فريد القاسم القائد الجديد لجيش مغاوير الثورة خلفاً لمهند الطلاع.
فريد القاسم القائد الجديد لجيش مغاوير الثورة خلفاً لمهند الطلاع.

أثار تعيين قائد جديد لـ "جيش مغاوير الثورة" المتحالف مع التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش، موجة من الجدل، وصلت للحديث عن انشقاقات داخل صفوف الجيش.

وعيّن النقيب فريد القاسم، قائدًا لجيش المغاوير المتمركز داخل قاعدة "التنف" العسكرية الأميركية، خلفًا للعميد مهند الطلاع الذي عُزل من موقعه نهاية سبتمبر الماضي.

قرار تعيين القاسم، تبعته احتجاجات على شكل بيانات مكتوبة ومصوّرة نشرت على صفحة "مغاوير الثورة" على "تويتر".

ورفض بيان حمل توقيع القيادة العسكرية المشتركة لجيش مغاوير الثورة، ما وصفه " التدخل من قبل أي طرف مهما كان في تحديد وتعيين قياداتنا الثورية".

وقال البيان الذي حذف لاحقاً: "نرفض محاولة فرض النقيب فريد القاسم قائداً للجيش لأسباب عديدة"، ودعا "القيادة العامة للتحالف للتدخل بشكل مباشر لتجنب التداعيات الخطيرة"، كما بثّ المجلس بياناً مصوّراً يحمل نفس المضامين.

 

هل ما حدث انشقاق؟

 

تطورات تلاها الحديث عن انشقاق داخل صفوف الجيش، الأمر الذي نفاه القائد الجديد، فريد القاسم لـ "ارفع صوتك"، وقال "لا توجد أي حالة انشقاق في صفوف المغاوير، التعيين تم بالاتفاق مع جميع القادة".

وفيما يتعلق بالبيانات التي صدرت وترفض تعيينه، أوضح القاسم "كانت هناك بعض الطروحات المغايرة لتعيني قائداً لجيش المغاوير، لكن في النهاية تم الاتفاق بين جميع القادة على الأمر".

وبعد موجة الاحتجاجات، نشرت صفحة مغاوير الثورة على تويتر صوراً تجمع القاسم بقيادة الجيش، وقالت إنها خلال "مناقشة انتقال السلطة والعمليات المستقبلية".

وفي حديثه لـ "ارفع صوتك"، أوضح القاسم قائمة الأولويات المستقبلية، وهي "توفير متطلبات الحياة لأهالي مخيم الركبان، والعمل على تحسين علاقتنا مع دول الجوار للاستفادة من الدعم الذي تقدمه للمنطقة، ووضع المنطقة بالكامل على الخريطة السياسية السورية".

الخبير العسكري السوري، أحمد حمادة، استبعد في حديثه لـ "ارفع صوتك" حدوث انشقاق في صفوف المغاوير، وقال إنّ "إقالة الطلاع ليست بالحدث الخطير، والأصل أنه لا توجد مشكلة في اختيار قائد جديد من نفس التنظيم".

لكن حمادة يرجع الاحتجاجات التي عبّر عنها في البيانات التي صدرت إلى "وجود بعض الحساسيات بين عناصر جيش المغاوير المكون في الأساس من اندماج عدد من الفصائل".

 

مغاوير الثورة.. محاربة داعش وحماية الركبان

 

تأسّس جيش مغاوير الثورة في نوفمبر 2015 من عناصر فصائل مسلحة في البادية الشمالية منها "قوات الشهيد أحمد عبدو" و "جيش أسود الشرقية" و" لواء شهداء القريتين"، وأطلق على التشكيل الجديد "جيش سوريا الجديد". وفي ديسمبر 2016، تحول ليصبح "جيش مغاوير الثورة".

وشغل فريد القاسم قيادة "لواء شهداء القريتين".

ويبلغ عدد عناصر الجيش قرابة 400 مقاتل، ينحدر غالبيتهم من محافظات دير الزور وتدمر وريف حلب، وفقًا، للخبير العسكري، أحمد حمادة.

حصل عناصر الجيش على تدريبات عسكرية داخل الأراضي الأردنية، وفقاً لما أعلنه القائد السابق مهند الطلاع.

ويتركز نشاط "مغاوير الثورة" في المنطقة المسماة 55 والتي تقع فيها قاعدة "التنف" العسكرية الأميركية، إضافة إلى مخيم الركبان الصحراوي على الحدود الأردنية-السورية.

يذكر أن قاعدة "التنف" هي القاعدة الأميركية الوحيدة في سوريا التي تقع خارج مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، وتأسست في العام 2016 كمركز عمليات للحرب على تنظيم داعش. وتقع القاعدة في موقع استراتيجي على مثلت الحدود السورية العراقية الأردنية.

يشير حمادة إلى الدور "المهم" الذي لعبه جيش المغاوير في هزيمة تنظيم داعش في مناطق البادية السورية إلى جانب قوات التحالف، ويقول "خلال معارك التحالف الدولي ضد داعش في البادية كان للمغاوير دور واضح ساهم هزيمة التنظيم وتعقب فلوله (...) وحتّى الآن يواصل جيش المغاوير تعقب خلايا التنظيم ومحاصرتها".

إلى جانب ذلك، "يضطلع المغاوير بجهود حماية مخيم الركبان من الميليشيات الإيرانية وعناصر النظام التي تحاول السيطرة عليه"، يضيف حمادة.

ويقع مخيم الركبان في منطقة صحراوية نائية على الحدود الأردنية السورية، شرق محافظة حمص.

ووفقاً لأحدث بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، يعيش في المخيم قرابة 7500 شخص يعيشون أوضاعاً إنسانية صعبة نتيجة لغياب المساعدات، إضافة للحصار الذي تفرضه المليشيات الإيرانية وعناصر النظام.

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".