سوريا/ لبنان/ ترحيل
يوجد في لبنان ما يقرب من مليونين و80 ألف سوري بمن فيهم النازحين

الأسبوع المقبل، هو نقطة الصفر التي حددها الرئيس اللبناني، ميشال عون لبدء عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم على دفعات، من دون أن يكشف عن تفاصيل أكثر، وسط ضبابية بشأن آلية التنفيذ وموعد الانطلاق، وتحذيرات من منظمات حقوقية من المخاطر الناجمة عن "إجبار الأشخاص على العودة إلى بلدان يواجهون فيها خطرا واضحا بالتعرض للتعذيب أو باقي أنواع الاضطهاد".

وسبق أن تبلغ اللاجئون السوريون في عرسال الذين سجلوا أسماءهم للعودة، أن تاريخ الانطلاق سيكون يوم أمس الأربعاء، بحسب ما أكده أحد اللاجئين (من بلدة فليطة) لموقع "الحرة".

وشرح "أبلغ النظام السوري أقاربنا في سوريا أن الثاني عشر من الشهر الجاري هو موعد مسيرة القافلة، وعلى هذا الأساس حضرنا أنفسنا، بعنا جزء من أغراضنا، بعضنا سلّم منزله وخيمته، تأهبنا منتظرين إشارة الأمن العام اللبناني لتشغيل محركات سياراتنا والتوجه إلى بلدنا، إلا انه لم يتواصل معنا، لنتفاجأ بعدها بتأجيل الموعد".

وأضاف "نعيش مرحلة جديدة من التهجير، حيث نبيت الآن في بيوت معارفنا بانتظار أن يسهل الأمن العام اللبناني عودتنا بأسرع وقت ممكن قبل تساقط الثلوج وإغلاق الطرق".

و"بلغ عدد العائلات التي سجلت أسمائها للعودة في القافلة الأولى لدى وزارة المهاجرين 483 عائلة، أي ما بين 1500 و1800 شخصاً، وقد تم تسجيل 235 سيارة كذلك"، بحسب ما أكده وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال، عصام شرف الدين لموقع "الحرة".

أما المدير العام للأمن العام اللواء ابراهيم فكشف اليوم الخميس أن "عدد السوريين الموجودين في لبنان بلغ ما يقارب مليونين و80 ألفا بمن فيهم النازحين، وستضم الدفعة المقبلة 1600 نازح ننتظر الأجوبة بشأنهم من السلطات السورية للبتّ بموعد إعادتهم".

وعن الآلية التي ستعتمد لاستئناف قوافل العودة، قال اللواء ابراهيم "هي نفسها التي اعتمدناها منذ العام 2017 وأسفرت عن إعادة ما يقارب 485 ألفا"، مضيفاً خلال استقباله وفدا من نقابة محرري الصحافة اللبنانية في مكتبه في المديرية "نحن لم ولن ننتظر ضوءا أخضرا من أحد لاستئناف قوافل العودة، ولا أحد سمح لنا من قبل ولا سأل. وإن كان هناك من تغيير في الموقف الأوروبي من موضوع العودة، فذلك يعود الى ما تركته قوافل الهجرة غير الشرعية التي تطرق أبوابهم، وأن هذا الأمر قد يُغيّر في المقاربة الدولية لهذا الملف، فنحن في لحظة سياسية مؤاتيه للعمل على إعادة هؤلاء إلى بلادهم".

سيعود اللاجئون كما تقول المنسقة القانونية لوزارة المهجرين في عرسال، المحامية رنا رمضان، إلى "قرى ومدن القلمون الغربي وهي مدينتي يبرود وقارة، وقرى جراجير والمشرفة (فليطة) ورأس العين ورأس المعرة والسحل والصرخة، سيعودون بسياراتهم وأغراضهم، ومن لا يملك مركبة سيستأجر واحدة على حسابه الخاص"، لافتة في حديث لموقع "الحرة" إلى أن "القافلة الأولى ستتبعها قوافل عدة، تنفيذاً لخطة وزير المهجرين التي تهدف إلى إعادة 15 ألف لاجئ شهريا".

وأشارت رمضان إلى أن "قرية الصرخة مدمرة بشكل كامل، وقد سجلت 25 عائلة أسماءها للعودة إليها، لذلك طالبنا بمراكز إيواء لكن إلى حد الآن لم نتلق أي جواب من الجهات المعنية".

وشددت على أن "التأخير في تسيير القوافل يشكل عبئا على اللاجئين كون الشتاء طرق أبوابهم، والجميع يعلم أن طريق الزمراني الذي يصل بين عرسال وقرية جراجير والذي ستسلكه القافلة سيصبح غير صالح للمسير في حال نزول المطر، وبالتالي لن تعبر القافلة هذا الطريق، وتغيير مسارها قد يؤدي الى عدول اللاجئين عن قرار عودتهم".

