سوريا

داعش يكثّف هجماته في سوريا وتدهور أمني في مخيمات النازحين

09 فبراير 2021

يكثّف تنظيم داعش وتيرة اعتداءاته في سوريا، عبر هجمات متكررة ضد قوات النظام فيما تحذر الأمم المتحدة ومسؤولون أكراد من تدهور الوضع الأمني في مخيم الهول الذي يضم أفراداً من عائلات مقاتليه بعد توثيق مقتل 14 شخصاً داخله منذ مطلع العام.

ورغم الخسائر الفادحة التي تكبّدها وخسارة كافة مناطق سيطرته، لا يزال التنظيم يشكل تهديداً حقيقياً وتنشط خلاياه على مستويات عدة.

وتعكس تلك العمليات، وفق محللين، صعوبة القضاء نهائياً على تنظيم بثّ الرعب لسنوات في مناطق واسعة في سوريا والعراق المجاور.

داعش يكثف هجماته في سوريا

وقتل الإثنين 26 قتيلاً من قوات النظام السوري ومسلحين موالين لها، جراء استهداف مقاتلي التنظيم رتلاً عسكرياً في بادية مدينة الميادين في محافظة دير الزور (شرق)، وفق ما أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان.

واندلعت إثر ذلك اشتباكات عنيفة بين الطرفين، أوقعت 11 عنصراً من التنظيم، وفق المرصد.

ومنذ اعلان قوات سوريا الديموقراطية القضاء على خلافته في آذار/ مارس 2019، انكفأ التنظيم إلى البادية الممتدة بين محافظتي حمص (وسط) ودير الزور (شرق) عند الحدود مع العراق حيث يتحصن مقاتلوه في مناطق جبلية.

ومع ازدياد وتيرة الهجمات، تحولت البادية مسرحا لاشتباكات، إذ يشن التنظيم من نقاط تحصنه فيها هجماته على قوات النظام تحديداً، رغم الغارات الروسية التي تستهدف مواقعه بين الحين والآخر دعماً للقوات الحكومية التي تقوم بعمليات تمشيط في المنطقة بهدف الحد من هجمات الجهاديين.

قوات روسية تنفذ عمليات تمشيط في سوريا

وفي بداية الشهر الحالي، قتل 19 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها في هجوم شنّه التنظيم شرق حماة.

كما قتل بداية العام نحو 40 عنصراً من تلك القوات في كمين نصبه عناصر داعش في البادية أيضاً.

ووثق المرصد منذ آذار/ مارس 2019، مقتل أكثر من 1300 عنصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها فضلاً عن أكثر من 700 داعشي جراء الهجمات والمعارك.

10 آلاف عنصر

وفي مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية، يستهدف التنظيم المتطرف، غالباً عبر عبوات ناسفة أو اغتيالات بالرصاص، مقاتلين من تلك القوات أو مدنيين يعملون لصالح الإدارة الذاتية الكردية.

وفي 23 الشهر الماضي، قتلت مسؤولتان محليتان بعد خطفهما في ريف دير الزور الشمالي الشرقي. ووجهت الإدارة الذاتية أصابع الاتهام إلى التنظيم.

وقدّرت لجنة مجلس الأمن الدولي العاملة بشأن تنظيم داعش ومجموعات جهادية أخرى في تقرير الشهر الحالي أن لدى التنظيم المتطرف عشرة آلاف مقاتل "ناشطين" في سوريا والعراق.

وقالت إنه على رغم أنّ غالبية هؤلاء يتواجدون في العراق، لكنّ "الضغط الذي تمارسه قوات الأمن العراقية يجعل تنفيذ عمليات تنظيم الدولة الإسلامية (على أراضيها) أكثر صعوبة" مقارنة مع سوريا.

طائرات التحالف الدولي تقصف مواقع لتنظيم داعش

وتوفّر البادية السورية في محافظة دير الزور، بحسب التقرير، "ملاذاً آمناً لمقاتلي" التنظيم الذين أنشأوا "علاقات مع شبكات تهريب تنشط عبر الحدود العراقية".

قطع رؤوس في المخيم

بعد القضاء على آخر معاقل التنظيم في قرية الباغوز شرق سوريا، نقل المقاتلون الأكراد أفراد عائلات الجهاديين إلى مخيمات يسيطرون عليها في محافظة الحسكة، أبرزها مخيم الهول.

ويقطن في الهول أكثر من ستين ألف شخص، ثمانون في المئة منهم من النساء والأطفال. بينهم الآلاف من أفراد عائلات الجهاديين الأجانب يقبعون في قسم مخصص لهم قيد حراسة مشددة.

وحذّرت الأمم المتحدة الشهر الماضي من تفاقم الوضع الأمني المتدهور أساساً في المخيم، الذي يؤوي أيضاً عشرات الآلاف من النازحين السوريين والعراقيين.

وقال مسؤول النازحين والمخيمات في شمال شرق سوريا شيخموس أحمد الإثنين لوكالة الصحافة الفرنسية "بلغ عدد الذين تم قتلهم في مخيم الهول منذ مطلع العام حتى الآن 14 شخصاً، ثلاثة منهم عبر قطع رؤوسهم" والبقية عبر "مسدسات كاتمة للصوت".

وكانت الأمم المتحدة أفادت عن مقتل 12 منهم في النصف الأول من كانون الثاني/ يناير.

ويتوزع القتلى بين عشرة عراقيين وأربعة سوريين، وفق أحمد الذي اتهم "خلايا داعش" بالوقوف خلفها بهدف "إثارة الفوضى والخوف".

إلا أن عاملاً انسانياً رفض الكشف عن هويته تحدث عن توترات عشائرية قد تقف خلف بعض الجرائم في المخيم.

مخيم الهول في الحسكة بسوريا

وتحدث تقرير لجنة مجلس الأمن عن "حالات من نشر التطرف والتدريب وجمع الأموال والتحريض على تنفيذ عمليات خارجية" في المخيم، الذي يعتبره "بعض المعتقلين آخر ما تبقى من الخلافة".

ويضم القسم الخاص بالنساء الأجانب وأطفالهن، من عائلات مقاتلي التنظيم، قرابة عشرة آلاف امرأة وطفل، وفق اللجنة التي أفادت عن أنّ "بعض القاصرين يجري تلقينهم وإعدادهم ليصبحوا في المستقبل عناصر" في التنظيم.

وتحصل عمليات فرار بين الحين والآخر لا سيما في ظل "قدرة محدودة" على حفظ الأمن وانخفاض عدد الحراس "من 1500 حارس منتصف عام 2019 إلى 400 حارس أواخر عام 2020".

وبحسب التقرير، تتراوح كلفة التهريب من مخيم الهول بين 2500 وثلاثة آلاف دولار مقابل 14 ألف دولار من مخيم روج، الذي يؤوي عدداً أقل من القاطنين ويُعد الأمن فيه "أكثر إحكاماً وفعالية".

ويطالب الأكراد الدول المعنية باستعادة مواطنيها أو إنشاء محكمة دولية لمحاكمة الجهاديين لديها.

إلا أن دولاً أوروبية عدة، بينها فرنسا، اكتفت باستعادة عدد محدود من الأطفال اليتامى.

وحثّ خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الإثنين 57 دولة يُحتجز رعاياها لدى الأكراد على إعادتهم إلى بلادهم بلا تأخير.

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".