سوريا

لاجئة سورية بطلة أغنية بريطانية.. من هي ديما الأكتع؟

محمد ناموس
31 ديسمبر 2021

تحديات عديدة خاضتها اللاجئة السورية في بريطانيا، ديما الأكتع (27 عاما)، قبل أن تصبح حديث مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الماضية، وتحظى بشهرة واسعة، إثر مشاركتها في فيديو للمطربة البريطانية آن ماري.

وبُترت ساقها عام 2012، بقصف استهدف منزلها في بلدة سلقين بريف إدلب، حين كان عمرها 18 عاماً.

بعد الإصابة واضطرار الأطباء لبتر ساقها من أعلى الركبة، لجأت ديما وعائلتها إلى لبنان نهاية عام 2012، قبل أن تحصل على حق اللجوء في بريطانيا عام 2017، ضمن برنامج إعادة التوطين، وتستقر وعائلتها في مقاطعة بيدفوردشاير. 

 

حب الحياة

تقول ديما لـ"ارفع صوتك": "كنت فتاة ممتلئة بحب الحياة، في مرحلة البكالوريا (الثانوية العامة) أخطط للجامعة، وأرسم أحلامي وطموحاتي، ولكن في 13 أيلول (سبتمبر) 2012 انقلبت حياتي بلحظة واحدة، عند سقوط قذيفة على بيتي أفقدتني رجلي اليسرى ودمرت نصف المنزل".

وتضيف: "عشت ست سنوات من المعاناة والتحديات النفسية والجسدية والعقلية، خصوصاً أنني توقفت عن الدراسة. كان من الصعب تقبّل وضعي الجديد، وشعرت أنني خسرت كل شيء حرفيا".

"كان عليّ تعلم المشي والوقوف، وأن أتقبل نظرة الشفقة التي من الناس دون قصد منهم، ولكن جرحي كان جديدا وكنت أتألم لهذا، كما واجهت بعد وصولي إلى بريطانيا صعوبات التعلم والاندماج وتكوين الصداقات"، تتابع ديما.

التحقت ديما بالجامعة في بريطانيا لتدرس هندسة الديكور. تقول "بعد معاناة، اقتنعت أننا حين نفقد شيئا غاليا جدا، يعوضنا الله بأشياء كثيرة ونعم أكبر وأجمل مما فقدنا، وهذا ما حصل يوم إصابتي، إذ كان أهلي معي في المنزل حين سقطت القذيفة وكانت أمي في الغرفة ذاتها، ولم يصبهم أي مكروه ولا حتى إصابة طفيفة، وهذا أكبر تعويض ونعمة".

وتبيّن ديما: "الأمر ليس سهلا طبعا، لكني طالما احتفظت بالأمل والقناعة بأن هناك شيئا ما سيتغير، وهكذا علمتني الحياة كيف أتأقلم وشجعتني خوض أي تجربة، وجعلتني أؤمن بأهدافي التي اخترتها. 

مشاركات رياضية 

لم توقف الإصابة ديما عن الحلم بعد تركيب طرف اصطناعي لقدمها، فشاركت في مايو 2020 مع منظمة "Choose love" ضمن مبادرة عالمية للمشي، بهدف جمع تبرعات لمساعدة اللاجئين في مخيمات اليونان. 

وفي أغسطس الماضي، شاركت في ماراثون مانشستر، بهدف جمع تبرعات لجمعية "سوريات عبر الحدود"، التي تقدم مشاريع إنتاجية تستهدف  للاجئين السوريين في الأردن، وتساعد المصابين، خاصة الأطفال الذين فقدوا أطرافهم في الحرب.

وكانت هذه المرة الأولى التي تركض فيها ديما بعد توقف عشر سنوات، وأول تجربة لها بالطرف الاصطناعي الرياضي.  

المغنية البريطانية آن ماري تأثرت بقصة ديما، وقررت تصوير أغنيتها الشهيرة "Beautiful" معها، لتظهر ديما في الفيديو الكليب الرسمي للأغنية، الذي حصد نحو مليوني مشاهدة.

