ينوي الرئيس التركي تشجيع عودة اللاجئين السوريين "على أساس طوعي"، وتدعو الأحزاب المعارضة إلى إعادتهم.
وذلك قبل عام من الانتخابات الرئاسية في البلاد التي تشهد أزمة اقتصادية، ما يجعل هؤلاء اللاجئين موضوع الحملة الانتخابية.
لكن من يستطيع إعادتهم وكيف؟ ثمة كثير من اللغط، على ما أكد مراقبون لوكالة فرانس برس، مشيرين في المقام الأول إلى أن السوريين المعنيين لا يرغبون في العودة إلى سوريا، على الرغم من أن التضامن المحلي والدولي يتضاءل بعد 11 عاما من الحرب.
يقول المحلل في معهد "تيباف" للأبحاث في أنقرة، عمر كادكوي: "لم يفصّل أحد آلية الترحيل".
وقال الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يتولى السلطة منذ عام 2003 والمرشح المحتمل لولاية إضافية في يونيو 2023، إنه يريد تشجيع مليون "من إخواننا السوريين" على العودة إلى بلدهم.
ووعد في مطلع مايو استحداث ملاجئ وبنى تحتية (مدارس ومشاف) مناسبة لهذه الغاية في شمال غرب سوريا، خارج سيطرة نظام دمشق، حيث تنشر أنقرة قواتها منذ عام 2016.
ودُشّنت مؤخراً أول منازل مجمعة لاستقبال اللاجئين السوريين العائدين إلى هذه "المنطقة الآمنة".
وبالتزامن مع ذلك، يؤكد الرئيس التركي وحزبه (العدالة والتنمية)، منذ الاثنين، أن تركيا تريد "حماية إخواننا الذين طردتهم الحرب من سوريا حتى النهاية" رافضة "إعادتهم إلى أفواه القَتَلة"، حسب تعبيرهم.
وتأتي هذه التصريحات في مواجهة الخطاب المتشدد للمعارضة التي تعهد أكبر أحزابها، وهو حزب الشعب الجمهوري، بعودة السوريين إذا وصل إلى السلطة عام 2023.
واتهم زعيمه كمال كليتشدار أوغلو الرئيس بالرغبة في "تجنيس اللاجئين لشراء أصواتهم" - بينما يدين حزب النصر (اليمين المتطرف) "الغزو الصامت" للمهاجرين.
ويوضح كادكوي لوكالة فرانس برس: "بأي وسيلة سيعيدهم إلى سوريا؟ لا توجد أي مؤسسة في تركيا تملك الوسائل اللوجستية اللازمة".
ومن الصعب أن تزج المفوضية السامية لشؤون اللاجئين نفسها في مثل هذه المغامرة بدون موافقة المعنيين، حسب كادكوي.
خمسة ملايين لاجئ
ويتساءل الباحث عن مشروعية قيام تركيا بالبناء على الجانب السوري قائلا "من يملك الأراضي؟.. كل هذه المشاريع غير واقعية".
ومع انخفاض قيمة الليرة التركية وتضخم بنسبة 70% على أساس سنوي فاقمته الحرب في أوكرانيا، تطفو قضية اللاجئين بشكل دوري على سطح الجدل السياسي.
يقول مراد أردوغان، مدير مركز بحوث السياسة والهجرة في جامعة أنقرة ومنسق "المقياس السوري" السنوي مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن "تركيا تستضيف أكثر من خمسة ملايين لاجئ، ما يمثل تحدياً كبيراً وموضوعاً يومياً للنقاش".
ويضيف لفرانس برس: "من الآن فصاعدًا، سيدرك الجميع أنهم سيبقون ومن الواضح أن التوتر سيتصاعد، خصوصا منذ كوفيد ومع الأزمة، فأكثر من 1% من اللاجئين يعيشون في المخيمات، بينما يعيش الآخرون ضمن المجتمع التركي منذ عام 2012".
ويتهم الخطاب السائد السوريين بـ"سرقة الوظائف" أو رفع أسعار الإيجارات.

وعاد أقل من نصف مليون سوري في السنوات الخمس الماضية، معظمهم من الرجال العازبين، وفقًا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ويؤكد مراد أردوغان: "لا يمكن المصادقة على أي اتفاق بين أنقرة والنظام السوري حتى تتخلى تركيا عن المواقع التي تحتلها في شمال سوريا".
ويلفت إلى أن "المنطقة الأمنية" بالإضافة إلى جيب إدلب "تستقبل بالفعل أربعة ملايين نازح في حين أنها تتسع لمليون شخص، ويواصل آخرون التوافد كل يوم" ويعتمد ذلك على المساعدات الدولية المتناقصة.
ويعتبر مراد أردوغان أنها "منطقة أمنية مصطنعة للغاية، إذ أن لا أحد يعرف إلى متى ستبقى تركيا موجودة هناك وستحتفظ بالسيطرة عليها. بالتالي، فإن إعادة الناس إلى هناك أمر محفوف بالمخاطر" .