أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان تسجيل اثنتي عشرة حالة لأطفال رضع تخلى عنهم ذووهم، ضمن مناطق سيطرة النظام السوري منذ بداية عام 2022.
أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان تسجيل اثنتي عشرة حالة لأطفال رضع تخلى عنهم ذووهم، ضمن مناطق سيطرة النظام السوري منذ بداية عام 2022.

ازدادت حالات التخلي عن الأطفال حديثي الولادة في المناطق التابعة للنظام في سوريا بشكل ملحوظ. وكان آخرها أربع حالات سجلت في أسبوع واحد خلال شهر مارس الحالي، حيث تم العثور على أطفال خدّج تُركوا في الشوارع، أو بجانب حاويات القمامة، أو وسط البساتين أو أمام المساجد.

وفي السابع عشر من هذا الشهر، عثر على طفلة حديثة الولادة مرمية في منطقة المخالفات في منطقة قرى الأسد، وعمرها بضع ساعات، تُركت في زاوية أحد البساتين بدون ملابس، وكانت متوفاة.

ووفقا لتقرير الطب الشرعي، فإن سبب الوفاة هو الإهمال والبرد وعدم تقديم العناية الطبية.

وقبل هذه الحادثة بأيام، عثر أيضا على طفلة رضيعة تبلغ من العمر ثلاثة أيام في منطقة دوما بريف دمشق، كما عثر على طفلة حديثة الولادة في منطقة الطبالة في دمشق.

وتُركت طفلة في الجامع الأموي، بعد أن قامت إحدى النساء بتسليمها لسيدة في المسجد بحجة الوضوء واختفت، فيما رميت طفلة حديثة الولادة، تبلغ من العمر أربع أيام فقط، في بئر في منطقة البياضة في حمص. وتم انتشالها على قيد الحياة، وأثبتت التحقيقات قيام الأم والجدة برميها كونها ثمرة علاقة غير شرعية.

 

اثنتا عشرة حالة

 

أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان تسجيل اثنتي عشرة حالة لأطفال رضع تخلى عنهم ذووهم، ضمن مناطق سيطرة النظام السوري منذ بداية عام 2022.

وبحسب المرصد، فقد عُثر مع بداية العام على طفل يبلغ من العمر 40 يوما مرمياً في مدخل أحد الأبنية في حي الخضر بمحافظة حمص.

وفي مدينة حماة عُثر على طفل رضيع لا يتجاوز عمره شهرين، عند مدخل أحد الأبنية بضاحية أبي الفداء وإلى جانبه ورقة مكتوب عليها "ابن حلال".

ورميت طفلة على باب أحد المستشفيات الخاصة في مدينة اللاذقية، وجدها أحد الأطباء وأطلق عليها اسم روح.

وعثر في وقت سابق من هذا العام أيضا على طفلة مرمية قرب حاوية القمامة وقد نهشت الجرذان وجهها وجرى إسعافها.

ونشرت طبيبة أطفال صورة الطفلة بعد إجراء العمليات اللازمة.

وفي شهر شباط الماضي، تم العثور على طفلة رضيعة تبلغ من العمر يوماً واحداً داخل كيس في أحد شوارع شرقي حماة.

وفي الشهر ذاته، عثر الأهالي في مدينة السويداء على طفلة رضيعة موضوعة داخل كرتونة، ومرمية في إحدى الحدائق، وقبلها عُثر في حي الخضر بمدينة حمص، على طفل رضيع يقدّر عمره بنحو 40 يوماً أمام أحد الأبنية.

وضبطت شرطة النظام في مدينة جرمانا بريف دمشق، في شهر شباط الماضي، طفلا حديث الولادة، رُمي أمام مدخل أحد الأبنية في المدينة. وأدت التحريات للعثور على والدته وتدعى "صباح - ح"، وبالتحقيق معها اعترفت بإقدامها على رمي طفلها، كونها حملت به بطريقة غير شرعية وحاولت التخلص منه، بحسب بيان وزارة الداخلية السورية.

 

السجن ١٥ عاما

 

تقول الطبيبة ريم عرنوق في منشور لها على فيسبوك: "تراجعني وتراجع أطباء النسائية في دمشق الآلاف من النساء الراغبات بالحمل وقد فشلن في ذلك. أعداد هائلة منهن تخطين سن النشاط الإنجابي، ووصلن لبداية الأربعينات من أعمارهن، ولا زلن يتحرقن شوقاً وحنيناً لإنجاب طفل، ولا زلن يدفعن عشرات الملايين من الليرات في عمليات طفل أنبوب فاشلة أملاً باحتضان طفل، في الوقت الذي يرمى فيه الأطفال في المزابل والآبار وأروقة الجوامع وأرصفة المشافي".

يقول المحامي غزوان قرنفل في حديثه لـ"ارفع صوتك" أن قانون العقوبات السوري يجرم من يحاول التخلص من ولده وتركه في الشارع لمصير مجهول، بالسجن لمدة قد تصل إلى 15 عاماً، وذلك استناداً لأحكام المواد 484 و485 و188 و190 من قانون العقوبات. ويطلق على هذا النوع من الجرائم اسم "تسييب الأطفال".

ويوضح قرنفل أن القانون يخفف الحكم عن والدة الطفل إذا أقدمت على ذلك مكرهة، لـ"صون شرفها" في حال الحمل والإنجاب خارج إطار الزواج.

هنادي الخيمي، مديرة مجمع "لحن الحياة" التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، الذي يستقبل الأطفال مجهولي النسب، قالت في تصريح لإذاعة ميلودي المحلية أن نسبة الأطفال مجهولي النسب الذين يتم العثور عليهم وإحضارهم للمجمع ثابتة ولم تتغير خلال سنوات الحرب، وبقيت بمعدل ثلاثة أطفال شهريا، خلال السنوات العشر الماضية.

وأشارت هنادي إلى أن الشرطة تحضر الطفل بموجب ضبط ليتم تسجيله بالسجل المدني ليحمل قيدا مدنيا، بعد أن يتم اختيار الاسم الأول له، لافتة إلى أن الطفل مجهول النسب المسجل يمتلك كل الحقوق التي يملكها المواطن السوري. 

وقالت إنه يتم إلحاق الأطفال الرضع بأسر خلال فترة قصيرة من وجودهم بالمجمع، وذلك من خلال عقد إلحاق، إلا إذا كان الطفل معاقا، إذ غالبا لا ترغب أي من الأسر بإلحاق طفل معاق معها.

 

 

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".