بين العودة القسرية والطوعية

عزم السلطات اللبنانية على إعادة اللاجئين السوريين وصفه الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري، جورج صبرا، بالمؤسف والمؤلم "كونه يدفعهم إلى مخاطر جدية وليس احتمالية، في وقت ما زالت المنظمات الدولية المعنية بهذا الأمر، تقول إن العودة ليست آمنة، لاسيما مع تسجيل العديد من الحوادث للاجئين عادوا إلى وطنهم، ومازالوا يتنقلون بين المعتقلات والسجون والبعض منهم اختفى أثره" وتساءل في حديث مع موقع "الحرة"، "كيف يمكن للبنان أن يفعل ذلك مع جاره الأبدي"؟

من جانبه تساءل مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، "ألا يرى ميشال عون كيف أن السوريين يبيعون أملاكهم في سوريا ويهربون حتى من مناطق النظام إلى أوروبا، فإلى أين يريد أن يرسلهم، إلى بلد يفتقد الأمان واقتصاده منهار، إلا إذا كان يريد إعادة مؤيدي النظام، إذ لا أحد معارض وحتى غير معارض في رأسه ذرة عقل يفكر بالعودة إلى سوريا".

في الوقت الذي يعتبر فيه صبرا أن "العودة قسرية وليست طوعية، في ظل ما يتعرض له اللاجئون من مضايقات يشتم منها رائحة عنصرية وكراهية، لا تليق باللبنانيين، ولا يستحقها السوريون الذين فتحوا بيوتهم وقلوبهم لأشقائهم اللبنانيين عام 2006"، يرى عبد الرحمن أن "لا أحد يمكنه إجبار اللاجئين السوريين لا عباس ابراهيم ولا ميشال عون ولا غيرهما على العودة إلى سوريا، ومن يقررون ذلك هم مؤيدو النظام".

أما مدير مركز حقوق السجين في نقابة المحامين في طرابلس، المحامي محمد صبلوح، طرح علامات استفهام حول "تزامن الإصرار الرسمي على العودة القسرية واقتراب نهاية عهد عون، وسكوت المجتمع الدولي والأمم المتحدة لاسيما مفوضية اللاجئين، فقد هدد لبنان أكثر من مرة بإعادتهم من دون أن تُتخذ خطوات جدية ضاغطة لمنعه، لاسيما وأن غالبية اللاجئين معارضون للنظام السوري".

وأشار صبلوح إلى إخفاء النظام السوري لشاب لبناني كان على متن الزورق الذي غرق قرب سواحل طرطوس، واعتقاله عدداً من السوريين الذين عادوا إلى ديارهم بناء على مرسوم العفو العام".

كما تساءل في حديث لموقع "الحرة"، "ما الذي تغير في سوريا حتى يتخذ المسؤولون اللبنانيون هذا القرار؟ الاشتباكات لا تزال مستمرة، النظام المتهم أمام المجتمع الدولي بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان لم يتغير، والأمن والأمان لم يتوفرا"، مشدداً "لو كانت العودة طوعية لما انتظر اللاجئ السوري قرار الحكومة اللبنانية الذي اتخذته بعدما استنزفت المجتمع الدولي، حيث حصلت على مساعدات بمليارات الدولارات".

تسليم اللاجئين للنظام السوري سيعرضهم، بحسب المحامي، "للانتهاكات والتعذيب وخطر الموت، وسيعرض لبنان للمساءلة الدولية كونه يخالف الاتفاقيات الدولية لاسيما "اتفاقية مناهضة التعذيب" بصفته طرفاً فيها، إضافة إلى أن لبنان ملزم في القانون الدولي العرفي بمبدأ عدم الإعادة القسرية، إلا إذا كان هناك غطاء دولياً واتفاقاً ضمنياً بعودة اللاجئين، وتم إعطاء الضوء الأخضر للبنان لاغلاق هذا الملف".

يضرب المسؤولون اللبنانيون بعرض الحائط المخاوف والتحذيرات التي سبق أن أعلنتها منظمات دولية، منها منظمة "هيومن رايتس ووتش"، التي اعتبرت أن أي إعادة قسرية إلى سوريا ترقى "إلى مصاف انتهاك لبنان للالتزامات بعدم ممارسة الإعادة القسرية – أي إجبار الأشخاص على العودة إلى بلدان يواجهون فيها خطرا واضحا بالتعرض للتعذيب أو باقي أنواع الاضطهاد"، لا بل ترافقت التصريحات الرسمية ضد اللاجئين مع ممارسات تقييدية وتدابير تمييزية ضدهم، بحسب ما وصفت مفوضية اللاجئين، التي عبرت عن قلقها الشديد إزاء ذلك.

انعدام الثقة بالنظام

يستند المسؤولون اللبنانيون في دفع السوريين إلى العودة، إلى ضمانات من الجانب السوري، ترتكز على العفو الرئاسي الشامل عن مجموعة من الجرائم تشمل تلك التي ارتكبها سوريون فروا من بلادهم، والذي سبق أن صدر هذا العام، إضافة إلى ما أعلنته السلطات السورية حول تخفيف الإجراءات لمن فروا من الخدمة العسكرية الإلزامية.

