موسى الأسعد في معرضه الخاص بالسيوف- ارفع صوتك
موسى الأسعد في معرضه الخاص بالسيوف- ارفع صوتك

يجسد السوري موسى الأسعد ( ٣٣ عاما ) فخره بالتراث وحب الفنون التقليدية في هوايته لجمع السيوف، وممارسة الفروسية، وتدريب الشبان والأطفال في الشمال السوري على استعمال السيف، والرمح والقوس والنشاب.

يحمل السيوف بينها السيف الدمشقي باعتبارها قطعا من التراث والتاريخ، ,يعشق جمعها لنقل فنون صنعها والتقاليد المرتبطة بها إلى الأجيال الجديدة.

موسى وهو من سكان جبل الزاوية في ريف إدلب، ويقيم في مدينة سلقين في الشمال السوري، يعمل في مجال تجارة السيارات المستعملة، إلا أن هواياته أمنت له مصدر دخل جديد.

يقول لـ"ارفع صوتك"، إن حبه للسيوف بدأ كحلم بسيط متأثراً بالمسلسلات التاريخية، وكان يشاهد أبطالها يستخدمون السيوف بمهارة وشجاعة، ويحلم بحمل سيف حقيقي والتدرب على استخدامه.

بحث موسى كثيرا عن سيف حقيقي في مناطق إدلب، دون جدوى، فقرر التعامل مع حداد محلي، يصنع له سيفاً باستخدام ريشة مقص سيارة.

يبين أنه تدرب على استخدام ذلك السيف، لكنه لم يكن راضياً عن جودته وثقل وزنه وسهولة تعرضه للصدأ، ليتعرف بعد فترة - من خلال مواقع التواصل- على صانع سيوف فولاذية، يعمل في شركة سورية تركية.

يشير موسى، إلى أنه "اختار سيفا دمشقياً وعرض عليه البائع حفر اسمه عليها بالليزر، وعندما وصل السيف إليه، شعر بأنه ملك العالم، وأمسكه بفخر كما سهر طوال الليل يتأمله ويتفقده"، على حدّ تعبيره.

ويعتبر السيف الدمشقي "تحفة فنية بحد ذاتها، إذ يندمج الفن والحرفية في صناعته التي تتطلب مهارة فنية عالية، ويتميز بالتفرد والجمال في التصميم والقوة في البنية، كما يعكس حكاية حضارة وتقاليد عريقة" حسب وصفه. 

يتابع موسى: "تمنيت في قرارة نفسي أن أجمع سيوفاً من مختلف الأنواع، لذا قررت إنشاء معرض لعرضها، وجذب الأصدقاء والمعارف لمشاهدتها، كما أردت جعل هذا العمل مصدراً للدخل، لأن هذا النوع من الأنشطة نادر في المنطقة، ولا يمارسه أحد، فتواصلت مع الشركة المصنعة وحصلتُ على وكالة حصرية تغطي مناطق الشمال السوري".

"وفي البداية كنت أظن أنني الوحيد الذي يهوى جمع هذه القطع، لكن بعد أن أنشأت المعرض وقمت بالترويج له، أصبح لدى الناس علم بوجود هذه القطع في منطقتنا، وتفاجأت بالطلب المتزايد عليها، والآن أقوم باستيراد كميات جيدة وبيعها للناس هنا، منهم من يأخذها كهواية، ومنهم الذي يهديها لشخص عزيز عليه، وبعضهم يأتي للنظر إليها عن كثب  بهدف إمساك سيف حقيقي"، يشرح موسى لـ"ارفع صوتك".

موسى الأسعد، يدرب أيضاُ على ركوب الخيل ورمي السهام بالقوس- ارفع صوتك

ناد للتدريب

يقوم موسى بتدريب الشبان والأطفال على ركوب الخيل واستخدام السيف والقوس، كما يقوم أيضًا بتدريب النساء على استخدام القوس.

ويسعى أيضاً لاقتناء جميع أنواع السيوف، بما في ذلك السيوف الصينية واليابانية المعروفة بالكاتانا والساموراي، بالإضافة إلى السيوف الرومانية، طامحاً لإنشاء ورشة أو مصنع مصغر لتصنيع السيوف، خاصة الدمشقي، بهدف تعزيز هذه الحرفة التقليدية ونقلها إلى الأجيال الجديدة، بالإضافة إلى تأسيس نادٍ لتدريب الجيل الجديد على استخدام السيف واستعمال الرمح والرماية على القوس وركوب الخيل. 

ويضيف موسى، أنه شغوف بهذا العمل، مردفاً  "هو أفضل من جميع الأعمال التجارية التي مارستها، ليس مصدراً للدخل فقط، بل مصدراً للسعادة والرضا النفسي أيضاً".

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".