جنود من قوات النظام السوري في حلب. أرشيف
جنود من قوات النظام السوري في حلب. أرشيف

"جنودٌ يتراقصون على أغنية تمجّد سوريا (يا جنة من عند الرب) داخل سيارات خاصة وعسكرية. يضحكون ويلوحون بالأسلحة على إحدى حواجز التفتيش، ومن ثم يكملون طريقهم لإنجاز مهمة بأوامر عليا. لإشعال أثر من قتلوهم بالبنزين، قبل ركلهم إلى حفرة، لدفنهم في إحدى بقاع الوطن".

تختصر هذه العبارة مشهدا من سلسلة فيديوهات تعود قصتها إلى الأعوام الأولى للثورة السورية، وتفضح "سلوكا ممنهجا" اتبعه ضباط وعناصر يتبعون لإحدى فرق النظام السوري ومخابراته بحق رفات مدنيين ومنشقين وأعضاء معارضة، بعد إعدامهم ميدانيا، بين عامي 2011 و2013.

وكشف "المركز السوري للعدالة والمساءلة"، ومقره واشنطن، عن تفاصيل هذه الفيديوهات ضمن تحقيق نشره، الاثنين، تحت عنوان: "لا تتركوا أثرا. إحراق الحكومة السورية لرفات الضحايا والتخلص منها".

وأثبت التحقيق بعد تحليلها، والجمع ما بين البيانات المفتوحة المصادر والتوثيق الميداني ووثائق استخباراتية سابقة أن "ضباطا رفيعي المستوى في المخابرات العسكرية السورية والجيش السوري شاركوا في التدمير غير المشروع للرفات"، في إحدى المناطق الصحراوية بمحافظة درعا.

ولم تكن هذه الجريمة "فردية أو استثنائية"، بل فعلها هؤلاء ضمن "سلوك ممنهج، من خلال التصوير وبسياقات دقيقة".

وعلى مدى السنوات الماضية أثبتت منظمات حقوقية عمليات الإعدام الميداني، التي نفذتها قوات النظام السوري ومخابراته في المناطق التي أطلقت فيها عمليات عسكرية وأمنية.

وبينما بقيت القصة المتبقية من الجريمة "قيد البحث" يبرز التحقيق معلومات جديدة، موثقا حالات أسرت فيها قوات النظام السوري مدنيين، وفيما كان ينبغي اعتبارهم محميين بموجب القانون الإنساني ثبت أنهم تعرضوا لإعدام ميداني، وأن جثثهم دمرت، "مما قد يعوق التحقيقات الجنائية، التي يمكن استخدامها في جهود المساءلة المستقبلية"، وفق المركز.

واعتمد المركز، وهو منظمة حقوقية، في إثباته النتيجة المذكورة على 131 مقطع فيديو و440 صورة فوتوغرافية، واثنين من ملفات التسجيل الصوتي.

وتم العثور على هذه المواد في جهاز كمبيوتر محمول حكومي يحتوي على أدلة ترتبط بالتعذيب والقتل وجرائم ما بعد الوفاة، التي ارتكبتها "المخابرات العسكرية"، وأعضاء اللواء 34 المدرع التابع لـ"الفرقة التاسعة".

ونادرا ما يعلق النظام السوري على هكذا نوع من الأدلة التي تثبت ضلوع قواته في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وبينما يعتبرها "مفبركة من قبل الغرب"، يقول إنها تندرج ضمن نطاق "المؤامرة" التي تتعرض لها البلاد.

"لم يتركوا أثرا"

وتظهر إحدى الفيديوهات الرئيسية، واطلع عليها موقع "الحرة" كيف أقدمت مجموعة عناصر من "المخابرات العسكرية" و"الفرقة التاسعة" على إضرام النار في مجموعة من الجثث، بعد إنزالها من سيارة من نوع "بيك آب".

وفي الوقت الذي كان فيه أحد العناصر يسكب البنزين على جثة أحد الضحايا، اتجه آخر (يكنى بأبو طاهر) إلى تصوير الوجه بالكاميرا، ليتم فيما بعد ركله إلى حفرة مجهزة بشكل مسبق.

