سوريا

بالغرام.. الحكومة السورية تحدد حصص المواطنين من الشاي شهرياً

محمد ناموس
13 فبراير 2021

نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا مطلع شباط الحالي بياناً لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك جاء فيه أن الأسرة المكوّنة من ثلاثة أشخاص تستطيع الحصول على 400 غرام شاي، حصراً، عبر البطاقة الذكية، 

بينما تستطيع الأسرة المكوّنة من أربعة أو خمسة أشخاص الحصول على 600 غرام فقط. 

وأعلنت وزارة الداخلية في بيانها أنها "ستبيع الشاي بشكل معبأ بعبوات 400 غرام، و600 غرام، وألف غرام، وحددت سعر الكيلو الواحد بـ12 ألف ليرة سورية". 

أما الأسرة التي يزيد عدد أفرادها على خمسة، فيمكنها الحصول على كيلو من الشاي، وذلك لمرّة واحدة كل شهرين، وفق البيان. 

وقال أمين سر غرفة التجارة التابعة للنظام محمد الحلاق لصحيفة الوطن الموالية، "إن قرار وزارة التجارة لدعم مادة الشاي سوف يسهم في تخفيض حصة مبيعات المستوردين من 10% إلى 15%، وتحديد هذه النسبة يعود إلى الكميات المتوافرة لدى الوزارة". 

وأفاد باحث اقتصادي للصحيفة ذاتها أن تحديد سعر 12 ألفاً لكيلو الشاي الواحد هو سعر مرتفع ولا يتناسب مع دخل المواطن، مشيراً إلى أن أسعار الشاي سوف تشهد ارتفاعاً خلال الفترة القادمة كما حدث عندما أدخلت الوزارة مادة الزيت على البطاقة الذكية الأمر الذي رفع سعر المادة إلى نحو النصف تقريباً. 

وأثار القرار الذي أعلنت عنه وزارة التجارة استهجان وسخرية رواد التواصل الاجتماعي، إذ تم الإعلان عنه بالتزامن مع خلو أفرع التجارة الداخلية من العديد من المخصصات المدعومة. 

مازن بارودي أحد أهالي مدينة دمشق، سخر من القرار وقال في حديثه لـ"ارفع صوتك" إن نصف مرتبه سيذهب لشراء الشاي في حال قرر شرب الشاي.

وأضاف "نحنا يا دوب عم نقدر نأمن موادنا الاستهلاكية العادية عن طريق البطاقة الذكية، يعني الرز مثلا ما قدرنا ناخدو رغم وجود البطاقة الذكية اللي عملوها لتنظيم هالموضوع، وهلأ ضافولنا الشاي، اذا بدنا ننطر دورنا وحصتنا بروح نص الراتب وبنفس الوقت الكمية قليلة، بلا هالمشروب عايشين والحمد لله". 

يذكر أن حكومة النظام السوري تبيع العديد من المواد الأساسية بموجب البطاقة الذكية، كالبنزين والمازوت، والأرز والسكر، والزيت النباتي، وذلك بغرض التحكم باستهلاك هذه المواد، وتنظيم عمليات شرائها ليحصل عليها جميع المواطنين.

وفي نفس الوقت، تعيش مناطق النظام السوري أزمات خانقة في تأمين المواد الأساسية والتموينية، وينتظر المئات في طوابير يومياً للحصول عليها. 

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".