المدرس المتقاعد صالح الحسين أثناء عمله على جهاز التكييف الذي ابتكره- ارفع صوتك
المدرس المتقاعد صالح الحسين أثناء عمله على جهاز التكييف الذي ابتكره- ارفع صوتك

تمكن المدرس السوري المتقاعد، صالح الحسين (48 عاماً)، من ابتكار طريقة تخفف من أزمة الحر في سوريا في ظل الانقطاع المستمر لشبكة الكهرباء، حيث صنع مكيفاً يعمل بالطاقة الشمسية بشكل مباشر دون وسائط.

واستفاد الحسين، الذي كان يدرّس المعلوماتية والبرمجة، من خبرته في أجهزة الكمبيوتر ومبيوترات والصيانة والأعمال الكهربائية، لتطوير فكرة المكيف.

يقول لـ"ارفع صوتك": "الشمس هي طاقة مجانية ويجب الاستفادة منها، خاصة مع انقطاع الكهرباء بشكل شبه دائم عن الكثير من القرى".

ويبين الحسين، وهو من مدينة القامشلي شمال شرق سوريا، أن فكرة التصنيع برزت لديه منذ أربع سنوات تقريباً، بعد أن ساءت التغذية بالكهرباء كثيرا، ورأى الناس يستعملون محرك السيارة ويضعونه على لوح الطاقة الشميسة، ويقومون بتشغيله كمروحة دون هيكل ودون مضخة ماء.

"فكّرت بتطوير الفكرة، وانتظرت لفترة بسبب عدم توفر مضخات المياه أو ندرتها حينها بسبب الحصار، ولكن ومع توفر هذه المضخات الآن بكثافة، أنشأت المشروع مستغلا خبرة 25 عاما في التدريس، جعلتني على اطلاع بأمور الكهرباء والتصنيع بالإضافة إلى خمس سنوات في أعمال الكهرباء والصيانة"، يتابع الحسين.

ويشير إلى أن المحاولات التجريبية الأولى استغرقت شهراً تقريباً،  مضيفاً "أنجزت مكيفات بأحجام مختلفة وبسرعات متعددة، لكن العراقيل كانت في الشكل الخارجي، الذي تم تعديله عدة مرات حتى وصلت إلى النموذج النهائي الذي يرضي الناس بالشكل والأداء ويوفر عليهم الكثير".

وحسب الحسين، يعمل الجهاز على الطاقة الشمسية من الصباح إلى المساء معتمدا على لوح صغير بقياس يتراوح بين 50 سم و60 سم، كما أن سعره "مناسب لأصحاب الدخل المحدود والطبقة الفقيرة". 

وهناك نماذج متعددة من المكيف الذي صنعه الحسين، فأصغر نوع منه يعمل في النهار على الطاقة الشمسية، وبالإمكان إيصاله ببطارية صغيرة في الليل ليعمل 5 ساعات متواصلة.

وبعد عرضه للبيع تفاجأ من "حجم الإقبال الشديد على المكيفات".

يقول الحسين: "لم نكن نفكر في التوسع في البداية أبعد من القامشلي، وكنت أخطط لتصنيع 20 إلى 50 مكيفا، وكنت خائفا ألا يكون هناك إقبال ولا ينجح المشروع، ولكنني تفاجأت بالإقبال الكبير الشديد جدا، والطلب من محافظات ثانية مثل دمشق وحماة ودير الزور والرقة".

ويضيف "بدأت مشروعا متكاملا بأقل من 200 دولار، وتردد الناس وخافوا من الدخول بالمشروع ولم يتبناه أي أحد، وأنا عملت به مع إخوتي الذين ساعدوني والحمد لله نجحنا".

ويأمل الحسين أن تتبنى أي منظمة أو جمعية المشروع، فتنخفض التكلفة ويتمكن من إيصال المكيفات إلى الفقراء وسكان المخيمات بأسعار أقل من الحالية.

"أرضى بالربح البسيط لأن الفئة المستهدفة هي أهل المخيمات الذين لا يملكون الكهرباء ولا التكييف، وأهل القرى التي تعاني من انقطاع الكهرباء بشكل متواصل"، يقول الحسين.

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".