وبينما تكررت هذه العملية على جثة تلو الأخرى، كان برفقة هؤلاء العناصر ضابط تشير البزّة التي يرتديها وتقاطعات أخرى إلى أنه من "الضباط رفيعي المستوى".

ومن خلال التحليل الذي سرده التحقيق للفيديوهات الأخرى والأحاديث المتبادلة بين عناصر النظام السوري والضباط الظاهرين فيها اتضح أن من يقوم بالتصوير "تلقى أوامر لهذا الغرض".

كما اتضح أن عملية جمع المقاطع وتوثيق الجرائم كانت تتم "بشكل مركزي"، بما في ذلك توثيق هوية الضحايا، وأن هناك تعليمات لوصول الفيديوهات إلى "الفرع".

وبحث المعدون في الموقع الجغرافي للعديد من المقاطع، لمحاولة تحديد أماكن وقوع المجازر والمكان التقديري لدفن الضحايا، وكذلك التشكيلات العسكرية التي نفذت هذه الجرائم.

وبالاستناد على ذلك، تم التوصل إلى أن الفيديوهات صُورت في شمال درعا، وفي مناطق كانت تنتشر فيها تشكيلات تابعة لـ"الفرقة التاسعة" في قوات النظام، وكذلك فرع "المخابرات العسكرية" في منطقة "المسمية" وفي منطقة "اللجاة" بريف درعا.

وحلل "المركز السوري" مجموعة فيديوهات أخرى لفهم أعمق لتشكيلات مجموعة المقاتلين وارتباطهم بتلك الانتهاكات، وخلص لتوثيق صور ومقاطع للعديد من الضباط الذين ظهروا على الكاميرا.

المجموعة الرئيسية من مقاطع الفيديو التي تم تحليلها كانت لأربعة مقاطع تظهر نقل ما لا يقل عن 15 جثة وتوثيق هويات أصحابها من قبل منفذي الجريمة، ثم إلقائها في حفرة صغيرة، وإشعال النار فيها بعد سكب البنزين.

يقول المعدون: "يبدو أن العملية كانت مشتركة بين المخابرات العسكرية وقوة من عناصر الفرقة التاسعة"، وإن توثيق الضحايا كان يتم "بشكل ممنهج"، من خلال تصوير هذه العملية بكاميرا متخصصة، وبوجود الضباط.

كذلك حلل التحقيق آليات ظهرت في مقاطع فيديو أخرى، واستخدمت في عملية تجهيز الحفر وردمها.

وتم التعرف على إحداها من خلال البحث في المصادر المفتوحة. وتبين أنها آلية تستخدمها "القوات المسلحة السورية"، بحيث يتيح لها تركيب المجرفة على الشاحنات العسكرية، كي تتمكن من السير بسرعة في المناطق الوعرة، ما قد يعكس التخطيط الممنهج لتنفيذ هذه الجرائم.

"سلوك ممنهج"

ويقول المدير التنفيذي لـ"المركز السوري للعدالة والمساءلة"، محمد العبد الله، إن التحقيق يثبت أن جريمة إخفاء جثث الضحايا وعمليات الإعدام الميداني هو "ليس سلوك عناصر منفرد وسلوك إجرامي معزول، بل هو سلوك ممنهج".

ويضيف لموقع "الحرة": "الأمر لم يكن سلوكا بمعنى تخلصوا من الجثث على طريقتكم. محاولة إخفاء الجريمة ثبت أنها تحمل طابعا ممنهجا وسياسة دولة".

"كل جثة ترسل من البيك آب وتصوّر بكاميرا ديجيتال وبلقطات قريبة، بينما هناك شخص يتولى هذه العملية، ومن ثم يتم سكب البنزين بأوامر من ضابط رفيع المستوى بعد تلويحه بإشارة".

ويوضح الحقوقي السوري: "هذا الأمر هو سياسة دولة لإخفاء معالم الجريمة، وهي الإعدامات خارج نطاق القضاء".

