طالبة الماجستير هبة محمود، مصممة تطبيق "غو غيرل" للنساء المحجبات، إلى جانب صور من مشروعها
طالبة الماجستير هبة محمود، مصممة تطبيق "غو غيرل" للنساء المحجبات، إلى جانب صور من مشروعها

بين أكثر من 300 متقدم يمثلون 45 بلدا حول العالم، تمكنت الشابة السورية هبة محمود من الانتقال إلى المرحلة الثانية والأخيرة للمنافسة على المركز الأول في المسابقة الدولية "UX Design Award" عن مشروعها "Go Girl". 

وتعتمد المرحلة الثانية في هذه المسابقة على تصويت الجمهور، على أن يتم إعلان اسم الفائز نهاية شهر أغسطس. 

ومشروعها عبارة عن تطبيق هاتفي، يستهدف النساء المحجبات ويساعدهن في ممارسة الرياضة بشكل سهل ومبسط، لتقوية أنفسهن جسدياً وعقلياً وعاطفياً. 

في حديثها لـ"ارفع صوتك"، تقول هبة محمود، إن التطبيق "ليس مجرد خطة غذائية أو رياضية، إنه أسلوب حياة، تم تصميمه ليشجع النساء على الحركة وتقوية أجسادهن من الداخل والخارج". 

 

القصة منذ البداية

بدأت قصة هبة بعد لجوئها إلى ألمانيا عام 2015، هرباً من الحرب الدائرة في بلادها، وكان عُمرها آنذاك 19 عاماً، تدرس سنتها الجامعية الأولى في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق.

وفي ألمانيا، دخلت الجامعة عام 2016 لدراسة تخصص جديد هو "التصميم الصناعي-  Industrial Design"، في جامعة "Hochschule Magdeburg-Stendal"، وهي حاليا طالبة ماجستير في ذات التخصص والجامعة.

تقول هبة إنها "الفتاة العربية الوحيدة، والطالبة الوحيدة التي عملت على المشروع منفردة، فالغالبية شاركوا كفريق أو لديهم شركاء ومشاريع مع شركات كبرى من مختلف أنحاء العالم، أمثال شركة فيليبس وسامسونغ وشركة القطارات الألمانية وTelekom للاتصالات وسواها". 

وتشرح فكرتها التي استلخمتها من تجربتها الشخصية: "بدأت ممارسة الرياضة منذ أكثر من ثلاث سنوات، وجربت الجري ورياضات أخرى، وفي كل مكان أتواجد به ألاحظ أننى المحجبة الوحيدة".

"ولأن الرياضة ساعدتني كتيرا على تقوية ثقتي بنفسي والشعور بالراحة والنشاط وتوسيع آفاق التفكير وتنظيم الوقت والحياة بشكل أفضل، أحببت أن أشارك النساء المحجبات تجربتي، فقررت تصميم تطبيق يجذبهن للرياضة والحركة، فتتحسن حياتهن من كل الجوانب، ويشعرن بالثقة بالنفس والقوة"، تضيف هبة.

والتطبيق الهاتفي، هو أيضاً مشروع تخرج هبة، أتمته في غضون شهرين كما تقول، مردفةً "حظيت الفكرة بإعجاب الدكاترة المشرفين، الذين وجدوها جديدة ومنفذة بطريقة مشجعة للاستخدام، وليست بحاجة لخبرة في مجال الصحة والرياضة، كما شجعوني للمشاركة في المسابقة". 

ولإنجازه تطلب الأمر في البداية "بحثاً وإحصائية موجهة للنساء المحجبات، اللواتي أجمعن على تفضيلهن الرياضة خارج المنزل، لكنهن بحاجة لنساء محجبات مثلهن كي يخرجن معاً على شكل مجموعات، ليشعرن بثقة أكبر، ويدعمن بعضهن البعض، وهذا هو هدف التطبيق"، تؤكد هبة.

وتتابع: "يستهدف التطبيق النساء المحجبات في ألمانيا، لأنني قمت بعمل بحث كبير حول المنتجات والتطبيقات الموجودة في السوق العالمية، وأجريت استبياناً شاركت فيه ٦٤ امرأة، كانت نتيجته عجز التطبيقات التي تلامس حاجات المرأة المحجبة".