ويروي الفيديو قصة ديما منذ لحظة سقوط القذيفة على بيتها، ثم إصابتها، ومراحل التأهيل والتدريب التي خضعت لها بعد حصولها على ساق اصطناعية رياضية، وتطور مراحل الشفاء وصولا للمشاركة في ماراثون مانشستر.

وأرفق برابط للتبرع لديما، من أجل مساعدتها في المشاركة بالألعاب البارالمبية. 

وفي تغريدة لها، عبرت آن ماري عن سعادتها لمشاركة ديما في الفيديو، ومشاركتها رحلة العلاج والتأهيل، وقالت إنها تعرفت على قصتها من خلال المنظمة الخيرية "Choose love"، مثنية على شجاعتها وكونها مصدر إلهام وقوة. 

تصف ديما هذه المشاركة لـ"ارفع صوتك" بالقول "إنه لشرف وفخر وبصمة ستبقى معي لآخر عمري".

وتضيف "كنت سعيدة جدا في هذه التجربة، وأشكر المغنية آن ماري من كل قلبي على منحي هذه الفرصة، إنها شخصية تحب المساعدة وتعطي من قلبها، ومن الصعب وصفها بكلمات، صدقاً أنا جداً ممتنه لهذه التجربة". 

وتتابع ديما: "هذه التجربة أعطتني دافعا قويا للاستمرار، وكانت نقلة نوعية وإضافة لحياتي، كما أن ردود الناس وتفاعلهم ودعمهم، أمر عظيم وباعث معنوي قوي جداً".

وتبرق رسالة لذوي الإعاقة، أو "ذوي الهمم" كما تفضل تسميتهم: "أحبوا أنفسكم كما أنتم، ولا تجعلوا أي شيء يقف في طريقكم، وقاتلوا لأجل حلمكم، سنتعب وننهار في البداية، لكن لا تستسلموا، واجعلوا من الحدث غير العادي عاديا في حياتكم".

وتؤكد "لا تجعلوا الأعذار تقف حاجزا، ولا تجعلوا الإصابة توقفكم، ولا تخجلوا من أنفسكم، فهذه حياتنا وعلينا أن نعيشها بحب وأمل". 

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

فقد تنظيم داعش مصدر تمويله الرئيسي، النفط، بعد خسارته لأراضيه في سوريا والعراق.
فقد تنظيم داعش مصدر تمويله الرئيسي، النفط، بعد خسارته لأراضيه في سوريا والعراق.

يبدو تنظيم داعش، عندما يتعلق الأمر بالتمويل والبحث عن مصادر دخل تنعش موارده المتدهورة، أشبه بكيان متمرس في عالم المافيا والجريمة المنظمة. الكثيرون، بمن فيهم أمراء كبار، انشقوا عنه حينما صدمتهم هذه الحقيقة. 

قيادة التنظيم نفسها تدرك جيدا أن تسليط الضوء على هذا الجانب من نشاطات التنظيم يقوض الصورة التي رسمها لنفسه أمام أتباعه وأنصاره. لذلك لم يتبنَّ يوما أي عملية قتل أو تخريب قام بها باسم جباية ما يسميها "الكلفة السلطانية" رغم أن جزءا من جهوده، لا سيما في شرق سوريا، مكرس لهذا النشاط الشنيع.

 

الكلفة السلطانية

 

منذ خسارة التنظيم للمساحات الشاسعة التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق، وما نجم عن ذلك من فقدانه لما تدره عليه المعابر وحقول النفط من موارد مالية كبيرة، فَعّل التنظيم عددا من "الخطط الاقتصادية" البديلة كان من بينها جباية ما يسميها "الكلفة السلطانية".

تعد " الكلفة السلطانية" نشاطا مدرا للدخل إلى جانب نشاطات أخرى ضمن "اقتصاد الحرب" تضخ في خزينة التنظيم أموالا طائلة، مثل التهريب، والاختطاف، وتجارة الآثار، والسطو على البنوك ومحلات الصرافة، واستحواذه على احتياطات العملة الصعبة والذهب في المدن التي اجتاحها، ونهب ممتلكات الطوائف الأخرى وغيرها.

