سوريا

تحليل يتحدث عن مقامرة الأسد في حرب أوكرانيا

02 يوليو 2022

نقلا عن موقع الحرة

في تحليله لموقف الرئيس السوري من الحرب الجارية في أوكرانيا، قال تقرير لموقع "جيوبوليتيكل مونيتور"  إن بشار الأسد يراهن على "نجاح" حرب حليفه الروسي، فلاديمير بوتين، حتى يضمن بقاءه في السلطة، بينما تشهد الساحة الدولية تطورات ربما تهدد بقاءه على رأس النظام.

وفي 29 يونيو، اعترفت سوريا رسميا بالدول الانفصالية التي أعلنتها روسيا، والمعروفة باسم جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوهانسك الشعبية كدولتين ذواتي سيادة، لتصبح بذلك ثاني دولة تفعل ذلك، بعد روسيا. 

وأثار القرار إدانة دولية سريعة وشرخا في العلاقات الدبلوماسية بين سوريا وأوكرانيا، بينما "أصبح الأسد أكثر حاكم يحس بالأمان بين الذين يحميهم الكرملين".

والأربعاء، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنهاء العلاقات الدبلوماسية مع سوريا.

وقال زيلينسكي في فيديو عبر تطبيق تلغرام "انتهت العلاقات بين أوكرانيا وسوريا"، مضيفا أن "ضغوط العقوبات" على دمشق الحليفة لموسكو "ستزداد شدّة".

وهذه ليست المرة الأولى التي تنضم فيها دمشق إلى حليفتها روسيا، إذ اعترفت الحكومة السورية في مايو 2018 بمنطقتي أبخازيا وأوسيتيا الانفصاليتين في جورجيا الواقعتين تحت النفوذ الروسي.

وتربط سوريا وروسيا علاقات اقتصادية كذلك، إذ وقعت موسكو خلال السنوات الماضية اتفاقات ثنائية مع دمشق وعقوداً طويلة المدى في مجالات عدة أبرزها الطاقة والبناء والنفط والزراعة. 

وبينما سارع الأسد لمماهاة موقف حليفه في الحرب على أوكرانيا، طلبا للاستقرار في منصبه، "يمكن أن تأتي مواقفه بنتائج عكسية على حكومته في سوريا" يقول التقرير.

العلاقات العميقة التي أقامها النظام السوري مع روسيا، ليست سرية، وهي علاقة زرعت منذ أوائل السبعينيات في ذروة الحرب الباردة، وسوريا الآن هي المعقل الوحيد في الشرق الأوسط المتبقي لروسيا، وريثة الاتحاد السابق. 

وخلال ما يعرف برياح "الربيع العربي" عندما بدا أن حكومة الأسد كانت في حالة انهيار، تحت حصار داعش وسلسلة انتصارات المعارضة السورية المسلحة، تدخلت روسيا رسميًا نيابة عن الأسد، لتغير مسار الحرب بشكل حاسم، مما ضمن في نهاية المطاف بقاءه ونظامه في السلطة.

لكن هذا التدخل أثار تنديدا دوليا إثر ورود تقارير عديدة عن انتهاكات إنسانية، شملت حملات قصف روسي عشوائي ضد المدنيين، وهو ما يواصل الكرملين إنكاره.

ومع استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي يمكن القول إنه العمل العسكري الأكثر إدانة دوليًا منذ الحروب اليوغوسلافية، كان الكرملين في أمس الحاجة إلى حلفاء، وهو ما سارع الأسد إلى فعله. 

الأسد كان ملاذ موسكو الوحيد بعد اتخاذ الصين موقفًا محايدًا علنا، لكنه مؤيد لروسيا ضمنيا، وحياد الهند، وتحفظ كل من كازاخستان وقيرغيزستان استجابة للقانون الدولي.

ولم تتلق روسيا أي دعم إلا من الدول ذات الأنظمة الاستبدادية، مثل إريتريا ونيكاراغوا وكوريا الشمالية وبيلاروسيا وسوريا وإيران وكوبا.

وكانت نفس هذه الدول، هي الدول الأعضاء الوحيدة في الأمم المتحدة التي صوتت بـ "لا" في تصويت الأمم المتحدة لإدانة العدوان العسكري الروسي في أوكرانيا.

وفي حين أن استراتيجية الأسد هي الاستمرار في إرضاء الكرملين من أجل البقاء، إلا أن التوقعات بنجاح خطته "تزداد قتامة" على حد تعبير التقرير. 

وفي أبريل، عيّن بوتين الجنرال الذي قاد الحملات العسكرية الروسية في سوريا، ألكسندر دفورنيكوف، لقيادة القوات العسكرية الروسية في منطقة دونباس. 

كما أعادت مجموعة فاغنر، سيئة السمعة، نشر مرتزقتها من سوريا وأجزاء أخرى من إفريقيا.

وفي مايو، استدعت روسيا أيضا عددا من القوات من سوريا إلى أوكرانيا، مما يشير إلى نقص كبير في القوى التي تساند الأسد. 

هذا الوضع، ترك فراغًا في القوى العسكرية المساندة للسلطة في سوريا، حيث يمكن للقوى المناوئة لحكومة الأسد، مثل تركيا أو إسرائيل أو فصائل المعارضة السورية أو حتى تنظيم داعش، استغلالها، وفق التقرير.

وفي الآونة الأخيرة، أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان عن خطط للتوسع أكثر في سوريا من أجل إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود المشتركة. 

وأدى ذلك إلى زيادة التوترات مع حكومة الأسد، كما أدى إلى نشر وحدات عسكرية سورية إلى جانب القوات الكردية في الشمال. 

ومع الإشادات الأخيرة لإردوغان من قبل الرئيس الأميركي، جو بايدن، لرفعه حق النقض ضد عضوية فنلندا والسويد في الناتو، أصبحت سوريا في موقف سيئ للغاية!

التقرير ختم بالقول إن الصعوبات التي تواجهها روسيا في أوكرانيا، تجعل الدعم العسكري للأسد ضعيفا، وذلك في غمرة وضع جيوسياسي يبدو أنه يتجدد في منحى مضاد لهما (روسيا وسوريا) "وهذه المرة، يمكن لهذه المعطيات أن تؤدي إلى نهاية نظامه".

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".