سوريا

ألمانيا ترحّل لاجئاً سورياً "معادياً" للاجئين بدعمه الأسد وحزباً متطرفاً

محمد ناموس
13 يناير 2021

أصدر المكتب الاتحادي لشؤون الهجرة واللاجئين في ألمانيا، قراراً يقضي بسحب إقامة اللاجئ السوري كيفورك ألماسيان، المقيم في ألمانيا بصفة لاجئ. 

وقالت صحيفة "دي فيلت" الألمانية، إن "الخبر لاقى ترحيبا في صفوف اللاجئين السوريين، الذين طالما أساء لهم ألماسيان، من خلال تأييده العلني والصريح لنظام بشار الأسد الذي كان سببا في تهجيرهم من بلادهم، إضافة إلى عمله مع حزب البديل الألماني اليميني المتطرف (AFD) المعادي للإسلام واللاجئين والأجانب بالعموم في ألمانيا". 

واتُهم ألماسيان الذي ينحدر من مدينة حلب وأصول أرمينية، بأنه يعمل دعاية لنظام الأسد، ويعمل لصالح حزب يميني متطرف يدعو إلى عودة جميع السوريين إلى بلادهم، وذلك بعد ظهوره في عدد من الفيديوهات عبر صفحاته الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي داعياً إلى ترحيل اللاجئين. 

وخرج ألماسيان من سوريا مع بداية الحرب وانتقل للعمل والدراسة في بيروت حتى عام 2015، حيث لجأ إلى سويسرا، وفي تشرين الثاني 2015 انتقل إلى ألمانيا، ولعدم تمكنه من تحويل تأشيرة عمله إلى تصريح إقامة تقدم بطلب لجوء بعد أيام من وصوله. 

 وبدأ حينها بكتابة منشورات ومقالات عن حزب "البديل" الألماني المتطرف وعن اللاجئين السوريين متهماً إياهم بأنهم "قنبلة موقوتة"، ويجب إخراجهم من أوروبا وعودتهم إلى سوريا، مدعياً أنه خرج من سوريا بحجة "الإرهاب الإسلامي". 

 

التماس وترحيب 

وتقدّم لاجئون سوريون في ألمانيا بالتماس إلى المكتب الاتحادي للهجرة لإلغاء وضع ألماسيان كلاجئ في ضوء هذه المعطيات.

وأكّد المكتب بعد ذلك أنه بصدد مراجعة طلب اللجوء المتعلق باللاجئ ألماسيان بعد أن شككت وسائل إعلام ألمانية في وضعه كلاجئ، وبعد الالتماس الذي قدمه اللاجئون. 

وأشار المكتب الاتحادي إلى أنه يفحص جميع حالات اللجوء، وأي فرد يتم إثبات أنه كذب في طلبات اللجوء الخاصة به، سيتم إلغاء وضعه كلاجئ. 

كما لاقى خبر سحب إقامة لجوء ألماسيان ترحيباً واسعاً في صفوف السوريين في ألمانيا و أوروبا بشكل عام، وانتشرت التغريدات من الناشطين والإعلاميين التي تدعو لترحيله من ألمانيا والبت في قضايا عدد آخر من السوريين المؤيدين لنظام الأسد ويعملون على تشويه سمعة اللاجئين. 

الناشط أكاد الجبل قال في تغريدة له: "أكبر منافق ممكن أن تراه في حياتك، تزعجه ديمقراطية أمريكا ويقتدي بديمقراطية بشار الأسد الذي قتل وشرد الملايين، كيفورك ألماسيان عميل للنظام السوري ويقدم تقاريره للسفارة السورية عن كل المعارضين المتواجدين في أوروبا، حاليا هو منزعج لأنه سيتم ترحيله إلى بلده الذي يحبه". 

 

 

وتزامن الإعلان عن سحب إقامة ألماسيان في ألمانيا مع انتهاء حظر الترحيل إلى سوريا بعد نهاية عام 2020، إذ أوضح وزير الداخلية الاتحادي أنهم سيحاولون جعل الترحيل ممكناً بعد التحقق من كل حالة بشكل منفصل. 

وكان المرشح لرئاسة "الحزب المسيحي الديمقراطي" الألماني المنتمية إليه المستشارة أنجيلا ميركل، أشار إلى معارضته لقبول لاجئين جدد، داعياً إلى سياسة ترحيل أكثر حزماً. 

وقال فريدريش ميرتس في تصريحات لمجموعة "فونكه" الألمانية الإعلامية، إن "الاتحاد الأوروبي بأكمله ملزم على وجه الخصوص بمساعدة اللاجئين في مواقعهم في البلقان أو في الجزر اليونانية، ولا يمكن حل هذه الكارثة الإنسانية من خلال استقبال ألمانيا للجميع، هذا الطريق لم يعد مفتوحا". 

وكان مسؤولون وسياسيون ألمان اقترحوا مؤخرا أن يتم تخيير اللاجئين السوريين "الخطرين" بأن يذهبوا إلى دول لهم فيها أقارب مثل تركيا أو أي دولة خارج الاتحاد الأوروبي مقابل أن تتكفل الحكومة بأجور نقلهم وتدفع لهم مبلغا ماليا قد يصل إلى 3000 يورو. 

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".