تزامنت ثورة مواقع التواصل الاجتماعي مع الصعود السريع لتنظيم داعش عام 2013.
"داعش".. خلافة رقمية يطوقها مارد الذكاء الاصطناعي
الشركات التكنولوجية الكبيرة شرعت منذ 2017 في الاعتماد كليا على خوارزميات الذكاء الاصطناعي لرصد وحذف المواد التي تروج للتطرف العنيف على منصاتها، بينما اقتصر دورها في السابق على تكميل جهود فرق بشرية يقع على عاتقها عبء هذه العملية برمتها.

لعدة سنوات ظل التنظيم يجمع " الكلفة السلطانية" لاسيما في مناطق الشرق السوري، حيث تنتشر حقول النفط، والمساحات الزراعية، وممرات التهريب، والمتاجر ومحلات الصرافة. لكنه لم يكن يتحدث عن ذلك لا في إعلامه الرسمي ولا الرديف، بل وتحاشى الاشارة إليها حتى في مراسلاته الداخلية، لأنه يدرك أن جدلا محموما سينتج عن ذلك، وسيحتاج إلى فتاوى دينية وجهود دعائية كبيرة لإقناع أتباعه بـ"وجاهة" أفعاله، وقد خرج أعضاء سابقون في التنظيم ونشروا على قنواتهم الرقمية "أن إرغام المسلمين غصبا وبحد السيف على إعطاء جزء من حلالِهم لثلة من المفسدين في الأرض هو عمل عدواني لا يقوم به إلا أهل البغي وقطاع الطرق".

 

ضريبة على رعايا الخليفة!

 

ينبغي التفريق هنا بين ما ينهبه التنظيم ممن يعتبرهم "كفارا ومرتدين" والذي يسميه ب"الفيء" و"الغنيمة" وبين ما يجبيه باسم "الكلفة السلطانية". فالكلفة السلطانية هي ضريبة يؤديها "المسلمون ورعايا الخليفة" بالقوة والإكراه، أي أن المستهدفين بها هم في عرف التنظيم من المسلمين الذين "لا تحل أموالهم ودماؤهم" ولا تدخل "الكلفة السلطانية" أيضا ضمن الزكاة الواجبة التي تتم جبايتها قسرا من المسلمين من طرف أمنيي التنظيم.

وبعد انكشاف أمر عمليات السطو والنهب هذه لم يجد التنظيم بدا من الحديث عنها في مراسلاته الداخلية، وانتداب أحد شرعييه لصياغة فتوى لتسويغها من الناحية الدينية.

صاغ أبو المعتصم القرشي، وهو أحد كوادر "المكتب الشرعي" لـ"ولاية الشام" فتوى مطولة في 12 صفحة، وحشد فيها مجموعة من النصوص الدينية والقواعد الأصولية التي اعتبرها "أدلة شرعية" على جواز نهب أموال المسلمين بالقوة والإكراه!.

عَرّف القرشي الكلفة السلطانية بأنها " الأموال التي يطلبها الإمام من الناس لأجل مصلحة شرعية". ولعجزه عن إيجاد نصوص قطعية من الكتاب والسنة لتبرير هذه "البدعة الداعشية"، فقد لجأ إلى القواعد الأصولية من قبيل" يُتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام" و" درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، و" تفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعلاهما"، و"ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب".

يعني هذا ببساطة أن مصلحة استمرار عمليات التنظيم والحفاظ على قوته ومقدراته مقدمة على مصالح الناس الأخرى، وأن تواصل عمليات التنظيم باعتبارها "جهادا مقدسا"  إذا لم يتم إلا بالسطو على أموال الناس فيجب السطو عليها.

أكد القرشي في نص فتواه جواز استخدام العنف والقوة لجباية الأموال، قائلا: "لا شك أن المال عصب الجهاد، والإعداد لا يكون إلا به، فتحصيله وتوفيره واجب على الإمام ولو بالقوة والإكراه"، ومن امتنع عن أداء "الكلف السلطانية جاز للإمام أو من ينوب عنه أن يعزره بشكل يكون رادعا له ولغيره حتى يؤدي ما عليه من الحقوق المالية في هذا الشأن".