عن ذلك علّق عبد الرحمن بالقول "لا يملك بشار الأسد الضمانات لكي يعطيها، فحتى لو أعلن عنها لن تلتزم أجهزته الأمنية بها، من هنا نشدد على ضرورة أن تكون مقرونة بمراقبة أممية وليست ضمانات إعلامية، إذ لا ثقة بالنظام السوري على الإطلاق، والعودة يجب أن تكون طوعية بإشراف لجان من الأمم المتحدة، وليست لجان من الحكومة اللبنانية".

واستشهد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان بما سبق أن تعرض له شابان مطلوبان من قبل حزب الله، عادا قبل سنتين وفق ضمانات روسية من مخيم الركبان، (على مثلث الحدود الأردنية والسورية والعراقية) إلى بلدة القريتين في ريف حمص الشرقي، فاعتقلهما الحزب والمخابرات العسكرية، وإلى الآن مصيرهما مجهول، "كما يوجد العديد من الأشخاص الذين عادوا من ذات المخيم بناء على تفاهمات وقتلوا تحت التعذيب في معتقلات النظام".

كذلك قال صبرا "القاسي والداني يعرف ألا مصداقية للأسد ونظامه فيما يتعلق بالشؤون الأمنية، فالسوريون لم يخرجوا من منازلهم بحثاً عن الغذاء أو غيره، فبلدهم مليء بالخيرات، بل خرجوا بحثاً عن الأمن وقد وجدوه عند أشقائهم اللبنانيين خلال السنوات الماضية وبرعاية أممية".

وشدد "لا تتحدث الأمم المتحدة من فراغ عن عدم توفر الأمان والشروط الطبيعية لعودة آمنة وطوعية، بل بناء على تقارير وبينات، في حين أن السلطات اللبنانية تعطي أذناً للنظام السوري وهي تعلم أنه يكذب في كل ما يقوله، وعندما تتوفر شروط العودة الطوعية والآمنة، سيرى العالم كله تدفق السوريين إلى ديارهم، ليس من لبنان فقط، بل منه ومن الأردن وتركيا وأوروبا".

وكانت لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا، أكدت في تقرير أصدرته في سبتمبر الماضي أن سوريا لا تزال غير آمنة للعائدين، حيث حذرت من تجدد القتال بشكل واسع النطاق بين أطراف الصراع فيها، مشيرة إلى ازدياد "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الأساسية والقانون الإنساني" في جميع أنحاء البلد خلال الأشهر الستة الماضية.

وفي ذات الشهر، وجه رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني، نجيب ميقاتي، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، شدد فيها على أن "الوضع الصعب الذي يواجه لبنان يقتضي مقاربة مختلفة نوعياً في التعاطي مع أزمة اللجوء السوري، قبل أن تتفاقم الأوضاع بشكل يخرج عن السيطرة".

من ملجأ إلى معتقل

الغاية من الإصرار الرسمي اللبناني على إعادة اللاجئين، بحسب عبد الرحمن، "تحقيق مكاسب إعلامية وشعبية، حيث يتم تحميل السوريين أعباء الفساد الاقتصادي في لبنان"، لكن كما يقول صبرا "يعرف الشعب اللبناني تماماً ان وجعه وآلامه ومصائبه لم تأت من اللاجئين، بل من اللصوص والفساد والحكام السيئين الذين قادوا البلد إلى الانهيار".

ويضيف "رغم الحشد الرسمي للخطة لن تحل مشكلة لبنان، وستواجه اعتراضات لبنانية وإقليمية عربية وكذلك دولية، وستتحمل السلطات اللبنانية المسؤولية أمام المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية المعنية بالأمر، وستتأثر سمعة هذا البلد الذي لطالما كان ملجأ للأحرار السوريين من أدباء ومثقفين وسياسيين، لكنه للأسف تحوّل الآن إلى مركز اعتقال لتسليم السوريين إلى نظام الأسد".

لا تسهل مفوضية اللاجئين ولا تشجع في الوقت الحالي "عودة طوعية واسعة النطاق للاجئين من لبنان إلى سوريا" بحسب ما تقوله المتحدث الإعلامية باسم المفوضية دلال حرب لموقع "الحرة"، مشيرة إلى أن المفوضية "ستواصل الانخراط في الحوار مع الحكومة اللبنانية، بما في ذلك مع مكتب الأمن العام في سياق حركات العودة التي يسيرها".

آلاف اللاجئين يختارون ممارسة حقهم في العودة كل عام، بحسب حرب التي تشدد على أن "المفوضية تدعو إلى احترام الحق الأساسي للاجئين في العودة بحرية وطوعية إلى بلدهم الأصلي في الوقت الذي هم يختارونه".

رغم الإصرار الرسمي اللبناني على عودة اللاجئين السوريين، واقتراب موعد أولى الخطوات التنفيذية للخطة الحكومية، فإن صبلوح يتمنى التراجع عنها، و"ألا يختم رئيس الجمهورية عهده بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وألا نسمع عن انتهاكات واعتقالات وقتلى بسبب قرار غير مدروس تم أخذه في غرف سوداء".

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".