بجهد وتصميم، تعمل السورية سامية حاج، وهي في الأربعينات من عُمرها، في ورشة لتصليح الأدوات الكهربائية، محاولة كسر الصورة النمطية التي تحدد مهن النساء وتحصرهن بأعمال معينة في مجتمعها.
"كثيرا ما كنت أقابل بنظرات الاستغراب والاستهجان بسبب عملي، ثم اعتاد الناس وأصبحوا يثقون بي ويطلبونني بالاسم حين يحضرون تلفازا للتصليح"، تقول سامية، من مدينة السلمية التابعة لمحافظة حماة وسط سوريا.
البدايات
تقول لـ"ارفع صوتك"، إنها في مهنة إصلاح الكهربائيات منذ 21 عاماً، وهي متزوجة، لديها طفلان.
وتوضح سامية: "درست في معهد تطبيقي باختصاص إلكترونيات، واخترت هذا المجال لأنني أحبه كثيرا وأستمتع به، وبعد أن أنهيت دراستي، تم تعييني في مركز سبرونكس لصيانة وتصليح أجهزة التلفزيون".
حين بدأت العمل استغرب الناس كيف يمكن لفتاة أن ترغب بالتصليح وتفكيك وتغيير القطع، تبين سامية: "كنت أسمع بعض العبارات من الشبان لكن دون أن أهتم، ومن خلال إصراري ورغبتي الكبيرة بهذا العمل أثبتت للكثيرين أنني قادرة ومتمكنة".
وتتابع التذكّر: "البداية كانت بسيطة، إذ تعلمت تفكيك الأجهزة والتعرف على القطع المختلفة، وخلال شهر صرت أفك وأركب وأصلح وحدي".
"كان لدي تحد للنجاح، وكنت أحيانا أبقى لخمس أو ست ساعات أحاول تصليح قطعة ما، وأنا جالسة على نفس الطاولة في نفس المكان دون، ملل حتى أنجح بتصليح القطعة، وكنت أحيانا أتعرض لخطر صعقة كهربائية أو حرق بالقصدير، لكن بعد الإنجاز، أفرح وأنسى كل التعب"، تقول سامية.
ولاقت سامية الدعم العائلي، منذ البداية، قبل عقدين من الزمان حتى اليوم.
وعن أكثر ما تقوم بإصلاحه تقول "التلفزيونات والشاشات القديمة والحديثة، وتعديل التلفاز من قديم لحديث، حيث أصبح لديها خبرة كبيرة وتتابع بشكل دائم الاكتشافات والتحديثات في عالم هذه المهنة".
وتضيف سامية: "أعمل من قلبي وأعتبر أن أي قطعة أقوم بإصلاحها كأنها لي، وأحيانا أمضي أياماً في التصليح حتى أنجح".
التحديات
عانت سامية في بداية عملها من الصدمات الكهربائية، تقول "كنت أبكي وأتضايق، ثم اعتدتُ الأمر. وفي إحدى المرات سقط تلفاز من يدي وكُسر، حينها شعرت أن قلبي توقف، ولكن بعدها استطعت تأمين شاشة جديدة وأعدت تركيب التلفاز وتسهلت الأمور".
"كذلك كنت أعاني من أسئلة الزبائن، فهم يريدون معرفة العطل بالتفصيل والقطع وأنواعها، كنت أشعر بالانزعاج، لكن اليوم وبعد سنوات من الخبرة أصبح الموضوع عاديا، وصرت أعطيهم التفاصيل، وأشرح للناس أنواع القطع التي قمت بتبديلها مع ابتسامة عريضة"، تضيف سامية.
أما عن الصعوبات الحالية، تؤكد أن أزمة الكهرباء في البلاد والانقطاع المتكرر لها بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي أثرت على قدرة الناس الشرائية، كل ذلك أثر على مهنتها.
وعن خلاصة تجربتها، التي ما زالت مستمرة، تؤكد سامية: "في داخل كل إنسان طاقة أو رغبة يحب أن يمارسها مهما كانت، وفي أي مجال، سواء في البيت، أو الرياضة، أو الطبخ، أو الخياطة، وغيرها. وعليه أن يتعب على نفسه ويقوم بتطوير هذا الشغف وتنمية الموهبة".
وتتابع: "قد يتعب في البداية قليلا، لكن بالطبع إذا استمر في المحاولة سينجح ويحقق حلمه، فالحياة مستمرة وعلينا أن نتعب ونضحي لتحقيق شيء جميل في حياتنا، وهناك مهن كثيرة مشتركة بين الرجال والنساء، والأهم أن يكون لديك الهواية والرغبة، وستنجح بالتأكيد".