ماذا بعد استثناءات قانون قيصر في سوريا.. ومن المستفيد؟
بهدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي والتعافي المبكر، أعلنت الحكومة الأميركية خلال مايو الجاري، عن المناطق المستثناة من عقوبات قانون قيصر في شمال شرق وغرب سوريا.
وجاء ذلك في بيان رسمي صادر عن وزارة الخزانة الأميركية، وأعلنت بموجبه جميع القطاعات التي تم السماح للأجانب بالاستثمار فيها، وأطلقت عليها اسم "الرخصة السورية العامة رقم 22".
وشملت القطاعات المستثناة 12 قطاعاً، من ضمنها الزراعة والبناء والاتصالات والبنية التحتية والنقل والتخزين والتمويل والتعليم والتصنيع والتجارة، في عدد من المناطق شمال شرق سوريا وغربها، فيما لم تشمل مناطق إدلب وعفرين.
كما تم السماح بشراء المنتجات النفطية ذات المنشأ السوري، إلا أن الاستثناء لا يزال يحظر استيراد المنتجات النفطية والنفط إلى الولايات المتحدة.
وأشارت الخزانة إلى أن هذا الترخيص لا يسمح بأي تعاملات تشارك فيها حكومة النظام السوري، أو أي شخص مقرب منها.
"امتياز" للشركات الأجنبية
تعقيباً على ما سبق، يقول الباحث والمتخصص في الشؤون الاقتصادية يونس كريم، لـ"ارفع صوتك"، إن هذا القرار سيساعد المنظمات الدولية والمحلية والشركات بالتعامل في الشأن السوري.
"إلا أنه سيبقى منوطا بعدة إجراءات وشروط، وهي أن تقبل الدول المجاورة بعمل هذه المؤسسات والمنظمات"، يضيف كريم.
ويتابع: "على سبيل المثال تركيا تمنع عمل بعض المنظمات في شمال شرق سوريا، وتحدد عمل البعض في شمال غرب سوريا، وكذلك الأمر لبنان والأردن. من ناحية أخرى، ستستفيد تركيا من هذا الاستثناء من خلال تنفيذ مشروعها لإعادة اللاجئين إلى المناطق هذه، رغم تعبيرها عن رفضه، لكنها بالفعل ستستفيد بشكل كبير".
ويرى كريم أن الشركات الأجنبية "ستقبل للاستفادة من هذا الاستثناء، من أجل تنفيذ عقود قديمة لها في المنطقة، وتحقق امتيازات على المدى الطويل".
ويبيّن أن قرار الخزانة الأميركية "مرتبط بطبيعة سياسية للمناطق المستثناة، على سبيل المثال في غرب الفرات يَمنع الأتراك تصدير البضاعة والسلع وإقامة المعامل، ومن ناحية أخرى في شمال شرق سوريا أيضا كذلك رغم أنها أكثر المناطق استقرارا، لا يوجد حتى الآن أي حركة رؤوس أموال من دمشق إلى القامشلي".
في نفس الوقت، يقول كريم إن "هناك الكثير من الشركات العالمية، من دول مثل بلجيكا وألمانيا وفرنسا وإسرائيل، وقعت عقودا مع الإدارة الذاتية وتريد أن تحمي نفسها من أي عقبات، لأنها الآن تريد أن تثبت تواجدها في هذه المنطقة تحسباً لأي حل سياسي أو تصعيد عسكري نتيجة وضع روسيا وإيران".
"وعلى المستوى الكلي والمستوى الاقتصادي لا أعتقد أن هناك تغيير كبير لأسباب، منها: أولا الفساد السياسي، وثانياً أن مراكز المدن مستثناة من هذا الاستثناء، مثل مركز مدينة القامشلي ودير الزور والحسكة التي يتواجد فيها النظام، وكذلك إدلب وعفرين، وهذه المراكز تضم أكبر تجمعات سكنية"، يوضح كريم.
"لا وجود لإدارة مدنية"
يتابع الباحث الاقتصادي حديثه لـ"ارفع صوتك"، قائلاً "لا وجود لإدارة مدنية حقيقية حتى الآن في الشمال السوري، سواء في غرب الفرات أو شرقه، فالإدارات المدنية الموجودة الآن هي إدارات شكلية، تجمّل الإدارات العسكرية لكسب الود، بالتالي لا يمكن التعويل على الإدارات المدنية لإصدار أية قوانين".
ويقول كريم إن "الكلام حول مجتمع مدني أو حكومة مدنية في هذه المناطق غير واقعي، فهذه الإدارات تفشل في كثير من القضايا لأنها خاضعة لسيطرة العسكر وعدم وجود قانون يحميها، نتيجة ارتباطها بجهات مختلفة".
"على سبيل المثال رغم دعم تركيا للإدارة المدنية، إلا أن الكلمة الأقوى هي للعسكر، كما أن هذه الإدارات أثبتت فشلها رغم حجم الأموال الكبيرة التي تأتي إليها"، حسب وصف كريم.
وعمّا سيجنيه رجال الأعمال في المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، من استثناء الخزانة الأميركية، يقول كريم إنهم "لن يستطيعوا استغلاله لصالحهم".
ويؤكد: "لا أعتقد أن رجال الأعمال الموجودين في مناطق النظام سيستفيدون عبر نقل أعمالهم إلى المناطق المستثناة، لأن نقل بنية الأعمال يحتاج إلى توفر بنية تحتية وكم كبير من الأموال".
"وكذلك لا يوجد معامل في هذه المناطق جاهزة لاستقبال أعمالهم، أضف إلى ذلك الموارد البشرية، وكذلك أيضا هناك بعض التحالفات بين قوات الإدارة الذاتية والنظام السوري، وفي حال حدوث أي عملية نقل للأنشطة لرجال الأعمال الموجودين في مناطق النظام سيتسبب بإثارة غضب دمشق، بالتالي قد يتطور الأمر إلى مشاكل أكبر بين الطرفين"، يتابع كريم.
دعم جهود الاستقرار
وفي إحاطة خاصة جرت في 13 مايو الجاري، مع نائب مساعد وزير الخارجية لسوريا إيثان غولدريتش، أشار إلى أن الاستثناء أتى "بغية تحسين الظروف الاقتصادية في المناطق الغير خاضعة لسيطرة النظام السوري".
وأكد أن هذه الاستثناءات "لن تلغي العقوبات المفروضة على نظام الأسد، ولن تسمح بأي تعاملات معه".
وقال غولدريتش، إن الاستثناء "عبارة عن ترخيص عام للشركات المهتمة بالاستثمار في المناطق وقطاعات الاقتصاد التي حددها الترخيص".
وكانت الولايات المتحدة الأميركية أقرت قانون قيصر عام 2019، ودخل حيز التنفيذ في حزيران 2020.
وشمل قانون العقوبات عددا كبيرا من الكيانات والأشخاص الداعمين لنظام الأسد وروسيا وإيران، وتضمن عقوبات على المؤسسات والكيانات التي تسهّل العمليات والتحويلات المالية للمؤسسات المدرجة في قائمة العقوبات.
كما شمل عقوبات على الرئيس السوري بشار الأسد وزوجته أسماء الأسد.