تشهد أسعار المواشي قبيل عيد الأضحى، في سوريا، ارتفاعا كبيرا في الأسعار، ما جعلها خارج القدرة الشرائية للغالبية العظمى من مسلمي سوريا.
وتجاوز سعر الأضحية الواحدة مبلغ 5 ملايين ليرة للعجل (1990 دولاراً)، ونصف المليون إلى المليون للخروف (199- 398) دولاراً.
ويستعد المضحّون لشراء الأضاحي من أجل استهلاكها أو لتوزيعها في أول أيام عيد الأضحى، الذي يعرف بـ"يوم النحر"، وسط ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، وبزيادة تفوق 30 % عن أسعار شهر رمضان الماضي.
هذا أدى لتراجع الإقبال على الشراء بنسبة 50% مقارنة برمضان الماضي، حسب ما أفاد رئيس جمعية اللحامين في اللاذقية، عبد الله خديجة، في حديثه لـ "صحيفة الوطن" المحلية.
وتختلف أسعار الأضاحي في سوريا بحسب النوع والوزن، وكذلك باختلاف المحافظات، حيث تحدد كل محافظة سعر الأضحية بشكل مختلف عن الأخرى.
وتسعّر الأضاحي بالدولار في المناطق خارج سيطرة النظام، وتتراوح أسعارها بين 700 و900 دولار، فيما تختلف الأسعار بين محافظة وأخرى في المناطق التابعة للحكومة، وتعتبر الأضاحي الأرخص في محافظتي حمص وحماة.
من جهته، قدّر غانم محمد وهو أحد المسؤولين في المسلخ المركزي بدمشق وجود تراجع كبير في أعداد الماشية التي يذبحها القصابون هذا العيد، مقارنة بالأعوام السابقة.
يقول محمد لـ"ارفع صوتك"، إن "الغلاء الفاحش وانهيار قيمة الرواتب وراء ذلك" موضحاً "سعر الكيلو الواحد من لحم الخاروف يفوق نصف الراتب الشهري للموظف. وتوجد مخاوف من الذبح بكميات كبيرة، بسبب انقطاع الكهرباء المستمر وموجة الحر، الذي قد يؤدي لفساد اللحوم وخسارة التجار".
ويضيف: "هناك ارتفاع كبير في أسعار اللحوم، تجاوزت نسبته 35% مقارنة بعيد الفطر الماضي، فسعر كيلو لحم الخروف يفوق 45 ألف ليرة سورية (18 دولارا)، ويبلغ سعر كيلو لحم العجل 40 ألف ليرة (16 دولاراً)، وهو خارج ميزانية معظم العائلات، لذا يعمد البعض إلى طلب الخراف من محافظات حمص وحماة لرخص ثمنها.
"ورغم وجود القوانين التي تمنع نقل المواشي بين المحافظات، يقومون بشراء الأضحية وذبحها في المحافظات الأرخص، ونقلها كلحم مذبوح عبر سائقين أو شركات نقل خاصة"، يتابع محمد.
التشارك في الأضاحي
أبو أحمد تاجر مواش في ريف دمش، يقول لـ"ارفع صوتك"، إن شراء الأضاحي "أصبح حكرا على الميسورين أو العائلات التي يصلها ثمن الأضحية من الأقارب والمهاجرين في الخارج".
ويلفت إلى "ظاهرتين جديدتين"، بقوله "الأولى، التشارك في أضحية واحدة، كأن تقوم خمس عائلات أو أكثر بالتشارك فيها واقتسامها بالتساوي، أما الفقراء فهم خارج المعادلة".
"والظاهرة الثانية، حجز الأضحية ودفع عربون مقدم لذبحها أول أيام العيد تخوفاً من ارتفاع الأسعار مع اقتراب عيد الأضحى"، يضيف أبو أحمد.
ويوضح أن الأسعار ارتفعت "بسبب ارتفاع قيمة العلف ونقص العلف المدعوم الذي تقدمه الحكومة لأصحاب المواشي، فكمية العلف المدعوم الذي يتم تقديمه كل ستة أشهر لا يكفي أسبوعا واحدا، ونعمد للشراء من السوق السوداء، كما تؤثر كلفة النقل على أسعار المواشي".
وعلى العكس مما سبق، توقع رئيس جمعية اللحامين في دمشق وريفها أدمون قطيش، نهاية الشهر الماضي، زيادة الإقبال على شراء الأضاحي، بسبب ازدياد إرسال الحوالات المالية خلال فترات ما قبل الأعياد.
وقال في حديثه لـ"صحيفة الوطن"، إن "الإقبال على الأضاحي هذا العام من الممكن أن يزداد بنسبة 25% عن العام الماضي، كما يمكن أن ترتفع أسعار اللحوم الحمراء بنسبة ضئيلة خلال وقفة العيد بالتوازي مع زيادة الطلب".
الفقراء ينتظرون
الكثير من الفقراء ينتظرون قدوم العيد، من أجل تلقّي حصتهم من الأضاحي، خصوصاً أنها ليست بمتناول اليد، بسبب الغلاء وصعوبة المعيشة.
تقول فاطمة (40 عاماً) من مدينة دوما في ريف دمشق: "لا قدرة لنا على شراء اللحوم التي أصبحت وجبة سنوية ننتظرها كل عيد، إذ لم نستطع تذوق اللحوم منذ العيد الماضي، ففي العيد الماضي وصلني أكثر من 6 كيلو لحمة، ولكن لم أتمكن من الاحتفاظ بها لأشهر بسبب غياب الكهرباء، وخوفا من فسادها نقوم باستهلاكها بأسرع وقت، ثم نعود نباتيين!".
تشاركها الرأي أم يوسف من ريف حماة، التي تقول لـ"ارفع صوتك"، إن المغتربين وبعض الجمعيات الخيرية يقومون بتوزيع لحوم الأضاحي في أول أيام العيد.
"هي خطوة جميلة ننتظرها لإدخال اللحوم إلى سفرتنا، رغم عدم وجود تنظيم في التوزيع وفي الكميات المقدمة"، تضيف أم يوسف.