أما الفئات الاجتماعية المستهدفة بهذه الضريبة، فقد قدم أبو المعتصم سردا طويلا بأصحاب المهن والمحلات التجارية والأطباء والصرافين والفلاحين والمدارس والكليات وتجار الدجاج والبيض وتجار المواشي والمستشفيات. ولم يترك أي نشاط مدر للدخل إلا وأشار إليه ضمن الذين فرض عليهم دفع "الكلف السلطانية"، ولم يستثن سوى أصحاب البسْطات على الأرصفة.

أخطر ما في الفتوى هو أن الممتنع عن أداء ما يطلبه التنظيم من أموال سيكون مصيره القتل والحكم عليه بالردة، و" طريقة استخدام القوة تتفاوت حسب المعاندة والممانعة بين التهديد، والإتلاف لبعض المال، أو التعزير، أو التغريم المالي وحتى الجسدي، ثم القتل إذا استعان الممتنع بشوكة الكفار والمرتدين على المجاهدين فعندها يُطبق عليه حكم الردة" حسب تعبير أبي المعتصم القرشي.

 

معاناة الناس في شرق سوريا

 

في شرق سوريا، يتم استخلاص هذه الضريبة بعد توجيه رسائل تهديد بأرقام دولية عبر تطبيق واتساب إلى المعنيين، وتخييرهم بين دفع "السلطانية" أو مواجهة خلايا الاغتيال، بعد تخريب ممتلكاتهم وتقويض مشاريعهم التجارية والاستثمارية.

وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد ارتفعت هذا العام نسبة تلك الضرائب إلى حد كبير جداً مقارنة بالسنوات الفائتة، حتى بلغت نحو 616 ألف دولار من تجار النفط والمستثمرين.

وحصل المرصد على إفادة من أحد العاملين في شركة مستثمرة في قطاع النفط في المنطقة الشرقية (دير الزور) تقول بأن الشركة رفضت دفع كامل المبلغ المطلوب منها تحت مسمى "الكلفة السلطانية"، والتي قدرها التنظيم بنصف مليون دولار أميركي، ودفعت بدلها 300 ألف دولار، لكن التنظيم هدد سائقي صهاريج المحروقات التي تعمل لصالح الشركة بالاستهداف إذا لم يتم دفع المبلغ كاملا في غضون أسابيع، ولم يعد لدى الشركة خيار آخر سوى تدبير ما تبقى من المبلغ.

مستثمر آخر في قطاع النفط توصل برسالة عبر تطبيق الواتساب من رقم دولي مفادها بأن عليه دفع "الكلفة السلطانية" البالغ قدرها 75 ألف دولار، وعدم إخبار أي جهة تابعة لقسد أو التحالف الدولي بذلك ووجهت له تهديدات في حال التبليغ أو عدم دفع المبلغ خلال أسبوع، وأن خلايا التنظيم ستقوم بزرع عبوة في سيارته أو حرق بئر النفط الذي يعود له.

ولفت المرصد إلى أن خلايا داعش في بادية ريف دير الزور الشرقي تفرض ضرائب تتراوح بين 1000 و3500 دولار، في مناطق ذيبان وحوايج ذيبان وجديد بكارة، على المستثمرين الذين يعملون على توريد المحروقات إلى "سادكوبى" التابعة للإدارة الذاتية في دير الزور.

يعمد التنظيم أيضا إلى حرق المحاصيل الزراعية التي تعود للفلاحين الذين رفضوا الرضوخ لابتزازه ودفع الأموال التي يطلبها منهم، ورمي القنابل اليدوية على منازل الأثرياء، وعيادات الأطباء، وقد هرب عدد من الأطباء من المنطقة الشرقية بعدما أثقل التنظيم كاهلهم بالضرائب و"المكوس"، ولا سيما وقد وضعهم في رأس قائمة أهدافه لأنهم -حسب اعتقاده- يجنون الأموال أكثر من غيرهم.