Saudi hosts Arab League Summit in Jeddah
قمة جدة- رويترز

تحت شعار "سوريا لا يمثلها الأسد المجرم"، انطلقت حملات ومظاهرات في الشمال السوري وبعض المدن الأوروبية، رفضا لتطبيع الدول العربية مع النظام السوري، وإعادته إلى الجامعة العربية بعد تجميد دام 12 عاما، وتنديدا بمشاركته في القمة العربية في جدة التي انتهت أعمالها يوم الجمعة الفائت.

وتزامنا مع المظاهرات، وتحت الشعار ذاته، انطلقت حملات على وسائل التواصل الاجتماعي، شارك فيها السوريون بكثافة، معتبرين أن "بشار الأسد لا يمثلهم"، ورافضين تكريمه وإعادة الغطاء العربي له، ومطالبين بمحاسبته كـ"مجرم حرب اعتقل وهجر ملايين السوريين".

وخرجت مظاهرات حاشدة في مدن مارع وإعزاز والباب في ريف حلب وفي ريف إدلب، رفضا للتطبيع وحضور الأسد قمة الجامعة العربية.

كما صدرت العديد من البيانات المنددة بذلك، ونشرت "الحكومة  السورية المؤقتة"، بيانا، لـ"الجيش الوطني السوري" يرفض التطبيع، ويأسف على عودة التأييد للنظام "كمكافأة له على قتله مليون إنسان"، وفق تعبيره، داعيا إلى محاسبة النظام على جرائمه.

 

في ذات السياق، أصدرت رابطة الاعلامين السوريين بيانا ترفض  فيه تعويم النظام السوري، محذرين من تجاوز تضحيات السوريين وتقويض ثورتهم التي ستكون نتائجها توسع نفوذ المشروع الإيراني، وامتداد خطره ليشمل جميع دول المنطقة، معتبرين أن هذه الخطوة لن تمنع شحنات الكبتاغون.

 

حزن وخذلان كبير

تصف ميساء عموري (26 عاما) النازحة من ريف دمشق والمقيمة في عفرين، شعور الحزن والخذلان كطفلة عاصرت الثورة وكانت في سن الرابعة عشر من عمرها، تقول لـ"ارفع صوتك": "فقدت أبي في قصف النظام وثلاثة من أبناء عمي، واعتقل النظام عمي الآخر وأبناءه، وعشت طفولة مأساوية".

"12 سنة من التهجير والعذاب والفقد، لأرى مجرما ارتكب جرائم حرب يكافأ ويُكرّم.... شعور الخذلان كبير جدا"، تضيف ميساء، مؤكدةً "إن كان العالم سينسى، فنحن لن ننسى حقنا ومعتقلينا وشهداءنا وأحباءنا المغيبون". 

"حزينة جدا"، تقول نجلاء الدروبي (36 عاما)، النازحة من مدينة حمص والمقيمة في مدينة الباب في ريف حلب، مبينةً لـ"ارفع صوتك": "دُمّرت مديني وبيتي وهُجِّرت، وقُتِل الكثير من أقاربي، وسُوّيت أحياء عدة على الأرض في مدينتي، واختفت عائلات بالكامل ولم يبق منها أحد، وفي النهاية يعود الجاني إلى المكان الذي طرد منه، مكرما ضاحكا فوق آلامنا! كم الخذلان الذي أشعر به الآن يفوق كل ما عانيناه من آلام".

أما سعيد هدلة (39 عاما) المقيم في إدلب والنازح من حلب، فيقول: "يعتقدون أنهم بإعادته إلى الحضن العربي سيبتعد عن إيران، وهم مخطئون لأنه من جعل إيران تحتل سوريا، وسلمها مقاليد الحكم والنفوذ، ولم يأت إلى القمة إلا لحصد الأموال وابتزاز الحكومات العربية بالكبتاجون، وهو المستفيد الأول والأخير من محاولات تعويمه عربيا وعالميا، أما نحن الشعب، فنصرّ على رفض القاتل، ورفض تمثيله لنا ورفض الاعتراف بشرعيته وعدم محاسبته وإفلاته من العقاب".

فيما استغرب دريد أبو طوق (50 عاما) من ريف إدلب، هذا "الانفتاح العربي على مجرم حرب، يداه ملطختين بالدماء، ونظامه لا يحترم الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية".

يقول لـ"ارفع صوتك": "ثبت كل هذا خلال سنوات الحرب، بعد أن قصف شعبه بالكيماوي، وأنتج وصدّر وأغرق الدول العربية الكبتاجون والحشيش، وهم استقبلوه معتقدين أن إعادته ستخفف من إجرامه، أو تجبره على احترام المواثيق أو إيقاف تصدير المخدرات".

وفي مواقع التواصل، أعاد نشطاء سوريون نشرفيديوهات تضم لقطات للقصف والأهوال التي عايشها السوريون، وأجبرتهم على الهجرة لبلاد اللجوء، وللتذكير بجرائم النظام وقتله المدنيين الأبرياء تزامنا مع الحملة ورفضا للتطبيع.

النظام السوري يقصف منطقة سراقب بالكيمياوي
منظمة حظر الأسلحة الكيميائية: النظام السوري استخدم أسلحة كيميائية في هجوم عام 2018
خلصت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بعد إجرائها تحقيقاً، إلى أن القوات الجوية السورية استخدمت غاز الكلور، وهو سلاح كيميائي، أثناء هجوم على مدينة سراقب في العام 2018.
وأعلنت المنظمة في بيان أن فريق محققين من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية "خلص إلى أن وحدات من القوات الجوية العربية  السورية استخدمت أسلحة كيميائية في سراقب في
حاويات بها أسلحة كيميائية سورية خلال نقلها إلى السفينة الأميركية كيب راي
واشنطن تدين استخدام الأسد الكيماوي في سراقب
أدانت وزارة الخارجية الأميركية بأشد العبارات، استخدام النظام السوري السلاح الكيماوي في مدينة سراقب بمحافظة إدلب في الرابع من شباط/فبراير الماضي.

وقالت الوزارة في بيان أصدرته الخميس إن "نظام الأسد لم يتوقف طيلة سبع سنين عن ارتكاب الفظاعات مدعوما من روسيا وإيران في خرق فاضح للقانون الدولي"

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".