أبرز الأزمات الاقتصادية التي واجهت سوريا خلال عام
انتهت سنة 2020 ولم تنته الأزمات التي عصفت بسوريا خلاله، لتمتد وتتسع رقعتها في البلاد.
واحتلت سوريا مرتبة الدول الأكثر فقراً والأكثر فساداً والأقل أمناً، وتذيلت قوائم الأمن الصحي والغذائي وحرية الصحافة، وهبطت الليرة السورية لمستويات قياسية لنسبة تجاوزت الـ300%، خلال العام الماضي.
وشهدت المناطق الخاضعة لسيطرة نظام بشار الأسد خلال عام 2020 عدة أزمات اقتصادية، أثرت على تدهور الوضع المعيشي لملايين السوريين، وزيادة معدلات الفقر.
وجاء في تصريح منظمة الصحة العالمية (يونيو) أن 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، كما صرح مساعد الأمين العام للأمم المتحدة أن نحو عشرة ملايين سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
واحتلت سوريا المركز 188 من أصل 195 دولة على لائحة مؤشرات الأمن الصحي، واختفت عن التصنيف الدولي لجودة التعليم.
بالإضافة لذلك، وقعت عقوبات عالمية أوروبية وأميركية على سوريا، كما تأثرت البلاد بالأزمة الاقتصادية في لبنان، إذ كانت تعتبر رئة سوريا الجنوبية، عوضاً عن الخلاف بين عائلة الأسد ومخلوف، الذي ساهم في هبوط الليرة السورية وارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير.
كل ذلك، مضافاً لأزمة النزوح المتزايدة، حيث نزح من ريف إدلب وحماة أكثر من 600 ألف بعد سيطرة قوات النظام على مناطقهم، وانتشار فيروس كورونا والحرائق التي التهمت آلاف الدونمات في الشمال السوري وعقوبات قانون قيصر التأثير الكبير على الاقتصاد السوري.
أزمة رامي مخلوف
بدأ الخلاف بين عائلة الأسد ورامي مخلوف في شهر مايو الماضي، إذ ظهر مخلوف في عدة تسجيلات مصورة عبر شبكات التواصل الاجتماعي يتحدث عن محاولة أشخاص في النظام السيطرة على شركته الخاصة "سيريتل" وشركات أخرى يمتلكها.
وأدى ذلك للحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة، وتعيين حارس قضائي على شركة "سيريتل".
وقال مخلوف في إحدى تصريحاته "بدأت الانعكاسات على الاقتصاد تظهر بتوقف آلاف الشركات إضافة إلى إفلاسات بالجملة وبالطبع رافقه تسريح عشرات الآلاف من الموظفين والعمال وأصبحت البلاد بلا تجار ولا صناعيين، إن استهداف مؤسساتنا سيكون له تداعيات كبيرة على الاقتصاد ولم يكترث أحد لهذا الكلام".
وكان لهذه الأزمة تأثير كبير على الاقتصاد السوري، وخاصة تراجع الليرة السورية لمستويات قياسية، بسبب هيمنة آل مخلوف على الاقتصاد السوري بشكل كبير.
أزمة المصارف اللبنانية
لعبت الأزمة التي ضربت المصارف اللبنانية، دوراً كبيراً في تراجع قيمة الليرة السورية، وهو ما اعترف به بشار الأسد.
إذ كشف الأسد، خلال تصريح له خلال في نوفمبر الماضي، أن "سبب الأزمة الاقتصادية ليس الحصار على سوريا، وإنما المشكلة هي الأموال التي أخذها السوريون ووضعوها في المصارف اللبنانية، فالمصارف اللبنانية أغلقت ودفعنا الثمن، وهذا هو جوهر المشكلة التي لا أحد يتحدث بها".
وقال إنه لا يعرف قيمة الأموال المودعة في المصارف اللبنانية "في الحد الأدنى يقال إن هناك 20 مليار دولار أميركي في المصارف اللبنانية، وفي الحد الأعلى يقال 42 مليار دولار" حسبما أوضح الأسد.
أزمة الخبز والمحروقات
ظهرت فيديوهات كثيرة في شبكات التواصل الاجتماعي، العام الماضي، لطوابير طويلة للمواطنين السوريين في مناطق النظام ينتظرون ساعات وساعات في محطات الوقود، مع ارتفاع سعر ليتر البنزين لأسعار قياسية لم ترتفع إليها سابقاً.
وعزاها النظام في ذاك الوقت إلى إيقاف التوريدات النفطية التي يعتمد عليها منذ سنوات.
ورفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام سعر البنزين بمقدار مئتي ليرة لكل نوع من البنزين المدعوم والممتاز.
كما رفعت سعر لتر المازوت الرسمي للقطاع الصناعي والتجاري من 296 ليرة إلى 650 ليرة سورية، بنسبة 120%.
ورافق ذلك أزمة الخبز، حيث ارتفعت أسعار الخبز وتم فقدانها في بعض الأحيان من السوق المحلي، وكان لإيقاف توريد القمح من مناطق سيطرة قوات قسد أحد الأسباب الرئيسية لهذه الأزمة، إذ يعتمد النظام السوري على قمح مناطق الجزيرة السورية شمال شرق سوريا بشكل رئيسي، وهو ما دفع حكومة النظام إلى دعوة المواطنين لزراعة أي مساحة بالقمح.
وأدت الأزمة إلى اتخاذ حكومة الأسد عدة حلول أولها كان تخصيص ربطتي خبز كل يومين للأشخاص المخصص لهم ربطة واحدة يومياً عبر البطاقة الذكية، قبل أن تعلن ارتفاع سعر ربطة الخبز إلى 100 ليرة سورية منذ شهرين.
قانون قيصر
مع بداية شهر يونيو الفائت، دخل قانون قيصر الأمريكي حيز التنفيذ، إذ نص القانون على فرض عقوبات اقتصادية جديدة على شخصيات وكيانات تدعم نظام الأسد، بالإضافة لفرض عقوبات على كبار المسؤولين والقادة العسكريين في نظام الأسد وعائلته، بمن فيهم عقيلته أسماء، بالإضافة إلى توسيع نطاق العقوبات الاقتصادية النظام، لتشمل قطاعات رئيسية عامة يقودها أشخاص في حكومة الأسد، أو أي شركات خاصة تدعمه في مسألة إعادة الإعمار.
كما نص القانون على تقويض داعمي الأسد، تحديدا روسيا وإيران، عبر فرض عقوبات مباشرة عليهما، تشمل مسؤولين حكوميين وشركات الطاقة التابعة لهما، بالإضافة إلى أي جهات تساعد الأسد.
وعلى الرغم من تعدد الأزمات الاقتصادية غير المسبوقة التي عصفت بسوريا خلال سنة واحدة، إلا أن 2020 يعتبر الأقل دموية على مدار عشر سنوات منذ اندلاع الثورة السورية وما تبعها من حرب أهلية.
كما شهدت سوريا نوعاً من الاستقرار الأمني بسبب الاتفاقيات الثنائية التي تم توقيعها بين روسيا وتركيا، والوصول لاتفاقيات مصالحة بين قوات النظام وقوات المعارضة في عدة جبهات وخاصة في الجنوب السوري بكفالة روسية.