سوريا

هل حلّت الجنسية التركية مشاكل حامليها من السوريين؟

ارفع صوتك
14 مايو 2022

وصل عدد السوريين المجنسين في تركيا إلى أكثر من 200 ألف سوري، حسب الإحصائيات الرسمية الأخيرة الصادرة عن دائرة الهجرة التركية. 

ورغم حصولهم على الجنسية، إلا أن عددا كبيراً منهم ما زال يفكر بمغادرة تركيا واستكمال حياته في بلد آخر، بالإضافة لمعاناة آخرين من العنصرية الموجّهة إليهم علناً. 

محمد المقيد، سوري حصل على الجنسية التركية منذ ثلاث سنوات، ساعدته الجنسية بحل العديد من مشاكله في تركيا، وخاصة مشكلة السفر والتنقل، لكنه يبدي استياءه من "التعامل العنصري" من بعض الأتراك.

يقول لـ"ارفع صوتك": "شعرت بالراحة الكبيرة عند حصولي على الجنسية، اليوم يمكنني أن أذهب أينما أريد، وجواز سفري التركي مدته عشر سنوات ولم يكلفني أكثر من مئة دولار، فيما كنت دفعت سابقاً أكثر من 1500 دولار للحصول على جواز سفر سوري مدته سنتان".

 

"ورغم ذلك، ما زلنا نشعر بعدم الاستقرار، فالانتخابات القادمة ستؤثر علينا بشكل كبير، حيث بدأت الحملات ضد السوريين منذ الآن، وحتى كحامل للجنسية التركية  أشعر بالخوف من فقدانها مستقبلاً"، يضيف محمد.

من جهته، يقول مازن حاصيرجي، وهو شاب سوري من مدينة حلب، يملك ورشة صناعة ألبسة في مدينة غازي عنتاب جنوب تركيا، إنه "استطاع تملك عقار في تركيا، والتنقل براحة أكبر داخل وخارج تركيا" بعد تجنيسه.

ويضيف لـ"ارفع صوتك"، أنه "يشعر بالاستقرار الكامل اليوم لأنه يستطيع أن يعمل أي شي كمواطن تركي عادي". 

في نفس الوقت، يخاف مازن من المستقبل القريب في تركيا، بسبب هبوط سعر صرف الليرة التركية بشكل كبير مقابل الدولار، إضافة للانتخابات.

"ففي حال سيطرت المعارضة على الحكم، قد يتضرر المجنّسون إذا ما تم  التشديد على ملفاتهم"، يتابع مازن.

ويؤكد: "جميعنا حصلنا على الجنسية بشكل نظامي، فأنا حصلت عليها بعد حصولي على إذن عمل لخمس سنوات متتالية، إلا أنني أخاف من التصريحات التي تدلي بها المعارضة كل فترة حول أنها ستعيد فتح ملفات كل من تم تجنيسه في تركيا" 

وأمس الجمعة، شارك العديد من اللاجئين السوريين في تركيا، معلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تفيد بتعرض ملفات تجنسيهم "لإجراءات إزالة وإلغاء"، ما أثار جدلا بينهم، ودفع الحكومة التركية لإصدار بيانين، الأول من جانب وزارة الداخلية والثاني من قبل دائرة النفوس.

ولم يعرف عدد الأفراد الذين "أزيلت ملفاتهم"، فيما قالت وسائل إعلام تركية، بينها "صحيفة تركيا"، إنه قرابة 15 ألف ملف.

وسرعان ما أصدرت وزارة الداخلية التركية بيانا أوضحت فيه أن الحديث المتعلق بذلك "مفبرك وملفق".

وقال نائب وزير الداخلية التركي، إسماعيل تشاتاكلي: "الأخبار التي تفيد بإلغاء جنسية 15 ألف طالب لجوء مفبركة".

وأوضح: "يتم أخذ الأمن القومي والنظام العام والارتباط الإرهابي في الاعتبار في كل مرحلة من مراحل إجراءات الجنسية، في حالة إلغاء الجنسية يتم التقييم الفردي ولا يوجد إلغاء جماعي".

وكذلك الأمر بالنسبة للبيان الذي نشرته "دائرة النفوس التركية"، والذي جاء فيه: "الأنباء التي تفيد بإلغاء جنسية 15 ألف طالب لجوء لا تعكس الحقيقة".

 

أعداد المجنسين 

حسب وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، تجاوز عدد السوريين المجنسين في تركيا حاجز الـ 200 ألف سوري. 

وقال في مقابلة مع تلفزيون "NTV" المحلي، إن عدد السوريين الحاصلين على الجنسية التركية منذ نهاية العام الماضي 2021، وصل إلى 200 ألف و950 سوريا. 

وأشار صويلو إلى أن هناك 25 ألفا و969 مستثمراً أجنبيا حصلوا على الجنسية أيضاً. 

ونفى صويلو في الوقت ذاته، الإشاعات التي تتحدث عن تجنيس نحو 900 ألف لاجئ سوري، مشيراً إلى أن عدد المجنسين ممن يحق لهم المشاركة في الانتخابات الرئاسية والبلدية لم يتجاوز 113 ألف شخص لغاية اليوم. 

وفي رده على ادعاءات الأحزاب المعارضة حول تأثير التجنيس للاجئين على التركيبة السكانية في تركيا قال صويلو: "أريد أن أوضح موضوعا مهما، إن المعلومات المنتشرة هي معلومات ملفقة وأكاذيب ولا تمت للواقع بصلة". 

 

بالأرقام 

وفق الإحصائيات الحديثة التي أعلن عنها وزير الداخلية التركي، وصل عدد اللاجئين السوريين في تركيا والمقيمين فيها تحت بند الحماية المؤقتة إلى أكثر من ثلاثة ملايين ونصف سوري.

وهذه الأرقام شبه ثابتة منذ عام 2017، كما قال صويلو.

وأوضح أن عدد الأطفال السوريين الذين ولدوا في تركيا وصل إلى 700 ألف طفل، كما عاد أكثر من 500 ألف سوري إلى بلدهم بشكل "طوعي"، حسب تعبيره.

وفي إسطنبول وحدها يوجد أكثر من 500 ألف سوري، تليها مدينة غازي عنتاب بأكثر من 450 ألف سوري، وولاية هاتاي بـ 433 ألف سوري. 

ارفع صوتك

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".