"سي بي أس" الأميركية أجرت مقابلة مع "حفار القبور"
"سي بي أس" الأميركية أجرت مقابلة مع "حفار القبور"

روى شاهد عيان سوري، تحدث إلى المشرعين في الكونغرس الأميركي، مؤخرا، تفاصيل مروعة عن جرائم النظام السوري بحق المدنيين السوريين، وقال إن روسيا تسعى لتكرار هذه التجربة في أوكرانيا.

وقال السوري الذي يستخدم اسما مستعارا هو "حفار القبور" في مقابلة مع شبكة "سي بي أس" الأميركية: "أسمع الأخبار من أوكرانيا، وقلبي يؤلمني لأنني أعرف ما فعلته روسيا في أوكرانيا، وما يمكنها فعله، لأنني أعرف ما حدث في سوريا".

وأضاف: "فيما يتعلق ببوتين والأسد، يجب أن يذهبا إلى سلة مهملات التاريخ لما فعلوه بالعالم".

وعن تفاصيل جرائم الأسد، قال: "كانت تأتي شاحنات متعددة المقطورات مرتين في الأسبوع وكل شاحنة كانت تنقل 100 إلى 400 جثة أو أكثر" لأشخاص تعرضوا للتعذيب حتى الموت.

ويضيف: "كان بإمكانك أن ترى بوضوح آثار التعذيب على أجسادهم.. كانت هذه آلية منهجية للموت".

وأشار إلى أن سجينا كان قد وضع في مقبرة جماعية لم يكن قد توفي بعد، وعندما لاحظ ضابط استخبارات ذلك، أمر سائق جرافة "بدهسه وقتله على الفور".

وأشار إلى موقع يسمى القطيفة قرب العاصمة، دمشق، تظهر صور الأقمار الصناعية أنه تحولا من حقل قاحل إلى مجموعة من الخنادق.

وقال: "كل ما كان يجري.. المقابر الجماعية.. كان منهجيا وجزءا مما يريد نظام الأسد أن يفعله".

وكان "حفار القبور" قد تحدث إلى لجان في الكونغرس الأميركي، هذ الشهر، عن جرائم النظام. 

وعلمت شبكة "سي بي أس" أنه أطلع مسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية أيضا بهذه التفاصيل.

كانت المحكمة العليا الإقليمية في كوبلنس غربي ألمانيا دانت في يناير الماضي العقيد السوري السابق، أنور رسلان، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بناء على رواية "حفار القبور" وأدلة أخرى.

وأصدرت المحكمة حكما تاريخيا بالسجن مدى الحياة بحق الضابط السابق في الاستخبارات السورية بتهمة قتل وتعذيب آلاف المعتقلين بمعتقل سري للنظام في دمشق بين 2011 و2012. 

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن عدد القتلى السوريي من جراء النزاع بلغ 400 ألف شخص.

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".