واستعرض التحقيق عددا من صور العناصر والضباط المشاركين في عملية نقل الجثث ومن ثم إحراقها ودفنها في الحفرة، إضافة إلى لقطات تظهر عددا من الجثث تم تحميلها في سيارات مدنية وعسكرية، ضمن رتل مشترك لـ"الفرقة التاسعة" و"المخابرات العسكرية".

وهذا الرتل أظهرت الفيديوهات تحركاته بشكل واضح، قبل تعرضه لكمين من قبل إحدى التشكيلات العسكرية المعارضة، التي نشطت في محافظة درعا، بعد تحول الحراك السلمي إلى مسلح.

وقد شكل الكمين مدخلا لوصول الأدلة المتعلقة بالجريمة، والتي وثقها عناصر المخابرات و"الفرقة" بأنفسهم، لتصل مؤخرا إلى يد الناشط الإعلامي، الذي قدمها للمنظمة الحقوقية، بعدما حازها من أحد عناصر الجماعة المسلحة.

لماذا "المخابرات"؟

خلال السنوات الماضية وثقت المنظمات الحقوقية السورية دور "المخابرات العسكرية" في العديد من عمليات الإعدام الميداني والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

وقد تردد اسم هذا الفرع الأمني والعسكري في "مجزرة التضامن" التي حصلت في عام 2013 وتم الكشف عنها في أبريل الماضي.

وكذلك ورد اسمها في التحقيق الذي نشر مؤخرا عن سجن "صيدنايا"، وصولا إلى الأدلة الحالية التي كشف عنها "المركز السوري".

ويوضح مدير المركز، محمد العبد الله، أن دور "المخابرات العسكرية" مرتبط بعدة عوامل، إذ يشير اسمها إلى أنها "مخابرات الجيش"، بمعنى أن عمليات الأخيرة تتم بأوامرها وإداراتها، وأيضا العمليات عبر سلاح الجو.

قبل 2011 كان هناك تراتبية لأجهزة الأمن في سوريا، إذ كان فرع "أمن الدولة" هو المسيطر على البلد، فيما لعب دورا أكبر في قمع المعارضين.

لكن بعد تلك الفترة ومع انطلاقة الثورة السورية، يضيف العبد الله: "تم إعادة ترتيب الأجهزة الأمنية، لتصعد المخابرات العسكرية. وهي التي كانت صاحبة اليد العليا في الأوامر الأمنية، وتحريك الجيش ومحاصرة المناطق. كان لها دورا مركزيا".

ويتابع الحقوقي السوري: "بشكل رئيسي فإن مشاركة الجيش وقيامه بارتكاب المجازر يتطلب مرافقة من المخابرات العسكرية، على عكس بقية الأجهزة الأمنية".

"دون هوية"

ورغم إثبات التحقيق ضلوع أجهزة النظام السوري الأمنية والعسكرية في عملية إخفاء جثث الضحايا ومحو أي أثر لهم بالحرق كما هو موثق بالتصوير، إلا أن معدوه واجهوا صعوبة في التعرف عليهم أو الوصول إلى أسمائهم.

وبدأت هذه العقبات برداءة جودة مقاطع الفيديو، وعدم وضوح ملامح الضحايا.

مع ذلك، خلص المعدون إلى أن الجثث التي ظهرت في التسجيلات المصورة تعود لضحايا لم يمر وقت طويل على وفاتهم، كما أنه "لا توجد إشارات واضحة على أنها تعود لمعتقلين"، بمعنى أنها نتاج عملية "إعدام ميداني".

كما أن مقاطع الفيديوهات المتوفرة خلصت إلى أن الجرائم كانت تتم في مناطق مختلفة، حيث ظهر في إحداها ضحية يتم تعذيبه والتحقيق معه، ثم يظهر عملية التخلص من الرفات البشري في مقطع آخر، تختلف فيها البيئة الجغرافية بشكل كامل.

ومن خلال نشر إحدى المقاطع عبر "يوتيوب" استطاع ذوو أحد الضحايا التعرف على ابنهم، ليجري معدو التقرير مقابلة معه.

