"نُمضي ساعات طويلة وأياماً في بعض الأحيان للحصول على الراتب الشهري من الصرافات الآلية، ولا يبدو أن هذه المشكلة ستُحلّ"، يقول السوري سليمان النكدلي، الذي يقطن في مدينة حمص، الواقعة تحت سلطة النظام.
النكدلي (46 عاماً)، موظف حكومي ينتظر مثل مئات الآلاف راتبه الشهري ليستطيع تأمين معيشة عائلته "لأيام معدودة، يبين لـ"ارفع صوتك": "رغم أن الراتب لا يكفينا لعدة أيام في الشهر، إلا إننا لا نحصل عليه إلا بشق الأنفس، وأصبح الحصول على الراتب الشهري بحد ذاته وظيفة مُرهقة نعيش تفاصيلها على رأس كل شهر".
وكانت صحيفة "الوطن" الموالية للنظام السوري، قالت إن عشرات الشكاوى وصلت خلال الآونة الأخيرة من أهالي محافظة حمص (مدينة وريفاً)، تتحدث بمجملها عن معاناتهم من الانتظار الطويل والازدحام الكبير على الصرافات الآلية للحصول على معاشاتهم الشهرية، وعودتهم في كثير من الأحيان إلى منازلهم دون قبض رواتبهم، وتكرار هذا الأمر لعدة أيام متتالية قبل الظفر بمعاشاهم.
وأشار عدد من المشتكين، للصحيفة، إلى أن المشكلة لا تقتصر على الازدحام والانتظار، إنما أيضاً على "كثرة تعطل هذه الصرافات وخروجها عن الخدمة، وخلوّها من النقود من جهة أخرى، الأمر الذي يدفع المتعاملين معها إلى عملية بحث طويلة عن الصرّاف المناسب".
يتابع النكدلي: "عملية البحث عن هذا الصراف المناسب قد تطول لأيام، وبعض الموظفين باتوا يقسِمون أنفسهم إلى مجموعات تطوف في المدينة بحثاً عنه، لكي يوفّروا على أنفسهم الجهد والوقت".
وللصحيفة نفسها، قال أحد مديري المصارف في محافظة حمص، إن "أهم أسباب توقف عمل الصرافات، الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي وعدم القدرة على تشغيل المولّدات إلا ضمن أوقات الدوام، إضافة إلى مشكلات شبكة الإنترنت وأخرى تتعلق بالبرمجة في بعض الصرافات، جراء تغيير فئات النقود".
في مطلع أكتوبر الحالي، أعلن مدير الدفع الإلكتروني في المصرف العقاري السوري سامر سليمان، أن المصرف "رفع سقف السحب اليومي لبطاقات المصرف العقاري إلى نصف مليون ليرة سورية، بدلًا من 200 ألف ليرة، تماشياً مع رفع سقف الرواتب والأجور، وضماناً لتوفير خدمات إضافية للمستفيدين من خدمات المصرف".
في الوقت نفسه، أكد سليمان، أن "عدم وجود صرافات حالية تتيح سحب المبلغ دفعة واحدة"، موضحاً: "توجد صرافات آلية تدعم عمليات سحب تصل لحدود 300 ألف ليرة للسحبة الواحدة، وأخرى 200 ألف ليرة، لكن حتى يستطيع حامل بطاقات المصرف العقاري الاستفادة من الخدمة، يجب عليه سحب المبلغ على دفعتين خلال يوم واحد، ما يُعد في حد ذاته إشكالية كبرى للموظفين، الذين بالكاد يجدون صرافاً تحت الخدمة، وبالكاد يصلون إليه في ظل طوابير طويلة قد يطول الوقوف عندها إلى ساعات".
وفي سبتمبر الماضي، أوردت صحيفة "الثورة" الرسمية، أن صرافات المصرف العقاري في منطقة المزة بالعاصمة دمشق لا تعمل، بسبب خضوعها لـ "التحديث البرمجي"، فيما صرّح مدير بالقطاع المصرفي لصحيفة "الوطن"، أن سوء الخدمات المقدّمة في الصرافات سببه أن الحكومة لم تفلح بإيجاد حلول جذرية لها حتى الآن.
وتعاني مناطق النظام السوري من سلسلة مشاكل خدمية تضاف إلى الانهيار الاقتصادي والأزمة المعيشية الحادة، ونظراً لغياب التيار الكهربائي وارتباط كل خدمات الاتصال والإنترنت والبرمجة به، تظهر أوجُه الخلل في عدة قطاعات حكومية، من بينها مرافق البنوك والصرافات الآلية.
يضيف النكدلي، أنه ليس آملاً بإيجاد حلول عما قريب، مشيراً إلى أن "العالم يسابق الزمن في ثورة التكنولوجيا والاتصالات، ونحن في سوريا ربما نعود في وقت قريب إلى نمط العيش في القرون الوسطى"، على حدّ تعبيره.