سوريا

طوابير بالمئات وانتظار بالساعات.. أزمة "مازوت" جديدة في سوريا

محمد ناموس
21 يناير 2021

شهد العام 2020 عدداً كبيراً من الأزمات التي عصفت بالمدنيين السوريين وخاصة في مناطق النظام السوري، وبدأ العام الحالي مع حلول فصل الشتاء بأزمات جديدة.

 

وشهدت مناطق النظام السوري أزمة محروقات جديدة خلال الأيام الماضية، حيث نشرت وسائل إعلام محلية سورية فيديوهات تظهر ازدحام محطات الوقود في عدد من المدن السورية، أبرزها دمشق. 

وعادت طوابير الانتظار لعدد من المدن كحلب ودرعا ودمشق، إذ أظهرت الفيديوهات طوابير مئات السيارات تنتظر أمام محطات الوقود للحصول على حصتهم من البنزين والمازوت. 

وزادت أزمة البنزين بعد تخفيض وزارة النفط والثروة المعدنية في حكومة النظام السوري مخصصات البنزين للسيارات الخاصة مع كل تعبئة. 

وقالت وزارة النفط والثروة المعدنية في حكومة النظام، يوم الأحد الفائت، إنها خفضت بشكل مؤقت كميات البنزين الموزعة على المحافظات بنسبة 17% وكميات المازوت بنسبة 24%. 

ونشرت الوزارة عبر فيسبوك، أن "تخفيض الكميات جاء نتيجة تأخر وصول توريدات المشتقات النفطية المتعاقد عليها إلى القطر بسبب العقوبات المفروضة علينا". 

وأضافت أن التخفيض مستمر لحين وصول التوريدات الجديدة، التي يتوقع أن تصل قريباً، وبما يتيح معالجة هذا الأمر بشكل كامل. 

من صفحة الوزارة على فيسبوك

 

وأنشأ نشطاء في موقع فيسبوك مجموعات وصفحات لتبادل أخبار محطات الوقود التي توفر المحروقات، وحجم الازدحام عليها، مثل مجموعة  "وين عبيت" وتابعها الآلاف بعد إنشائها مباشرة، وأصبحوا ينشرون عليها أماكن محطات الوقود التي توفر البنزين والمازوت. 

ويعاني سائقو السيارات العناء الأكبر في الحصول على المشتقات النفطية، فسعر اللتر الواحد من البنزين وصل إلى 450 ليرة في المحطات النظامية، أما في السوق السوداء فقد تضاعف سع اللتر ليصل إلى 2500 ليرة للتر الواحد. 

محمد الآغا من ريف دمشق وقف على الطابور ليوم كامل، يصف لـ"ارفع صوتك" معاناته في الحصول على 20 لتراً من البنزين، بالقول "ننتظر هنا أحيانا لأكثر من عشر ساعات لنحصل على 20 لتراً فقط، وطبعا ما فينا نروح عالدور الطويل اللي فيه أكثر من 200 شخص بدون موعد قبل بعشر أيام، يعني كل عشر أيام تنكة مازوت واحدة أو بنزين، وأحياناً ما بيلحقنا الدور نضطر للانتظار لتاني يوم حتى نوصل لدورنا". 

وكانت المناطق الخاضعة لسيطرة النظام شهدت عدة أزمات محروقات خلال عام 2020، وسط تبريرات متعددة للحكومة، منها "العقوبات الأميركية والأوروبية، وصيانة في مصفاة بانياس، إضافة إلى الفساد وبيع المحروقات في السوق السوداء". 

واستهدف تنظيم داعش في وقت سابق صهاريج نفط لشركة القاطرجي التي تمد مناطق سيطرة النظام بالنفط الخام، وقال التنظيم، إن مقاتليه "دمّروا عشرة صهاريج لنقل النفط، وقتلوا وأصابوا عشرة عناصر من ميليشيا موالية للجيش السوري، الاثنين الماضي، في كمين نصبوه لهم في بادية حماة".

وتسبب ذلك بتوقف توريد المحروقات القادمة من مناطق سيطرة الإدارة الذاتية شرقي سوريا إلى محافظة حلب ومحافظات أخرى. 

وتعاني سوريا من انخفاض كبير جداً خلال السنوات الثلاث الماضية من منتوجها النفطي، حيث ذكرت بيانات موقع British petroleum أن إنتاج النفط في سوريا بلغ 406 آلاف برميل في عام 2008، وانخفض إلى 24 ألف برميل في عام 2018. 

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".