سوريا

حكومة الدنمارك للاجئين: "إذا لم تسافر طواعية، يمكننا إرسالك إلى سوريا"

محمد ناموس
27 مايو 2021

انتشرت بين اللاجئين السوريين في الدانمارك مؤخراً موجة من الخوف والقلق الشديد بعد "رسائل الترحيل" التي تصل لهواتفهم المحمولة عن طريق دائرة الهجرة الدنماركية. 

وكانت الدنمارك أول دولة أوربية تعلن أن سوريا "بلد آمن"، وبدأت تحركاتها لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم. 

وتسببت الخطوة الحكومية بالهلع لدى اللاجئين في الدنمارك،  

وفي صحيفة "الغارديان" البريطانية، أورد تقرير قصة اللاجئة السورية أسماء الناطور، إذ ألغيت إقامتها في الدنمارك.

وقالت الناطور  "إن كان بشار الأسد يقتلنا بالصواريخ فإن الحكومة الدنماركية تشن علينا حرباً نفسية". 

كما توفي لاجئ سوري يبلغ من العمر 61 عاما، بنوبة قلبية بعد شهرين من تلقيه إشعاراً من دائرة الهجرة يفيد بقرار ترحيله، وجاءت وفاته نتيجة مضاعفات لأمراض سابقة اكتملت برسالة الترحيل، بحسب عائلته. 

وقالت الصحيفة إن الحكومة الدنماركية تواجه اتهامات بملاحقة اللاجئين، وجاء في إحدى الرسائل الموجهة لللاجئين الرسائل "إذا لم تسافر خارج الدنمارك طواعية، يمكننا إرسالك إلى سوريا".

رضوان برتاوي أيضاً، لاجئ سوري مقيم مع عائلته في الدنمارك يواجه اليوم خطر الترحيل بعد عدم قبول طلب تجديد إقامته. 

ويواجه رضوان إلى جانب 1300 آخرين من اللاجئين السوريين في الدنمارك، خطر العودة إلى سوريا، بعد وقف السلطات الدنماركية، تصاريح 250 منهم، ضمن عملية واسعة النطاق لإعادة النظر في كلّ ملفات السوريين من العاصمة دمشق أو ريفها وضواحيها، باعتبار أن الوضع الراهن "لم يعد من شأنه تبرير (منح) تصريح إقامة أو تمديده". 

رضوان برتاوي وزوجته سميرة. الصورة من فيسبوك
"خوف وقلق دائم".. عائلة سورية تواجه خطر الترحيل من الدنمارك
وتعرضت الدنمارك لانتقادات على خلفية حرمانها لاجئين سوريين من تصاريح إقامة لاعتبار الوضع "آمناً" في دمشق، في مسار قالت الأمم المتحدة إنّه يفتقر إلى المبرر، علماً بأن قرار الدنمارك الأول من نوعه لدولة في الاتحاد الأوروبي.

بدوره، قال وزير الهجرة والاندماج الدنماركي ماتياس تيسفاي "يجب على دائرة الهجرة البدء في مراجعة تصاريح الإقامة الممنوحة في الدنمارك للاجئين السوريين القادمين من دمشق" بحسب ما ذكر موقع الهجرة والاندماج الدنماركي،أواخر يونيو 2020.  

وتعمل وزارة الهجرة والاندماج على تسريع قضايا الهجرة للسوريين، بحيث يتمكن المجلس في أقرب وقت ممكن من تقييم ما إذا كان يمكن سحب تصاريح الإقامة من اللاجئين السوريين القادمين من دمشق باعتبارها منطقة آمنة.

وأشار الوزير تيسفاي إلى أن ما يقارب 100 ألف لاجئ عادوا إلى سوريا من المناطق المحيطة، معتبرًا أن على السوريين في أوروبا العودة إذا سمحت الظروف بذلك.

وعلى الرغم من اعتبار دمشق آمنة، لا يمكن للدنمارك إعادة اللاجئين قسرا لعدم وجود علاقات دبلوماسية مع نظام الأسد، في حين تعرض الحكومة آلاف اليوروهات على السوريين لدفعهم "للعودة الطوعية" إلى سوريا. 

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها إنه منذ أن اعتبرت دوائر الهجرة الدنماركية في عام 2019 دمشق والمناطق المحيطة بها "آمنة"، راجعت تصاريح إقامة 1250 سوريا غادروا بلادهم هربا من الحرب. 

وألغت السلطات حتى الآن أكثر من 205 إقامات، ما جعل الدنمارك أول دولة في الاتحاد الأوروبي تحرم السوريين من وضع اللجوء في وقت تصنف فيه معظم مناطق سوريا على أنها غير آمنة من قبل الأمم المتحدة. 

فيما تصنَّف الدنمارك من الدول الموقعة على الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تمنع ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين إذا تعرضوا لخطر التعذيب أو الاضطهاد في بلدانهم الأصلية، وكانت أول دولة تنضم إلى اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين في عام 1951، ووفقاً للأمم المتحدة كانت واحدة من أقوى الداعمين للاجئين في أوروبا. 

ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في الدنمارك 21 ألفًا و980 لاجئًا، بحسب الموقع الرسمي للاتحاد الأوروبي.

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".