سوريا

دعوة أممية لإعادة عشرات آلاف النساء والأطفال من سوريا إلى بلدانهم

12 فبراير 2021

حث مدير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، الأربعاء الماضي، على إعادة عشرات الآلاف من النساء والأطفال المشتبه في صلتهم بتنظيم داعش، إلى دولهم الأصلية.

وحذر من أن العديد منهم يتحولون للتطرف في معسكرات الاعتقال المتدهورة في سوريا والعراق.

وقال فلاديمير فورونكوف لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة "بعد عامين تقريباً من هزيمة المسلحين المتطرفين على الأرض، لا يزال هناك حوالي 27500 طفل أجنبي في طريق الأذى" في مخيمات شمال شرق سوريا.

وقال إن 8000 طفل من حوالي 60 دولة غير العراق، 90% منهم تحت سن 12 عاما.

وأضاف فورونكوف "من المأساوي أن المجتمع الدولي لم يحرز أي تقدم يذكر في معالجة قضية هؤلاء الأطفال والنساء على، الرغم من أن التحديات والمخاطر تزداد خطورة مع الإهمال، ويمكن أن يكون لها تأثير طويل الأمد ليس فقط في المنطقة ولكن على الصعيد العالمي"، حسبما نقلت وكالة أسوشييتد برس.

من جهته، ردد جيفري ديلورينتيس، القائم بأعمال السفير الأمريكي بالإنابة، الذي تحدث نيابة عن الإدارة الجديدة للرئيس جو بايدن، دعوة فورونكوف لاتخاذ إجراء حيال الوضع.

وقال إن بايدن "ملتزم" بالعمل مع التحالف الدولي الذي أسسته الولايات المتحدة في عام 2014 لهزيمة التنظيم الإرهابي في العراق وسوريا، على أساس دائم وشامل.

وقال ديلورينتيس "إننا نشاهد بقلق النساء والأطفال الذين يعانون في المخيمات في ظروف مزرية مع قلة فرص الحصول على التعليم، مما يزيد من احتمالات تحولهم إلى التطرف".

وحذر من أن التهديد العالمي من متطرفي داعش "سيزداد إذا لم يقم المجتمع الدولي بإعادة مواطنيه".

 

"تقويض حقوق الإنسان"

وقال فورونكوف إن "الوضع الإنساني والأمني المتردي بالفعل في مراكز الاعتقال ومخيمات النزوح يزداد تدهوراً، خاصة في مخيم الهول" شمال شرق سوريا.

"ويتم تقويض أبسط حقوق الإنسان... تم الإبلاغ عن العديد من حالات التطرف الإرهابي، والتدريب على جمع الأموال والتحريض" تابع فورونكوف.

ووفقًا لتقرير الأسبوع الماضي من خبراء الأمم المتحدة الذين يراقبون العقوبات المفروضة على تنظيم داعش، هناك ما يقرب من 65 ألف ساكن في الهول، وهو عدد أكبر بكثير من طاقته الاستيعابيه، فيما انخفض عدد الحراس من 1500 في منتصف عام 2019 إلى 400 في أواخر عام 2020.

وقالت لجنة الخبراء إن حوالي 10000 امرأة وطفل أجنبي موجودون في ملحق بمعسكر الهول، حيث أن بعض القصر "يتم تلقينهم وإعدادهم ليصبحوا عملاء مستقبليين" لتنظيم داعش.

 

آلاف "نشطون" من عناصر داعش 

وفي مخيم آخر بشمال شرق سوريا يسمى "روج"، حيث الظروف أكثر راحة، والأمن "أكثر تدخلاً وفعالية"، قالت اللجنة إن تكلفة التهريب "إلى وجهة آمنة قد بلغت حوالي 14000 دولار مقارنة بما بين 2500 دولار و3000 دولار لتكلفة الهروب من الهول".

وأخبر فورونكوف مجلس الأمن أن تنظيم داعش كرّر في أكتوبر الماضي أن "تنظيم عمليات الهروب من السجن ومساعدة الهاربين من الأولويات".

وأثنى على كازاخستان وروسيا وأوزبكستان لإعادة مئات الأطفال من سوريا، وحث البلدان الأخرى، خاصة في أوروبا، التي قامت بعدد أقل من عمليات إعادة مواطنيها، من أجل "تكثيف جهودها بنشاط".

كما حذر فورونكوف من أن ما يقرب من 10000 من مقاتلي داعش، "بما في ذلك المقاتلون الإرهابيون الأجانب بعدد أقل من الآلاف، ما زالوا نشطين في المنطقة، ومعظمهم في العراق، يسعون إلى تمرد طويل الأمد".

وقالت لجنة الخبراء إن دولة لم تذكرها قدرت في نوفمبر وجود قرابة 11 ألف مقاتل من داعش محتجزين في شمال شرق سوريا، بما في ذلك 1700 من دول أجنبية و1600 عراقي و5000 سوري و2500 "مجهولي الجنسية".

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".