سوريا

عمرها 77.. طالبة سورية على أبواب التخرّج تطمح للماجستير

محمد ناموس
19 يناير 2021

"ما دمت على قيد الحياة وعيناي ترى ويداي تمسكان الكتاب، فسأبقى على مقاعد الدراسة" قالت أم هشام السورية (77 عاماً)، عن دراستها في "جامعة تشرين" باللاذقية شمال غرب سوريا. 

ونجلاء برغل (أم هشام) طالبة جامعية، على أبواب التخرج، وتطمح بمتابعة الدراسات العليا والحصول على درجة الماجستير.

أقامت برغل في حي القابون بمدينة دمشق، ونزحت إلى مدينة اللاذقية مع اشتداد الحصار على حيّها، لتتغلب على حزنها بالتعليم، والعودة إلى مقاعد الجامعة. 

تقول في حديث لوكالة "سبوتنيك" الروسية، إن تقدمها في السن لم يثنها عن تحقيق حلمها بالتعلم والدخول إلى الجامعة، فهي الآن تدرس في قسم المكتبات، وتبقت لها سنة واحدة للتخرج. 

وبدأت برغل تحقيق حلمها وشغفها بالتعلم عندما كانت في الرابعة والخمسين من عمرها، حينها تمكنت من الحصول على شهادة محو الأمية، وأصرت على إكمال تحصيلها العلمي لتنال شهادة التعليم الأساسي وهي في سن 69.

بعد ذلك قدمت امتحان الصف التاسع لعامين متتابعين دون تمكنها من النجاح، لكن ذلك كان دافعاً أكبر للمضي قدماً وتحقيق الحلم، على حد تعبيرها. 

وبالفعل تمكنت برغل من النجاح في المرة الثالثة والحصول على الشهادة الإعدادية، وفي العام التالي قدمت امتحان المرحلة الثانوية ونجحت فيه، وحصلت على علامات تؤهلها لدخول الجامعة والتسجيل في قسم المكتبات الذي كانت ترغب به. 

تقول إنها طالما تلقت الدعم من زوجها الذي كان يشعر بالفرح والسعادة كلما نجحت في دراستها وتجاوزت مرحلة جديدة، حتى أن سخرية البعض من متابعتها تعليمها مثلت محفزاً آخر لها.

تضيف برغل "رغم كل شيء لم أتراجع عن هدفي المنشود، وعلى الرغم من أوضاعي المادية السيئة، إلا أنني كنت أعمل في جني الزيتون والليمون وغيرها من الأعمال من أجل إكمال تحصيلي العلمي". 

وتؤكد أنها سعيدة جداً، فهي عندما تسير إلى الجامعة، تشعر كأنها تذهب إلى المكان الذي لطالما عشقته وأحبته، ولا يعكر صفو سعادتها، سوى أنها تعاني من بعض قلة الاستيعاب وبطئها في الكتابة، لكنها تستدرك ذلك وتتغلب عليه بالصبر والتمرين. 

واحتفى مغردون سوريون في تويتر بإنجازات برغل، واعتبروها "فخراً وحافزاً لهم ولغيرهم من الطلبة".

ووصفتها المغرّدة مها العبسي بأنها أكبر امرأة تدخل الجامعة كطالبة مستجدة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية. 

 

 

ونشر ثائر أحمد إبراهيم، وهو دكتور في جامعة تشرين، صورة تجمعه بأم هشام، مثنياً على قوّتها وإرادتها.

وقال في منشوره عبر فيسبوك  "مثال التصميم وقوة الإرادة، نجلاء أحمد برغل - مواليد 1944، طالبة السنة الأولى قسم المكتبات والمعلومات كلية الآداب بجامعة تشرين، لله درك يا أم هشام " 

من حساب الدكتور الجامعي في فيسبوك

 

وتقول برغل "بشتغل أي شغل يدوي مشان أصرف على حالي وادرس، بعد الزعل والنزوح بلشت إدرس، كل يوم بقعد ساعتين أو تلاتة وبعمل كاسة زهورات وبتغدى وببلش دراسة، وبوصي الطلاب كلهم وبقلهم ينتبهوا على العلم، والعلم لا يعلى عليه شيء، العلم يا شباب ..العلم يا شباب". 

"أحلامي لا تنتهي عندما أتخرج من قسم المكتبات. أنا مصممة على متابعة تحصيلي العلمي وتحقيق أحلامي وشغفي وحبي للعلم حتى آخر يوم في حياتي" تضيف برغل في إحدى المقابلات معها.

 

 

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".