شكل الانخراط العسكري الروسي في الحرب السورية إلى جانب النظام، منذ 30 سبتمبر 2015، نقطة تحول حاسمة في الصراع، حيث أدى التدخل "العنيف" إلى قلب موازين القوّة على الأرض، وترك انعكاسات على العملية السياسية.
ووصل التدخل الروسي حد ارتكاب "جرائم حرب"، كما ذكرت لجنة التحقيق حول وضع حقوق الإنسان في سوريا، التي أنشأتها الأمم المتحدة في عام 2011، ومنظمة العفو الدولية.
وفي الذكرى الثامنة على التدخل الروسي، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً، يسلط الضوء على أبرز الانتهاكات الروسية في سوريا. إذ حمل التقرير التدخل العسكري الروسي المسؤولية المباشرة عن مقتل 6943 مدنياً بينهم 2044 طفلاً. علاوة على تنفيذه 1243 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية على يد هذه القوات.

بعد ثماني سنوات على التدخل الروسي، نستعرض معكم أبرز محطاته.
رسالة الأسد والاستجابة الروسية
في 30 سبتمبر 2015، باشر سلاح الجو الروسي استهداف مناطق سيطرة المعارضة السورية، بعد أن اعتبرها مناطق واقعة تحت سيطرة "الإرهابيين".
التدخل الروسي، وحسب المعلن، جاء بناء على طلب من رئيس النظام السوري بشار الأسد، بعد أن فقدت قواته السيطرة على أكثر من 80 بالمئة من الأراضي.
وسائل إعلام روسية سرّبت رسالة أرسلها الأسد إلى بوتين، في العام 2013، يقول فيها " هناك ضرورة ماسة جداً للتدخل العسكري المباشر من قبل روسيا، وإلا سقطت سوريا والعالم المدني بأسره بيد الإرهابيين الإسلاميين".
بعد عامين من تلك الرسالة، وافق مجلس الاتحاد الروسي على تفويض الرئيس فلاديمير بوتين باستخدام القوات المسلحة خارج البلاد، لينطلق التدخل العسكري في سوريا. وهي الموافقة التي يصفها المعارضون السوريون بـ " الشكلية".
درعا وحمص.. نماذج على قلب المعادلة
غطى النشاط العسكري الروسي عموم الأرض السورية، إلا أن معركتي درعا وحلب، كانتا النماذج الأوضح على الدور الروسي في قلب موازين القوّة على الأرض.
ففي درعا التي تعرف بـ " مهد الثورة"، أدى الهجوم الشامل الذي نفذته القوات السورية بدعم غير محدود من الطيران الروسي، منتصف يونيو 2018، إلى الاستيلاء على المدينة، وهزيمة المعارضين المسلحين.
في نهاية يوليو، تمكنت قوات النظام من دخول المدينة وفرض سيطرتها "الشكلية"، بعد اتفاق المصالحة الذي أشرفت عليه روسيا مع الفصائل المسلحة، والذي تمّ بموجبه خروج مئات المقاتلين وعائلاتهم إلى الشمال السوري، وتصويب أوضاع الراغبين بالبقاء.
في مايو 2017، أعلنت الحكومة السورية أن قوتها استعادت السيطرة على مدينة حمص، الإعلان ما كان ليحدث لولا المشاركة الروسية في العمليات العسكرية.
وإضافة إلى سلاج الجو، قصف روسيا مدينة حمص بواسطة السفن الحربية التي تمركزت على السواحل السورية في البحر المتوسط.
وعلى غرار درعا، رعت روسيا اتفاق مصالحة في مدينة حمص نتج عنه إجلاء مئات المسلحين مع عائلاهم إلى مناطق الشمال السوري.

المصالحات، استراتيجية اعتمدتها روسيا في التعامل مع فصائل المعارضة المسلحة، فأسست في فبراير 2016 " المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتنازعة في سوريا". وغالبًا ما كان المركز يبدأ عمليه بالتزامن أو في أعقاب العمليات العسكرية التي تشنّها إلى جانب قوات النظام العسكرية، الأمر الذي دفع معارضين إلى اعتباره "جزء من آلة الحرب الروسية".
سوريا.. حقل تجارب للأسلحة الروسية
رأت روسيا في الصراع السوري فرصة لتجريب إنتاجها الجديد من الأسلحة، قبل طرحه في الأسواق.
ولم يتوان وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، عن الإعلان عن قيام بلاده باختبار أكثر من 320 نوعاً مختلفاً من الأسلحة الروسية في معارك سوريا، إضافة إلى اختبار تكتيكات حرب جديدة، وتدريب المقاتلين الروس على المشاركة في معارك المدن.
روسيا.. التمدد العسكري
أدى التدخل العسكري الروسي إلى تعزيز الوجود العسكري في سوريا، عبر توسعة قواعدها العسكرية، وإنشاء المزيد منها، إضافة إلى توقيع عقود تأجير طويلة.
هذا إضافة إلى قاعدة حميميم الجوية بريف اللاذقية، والتي تسيطر عليها روسيا بشكل كامل منذ 2015، وأجرت عليها عملية توسعة كبير، تمدّد الوجود العسكري الروسي على صعيد القواعد الجوية ليشمل مطار حماة، وقاعدة تدمر في ريف حمص الشرقي، وقاعدة المزة في دمشق.
أما على صعيد التواجد العسكري البحري، وقعت روسيا، في العام 2017، اتفاقاً مع حكومة النظام السوري، تستأجر بموجبه ميناء طرطوس الاستراتيجي على البحر المتوسط لمدة 49 عاماً.
الاتفاق تلاه قيام روسيا بتوسيع قاعدتها البحرية بهدف زيادة القطع العسكرية فيه، وإنشاء مجمع لإصلاح السفن والغواصات.