"لهذا أحببت أن أوجه التطبيق للمحجبات لخلق مساحة شخصية لهن، أول مرة، فالتطبيقات العامة للرياضة كثيرة ولكن يفتقر السوق للتطبيقات المخصصة للمحجبات، كما أن النساء المحجبات في أوروبا لديهن احتياجات في مجال الرياضة تختلف عن المرأة غير المحجبة، التي تستطيع ممارسة الرياضة في الخارج للرياضة دون الالتفات إليها"، تبيّن هبة.

وتعتبر أن التطبيقات المصممة في مجال الرياضة الحالية لا تراعي حاجات المرأة المحجبة، ومربوطة بالكثير من القواعد والقوانين، ومصممة بشكل يستوجب من المستخدم أن يلائم نفسه مع التطبيق وليس العكس. 

صداقات جديدة واندماج  

وحول طريقة عمل التطبيق، تقول هبة محمود لـ"ارفع صوتك": "هو عبارة عن غرف محادثات متنوعة، وكل غرفة تشير لنوع رياضة محددة تشارك فيها مجموعات نسائية، كالمشي أو الجري، في مكان معين أو في الهواء الطلق، وللنساء حرية الاختيار بالتواجد ضمن جماعات نسائية محجبة فقط، أو المشاركة في غرف تحمل تنوعاً".

وهذا الأمر يساعد النساء ليس في ممارسة الرياضة فقط، إنما بتكوين علاقات جديدة، وقد تعزز تعلم اللغة عند بعض النساء اللواتي لا يتحدثن الألمانية بطلاقة، وتعزز الاندماج بين المهاجرات/اللاجئات وغيرهن من الألمانيات، وفق هبة.

تضيف: "التطبيق مجرد من القواعد والقوانين الموجودة في التطبيقات الرياضية المعقدة، فالمرأة لا تحتاج أن تكون ملمة بالرياضة أو بمواضيع الصحة، كما تختار الزمان والمكان الذي يناسبها والمجموعة التي تود مشاركتها".

وتشير هبة إلى أن التطبيق "لا يُلزم المرأة بارتداء أي لباس لا ترغب به، وبإمكانها ممارسة الرياضة باللباس الذي يناسبها". 

 

جوائز أخرى

حصدت هبة سابقاً عدة تكريمات من جامعتها بسبب تفوقها الدراسي، كما شاركت في مسابقة اختبارات على مستوى مقاطعة "Sachsen Anhalt" عام 2019، عن مشروع تصميم جهاز إنذار الحرائق يتم التحكم فيه عن طريق الموبايل. 

تؤكد هبة على شعورها بالفخر لتميّزها في مجالها، قائلة: "كوني عربية محجبة في بلاد أوروبا وناجحة بالتصميم، أستطيع أن أمثل الفئة القادمة منها، وأعالج بعض القضايا والمشكلات الاجتماعية بما يناسب مجالي، الذي يعتمد على تصميم منتجات وتطبيقات واختراعات جديدة".

"وسبق أن عملت على مشاريع مختلفة ليس لها علاقة بالرياضة، لكن حين أتيحت لي حرية اختيار الموضوع، اخترت تطبيقا رياضيا، كي أبرز الجانب الشخصي بي وحبي للرياضة، وأعالج مشكلة اجتماعية مرتبطة بأصولي ونشأتي"، تتابع هبة. 

وترى أن المجتمع الألماني "متحمس لفكرة التطبيق كالعرب تماما، فالجميع يرغب برؤية النساء المحجبات مندمجات وقويات جسديا وصحيا حتى يكن فاعلات في مجتمعاتهن". 

وتتطلع هبة في المرحلة المقبلة إلى التعاون مع شركات أو أشخاص، والعمل كفريق لتجهيز التطبيق بالشكل النهائي ليصبح متاحا على متاجر التطبيقات في الهواتف الذكية. 

وتلفت إلى إمكانية توسيع فكرة التطبيق ليكون متاحا لكل النساء من جميع أنحاء العالم، اللواتي يرغبن بممارسة الرياضة عبر المشاركة في تطبيق خال من التعقيدات، يمكنهن من الحركة والمشاركة بعيدا عن القواعد والقوانين التي تجعل من عملية الالتزام بالرياضة امراً صعبا ومعقدا. 

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".