وسرد الشاهد ما جرى كما نقل له أحد أفراد العائلة، شارحا كيف اقتحمت قوات النظام منزل عائلته في قرية القنية في مدينة الصنمين بريف درعا، بعدما وفرت الأخيرة ملاذا لمجموعة من الجنود المنشقين عن "كتيبة سلاح الجو"، التي تقع قاعدتها في منطقة بين قرية القنية ومدينة الصنمين.

وبعد أن داهمت قوات النظام المنزل، وتعهدت بعدم إيذاء الموجودين حال تسليم أنفسهم فتحت النار على جميع من فيه، من ضيوف وجيران، لتغادر بعدها بدقائق مصطحبة جثث الجميع.

ويصف التحقيق نقلا عن الشاهد وصفه لفناء المنزل بعد مغادرة قوات النظام بأنه "بدا كما لو أنه كان أرضية مسلخ لذبح المواشي. غطت الدماء جميع أرجاء الفناء، وبقي الدم لمدة طويلة، رغم هطول المطر المستمر في فصل الشتاء".

يقول الحقوقي السوري، محمد العبد الله، إن عدم التعرف على هوية ضحايا الإعدام الميداني يرتبط بجودة الفيديوهات، من جهة، وبأن هذه المقاطع لم تكن منشورة في السابق، وبالتالي الأهالي لم يتعرفوا على أبنائهم.

لكنه يشير إلى فيديو يظهر تعذيب الشخص الذي استطاعوا معرفة شقيقه الشاهد، ومن خلاله تعرفوا على الحادثة بتفاصيلها. ويضيف: "في هذه الحالة نجحنا في مطابقة الجثة من ألوان الوجه وآثاره، لكن لم نستطع التعرف على هوية جثتين أخريتين".

كما تحدث العبد الله عن ضابطين (من المخابرات العسكرية والجيش) لم يتمكنوا من التعرف عليهما، وأنهم يأملون بعد نشر صورهما "أن نحصل على معلومات أكثر أو تصل لشخص شاهد قد يتعرف على مكان الحفر والمقابر".

"أوامر بالملاحقة والقتل"

وهذه هي المرة الأولى التي تخرج فيها أدلة مصورة توثق عمليات حرق ضحايا الإعدام الميداني، من جانب عناصر وضباط في قوات النظام السوري.

وإلى جانب ذلك عمل معدو التحقيق على مقاطعتها مع أوامر وتعليمات من "القيادة العليا" يعود تعميمها إلى بدايات الثورة السورية.

وحدد محللو "المركز السوري" مجموعة من الوثائق التي توضح الأوامر، والصادرة عن أجهزة المخابرات بخصوص ضرورة استخدام العنف، بما في ذلك إصدار أوامر مباشرة بتنفيذ الإعدامات، عند التعامل مع حالات مشابهة في محيط منطقة ضواحي درعا.

ويشكل ارتكاب فعل الإعدام الميداني بحق المدنيين انتهاكا للأركان والمبادئ الأساسية في "القانون الدولي الإنساني"، كما يخالف قواعد الحماية التي يتمتع المدنيون بها بصفتهم غير مقاتلين.

علاوة على ذلك، فإن "تدنيس جثث المتوفين والتعامل معها بشكل لا إنساني يناقض مسؤوليات الجماعات المسلحة، التي تقتضي الحفاظ على كرامة الرفات البشري".

وتحدث العبد الله أنه "وفي كل مرة يتم نشر تقرير يتضح فيه جرائم ضد الإنسانية ضد الحرب يبدأ سيل المعلومات بالتدفق بأننا نعرف هذا الضابط، وأنني كنت شاهدا على ذلك".

"مثل هذه المعلومات بيد المستخدمين والمصورين والشهود ستبقى طي الكتمان إلا إذا تشجع أصحابها وتم نشرها كما فعل المصدر الذي تحدثنا إليه".

ويشير الحقوقي السوري إلى وجود الكثير من الأدلة كتلك التي وصلت إلى أيديهم، لكنها لا تخرج إلى العلن لأسباب قد ترتبط بـ"عامل الخوف واليأس من غياب المحاكمات من جهة ولمرور الزمن عليها من جهة أخرى".

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".