع من البنزين المدعوم والممتاز. 

كما رفعت سعر لتر المازوت الرسمي للقطاع الصناعي والتجاري من 296 ليرة إلى 650 ليرة سورية، بنسبة 120%. 

ورافق ذلك أزمة الخبز، حيث ارتفعت أسعار الخبز وتم فقدانها في بعض الأحيان من السوق المحلي، وكان لإيقاف توريد القمح من مناطق سيطرة قوات قسد أحد الأسباب الرئيسية لهذه الأزمة، إذ يعتمد النظام السوري على قمح مناطق الجزيرة السورية شمال شرق سوريا بشكل رئيسي، وهو ما دفع حكومة النظام إلى دعوة المواطنين لزراعة أي مساحة بالقمح. 

وأدت الأزمة إلى اتخاذ حكومة الأسد عدة حلول أولها كان تخصيص ربطتي خبز كل يومين للأشخاص المخصص لهم ربطة واحدة يومياً عبر البطاقة الذكية، قبل أن تعلن ارتفاع سعر ربطة الخبز إلى 100 ليرة سورية منذ شهرين. 

 

قانون قيصر 

مع بداية شهر يونيو الفائت، دخل قانون قيصر الأمريكي حيز التنفيذ، إذ نص القانون على فرض عقوبات اقتصادية جديدة على شخصيات وكيانات تدعم نظام الأسد، بالإضافة لفرض عقوبات على كبار المسؤولين والقادة العسكريين في نظام الأسد وعائلته، بمن فيهم عقيلته أسماء، بالإضافة إلى توسيع نطاق العقوبات الاقتصادية النظام، لتشمل قطاعات رئيسية عامة يقودها أشخاص في حكومة الأسد، أو أي شركات خاصة تدعمه في مسألة إعادة الإعمار. 

كما نص القانون على تقويض داعمي الأسد، تحديدا روسيا وإيران، عبر فرض عقوبات مباشرة عليهما، تشمل مسؤولين حكوميين وشركات الطاقة التابعة لهما، بالإضافة إلى أي جهات تساعد الأسد. 

وعلى الرغم من تعدد الأزمات الاقتصادية غير المسبوقة التي عصفت بسوريا خلال سنة واحدة، إلا أن 2020 يعتبر الأقل دموية على مدار عشر سنوات منذ اندلاع الثورة السورية وما تبعها من حرب أهلية.

كما شهدت سوريا نوعاً من الاستقرار الأمني بسبب الاتفاقيات الثنائية التي تم توقيعها بين روسيا وتركيا، والوصول لاتفاقيات مصالحة بين قوات النظام وقوات المعارضة في عدة جبهات وخاصة في الجنوب السوري بكفالة روسية. 

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".