بتندر وسخرية واسعة، واجه السوريون قرار الحكومة الأخير رفع أسعار المحروقات والبنزين للمرة الثالثة هذا العام بنسبة تصل إلى 130%.
وفور إعلان وزارة التجارة وحماية المستهلك قائمة الأسعار الجديدة للمحروقات، انتشر وسم "لا ترجعي يا ميساء" على مواقع التواصل الاجتماعي، وتداولته صفحات عدة محلية، وتفاعل معه الكثير من المواطنين والمؤثرين، ودعا المغردون السوريون ميساء لعدم العودة مطالبينها بأخذهم إليها.
وفي منشور له على الفيسبوك يحذر الصحافي علي داوود ميساء من العودة لأن تنكة البنزين أصبحت ب 62500 ليرة سورية.
وقال الليث الدمشقي في تغريدة "لا ترجعي لو كنتي مدعومة"، فيما كتب السوري حيدر سعيد في منشوره" 2500 يا ميساء لا ترجعي يا ميساء".
وتعود قصة ميساء إلى فيديو انتشر بكثافة على منصات إعلامية عربية ومواقع التواصل في يوليو الماضي.
في الفيديو المتداول تحاول سيدة إقناع صديقتها ميساء المغتربة في البرازيل بالعودة السريعة إلى "أرض الوطن"، مستعرضة في مكالمة فيديو أجواء البهجة المحيطة بها في أحد شوارع مدينة حمص، وتحاول إقناعها بالعودة لسوري من أجل قضاء إجازتها بدلا من ريو دي جانيرو.
في ذات الوقت، كان أحد الشبان يقود سيارة بجانبها، فصرخ ساخراً "لا ترجعي يا ميساء"، وتوجه للفتاة بالقول، "لا تضحكي عليها للمخلوقة، لا ترجعي يا ميساء ما في كهربا".
ولخص مدير الأخبار في قناة سما الفضائية حسام حسن في منشور له على الفيسبوك معاناته الحالية بعد رفع الدعم عن البنزين، قائلاً: "تكلفة بنزين السيارة 500 ألف ليرة شهريا، وليس بإمكاني دفع المبلغ، أحتاج أن أنتظر ساعتين إلى ثلاثة، لأتمكن من الحصول على جزء من مقعد إلى جانب 3 أو 4 ركاب في حيز ضيق جدا، والمعاناة ذاتها ستتكرر في نهاية الدوام، بشكل أكثر تعقيدا، هذا الخيار يجعل الوصول إلى العمل بهذا الشكل يوميا، والعودة منه، أمرا يقترب من المحال!"
فيما يقول صالح سليمان في منشوره "القصة مو قصة رفع سعر مادة، القصة غلاء بشكل عام لا كهرباء ولا مي ولا راتب وفوق كل هادا رفع أسعار، وتفويلة السيارة أعلى من راتب الموظف".
المتنفس الوحيد
كأنهم يقولون لنا "هجّوا من البلد، ولو يفتحوا الحدود لن يبقى منا أحد"، بهذه الكلمات تعبّر هديل المحمد طالبة ماجستير علم الاجتماع في جامعة دمشق عن غضبها تجاه قرار الحكومة السورية رفع أسعار البنزين 130%
وتضيف لـ"ارفع صوتك": "كنا نتوقع قرارات ترأف بحال المواطن كرفع الرواتب أو مراقبة الغلاء والأسعار، ولكننا نتفاجأ بقرارات تزيد الضغوط علينا، فتفويلة (ملء) السيارة أصبحت تحتاج لراتب كامل، فيما ارتفعت أسعار التاكسي ووسائل النقل المختلفة بشكل كبير".
وترى هديل أن الناس الذين وصل بهم الحال "حد الانفجار يستخدمون التعليقات الطريفة والنكات للسخرية من الأوضاع، كونه المتنفس الوحيد الذي يخفف من المعاناة" حسب تعبيرها.
"وبينما تدعو الحكومة السوريين للعودة، يقول الناس لهم لا تأتوا فنحن إن لم نمت جوعا سنموت قهرا"، تتابع هديل.
وتضيف أن "السخرية العارمة التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي، تختلف عن واقع الحال، فهناك مواطنون ينتظرون على الطرقات بالساعات تحت الشمس، وأشخاص لن يتمكنوا من الذهاب إلى أعمالهم، ورغم ذلك هم يسخرون من الأزمة، لأن السخرية متنفسهم المتبقي، فيعمدون إلى نسج القصص الطريفة التي تضحكهم، وتخفف من معاناتهم في ظل هذه الأزمات".
وتبيّن هديل: "هكذا اختصر الناس الأمر، وتوجهوا لميساء وهي دلالة على التوجه لجميع المغتربين الذين ينوون العودة بألا يفعلوا، وأيضا رسالة للمسؤولين بأن المقيمين في البلاد موجودون قسرا، ولو فتحت لهم أبواب الهجرة لهاجروا جميعا، ففي علم الاجتماع هذا ما يسمى بمحاربة اليأس بالدعابة، ومواجهة الأخطار بأسلوب تهكمي، وبدل التهجم على الحكومة وقراراتها قاموا بنشر هاشتاغ (ميساء لا ترجعي) في إشارة لاستحالة العيش في سوريا".
في ذات السياق يقول يوسف زكريا من دمشق، لـ"ارفع صوتك"، إن "المسؤولين يقولون (نتمنى أن يعود المغترب لإنعاش الاقتصاد والسياحة) ونحن نقول لهم أن يأتوا أيضا ليروا الوضع، فهكذا يساعدوننا في الخروج من البلاد".
ويضيف "الحكومة تواكب أسعار النفط عالميا، لكن حبذا لو تتابع مستوى الرواتب عالميا أيضا، فبينما ترفع الأسعار لتتناسب مع أسعار النفط، تبقى الرواتب على حالها، حيث أصبحت كلفة المواصلات تفوق الراتب بأضعاف".
وأصدرت حكومة النظام السوري السبت الفائت، قرارها الذي دخل حيز التنفيذ والقاضي برفع سعر البنزين المدعوم وغير المدعوم.
وأكدت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك رفع سعر ليتر البنزين "الممتاز أوكتان ٩٠" المدعوم المستلم على البطاقة الإلكترونية إلى ٢٥٠٠ ليرة سورية بعد أن كان بـ ١١٠٠ ليرة.
كما رفعت سعر ليتر "أوكتان ٩٠" بسعر التكلفة (الحر) من ٣٥٠٠ إلى ٤٠٠٠ ليرة سورية.
ووفقاً للوزارة يأتي هذا القرار بهدف التقليل من الخسائر الهائلة في موازنة النفط وضماناً لعدم انقطاع المادة أو قلة توافرها.