سوريا

72% من العائلات في سوريا تأكل بالدَّين

محمد ناموس
27 أبريل 2022

أورد تقرير لبرنامج الغذاء العالمي، صدر قبل أيام، أن أكثر من نصف سكان سوريا وعددهم 12 مليون شخص، يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

وجاء في التقرير الذي يلخص دراسة أجريت مارس الماضي، أن 52% من السكان يستهلكون الغذاء بشكل محدود، و72% من العائلات السورية تشتري طعامها بالدَين، معظمها نازحة في محافظات غير محافظاتها.

وذلك يعني أن ثلاثة أرباع السوريين الموجودين داخل سوريا يكسون أنفسهم في المناسبات ويأكلون عن طريق الاستلاف، وفق التقرير.

وأشار إلى أن 14% من العائلات أجبرت أطفالها على ترك التعليم، والانخراط في مهن وأنشطة تسهم في زيادة دخل الأسرة، إلا أن ذلك لا يكفي هذه الأسر لتأمين معيشتها طيلة الشهر.

وقد تسبب بعض الأعمال للأطفال وحرمانهم من التعليم، مشاكل مجتمعية وقانونية.

وحسب التقرير أيضا، يستمر تآكل القوة الشرائية للمواطنين، حيث دفعت مصادر الرزق غير المستقرة العديد من العائلات لتكبد المزيد من الديون، خلال فبراير الماضي. 

 

الشراء والبيع بالدَّين

يقول حسان، وهو نازح في مدينة سرمدا على الحدود السورية التركية، لـ"ارفع صوتك"، إنه اضطر لدفع ولديه (14و17) عاماً، إلى سوق العمل وترك المدرسة، إذ لم يعد يستطيع تأمين متطلبات الحياة مع عائلته، كما كان الأمر في بداية سنوات النزوح.

ويضيف أنه لجأ للاستدانة من محال تجارية وبعض أصدقائه، مردفاً "الأسعار ارتفعت جدا جدا، خاصة في رمضان ومع حلول العيد، فحتى لو كنا نازحين، يجب أن نظهر في العيد بأبهى حلّة كما تعودنا".

"أصبح الموضوع عادياً جداً، حتى محلات البيع تجهز بضاعتها بالدَّين أيضاً"، يتابع حسّان.

 

ارتفاع بنسبة 800%

وفقاً لأحدث البياناتِ الصادرة عن برنامج الأغذية العالمي، ارتفع سعر الأغذية الأساسية في سوريا بنسبة بلغت 800%، بين عامي 2019 و2021.

وبحلول الأسبوع الثاني من مارس 2022، مع بدء الحرب في أوكرانيا، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 18%، وتضطر الأسر الآن إلى الاختيار بين شراء الطعام أو الوقود أو الدواء.

وفي لقاء أجراه برنامج الغذاء العالمي مع السورية أم حُسين، قالت إنها لم تتمكن من العثور على مكونات بأسعار معقولة لطهي وجبة لبناتها الثلاث.

فقررت شراء بعض السمن لتطهو كل ما يمكن أن تجده في المنزل، ونظرًا لأن علبة السمن تكلف على الأغلب أكثر مما لديها، فإن المتجر يُوفر لها خيار شراءِ كميةٍ صغيرةٍ من السمن في كيس بلاستيكي.

من جهتها، قالت عائشة، وهي أم لخمسة أطفال تعمل في بيع الخضراوات، إن الزيادة الأخيرة في الأسعار تعني أن المزيد من الناس سيلغون طلباتهم، ونتيجة لذلك، تذبل خضرواتها، وينتهي بها الأمر إلى الخسارة بدلاً من كسب المال.

وأضافت لبرنامج الأغذية العالمي: "إذا بقينا على قيد الحياة اليوم، فإننا لا نعرف ما يحمله الغد لنا".

بدوره، قال روس سميث، نائب المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في سوريا: "كنا نأمل أن تتمحور مساعداتنا الغذائية حول تغيير حياة الناس للأحسن، ولكن عِوضًا عن ذلك، وأكثر من أي وقت مضى، فإن إسهاماتنا تدور الآن حول إنقاذ حياة هؤلاء الناس".

وكان البرنامج أرسل مساعدات غذائية ومالية تكفي لإعالة ما يقدر بنحو 5.7 مليون سوري في جميع أنحاء سوريا، خلال مارس الماضي، ووزع ما يصل إلى 3.4 مليون دولار على 175 ألف مستفيد من البرنامج.

مع ذلك، فإنه بحاجة لـ 515 مليون دولار من أجل إتمام عمليات البرنامج لغاية سبتمبر المقبل.

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".