"وقعنا بين إهمال المدارس الحكومية والأسعار الكاوية للدروس الخصوصية، ولا يوجد عندنا خيار ثالث"، يقول السوري أمجد الحسن، معرباً عن حيرته حيال مشكلة يعانيها مئات الآلاف من الآباء السوريين في مناطق النظام السوري، في كل عام دراسي جديد.
أمجد (49 عاماً) نازح من بلدات الغوطة الشرقية في دمشق إلى أحد الأحياء الشعبية في جنوب العاصمة، يقول لـ"ارفع صوتك"، إنه عندما يحين وقت وصول أحد أولاده إلى مرحلة الشهادة الإعدادية أو الثانوية، تحلّ عنده ما يسمّيها "مصيبة ماليّة"، يخرج منها غارقاً بالديون والقروض.
أحد أولاده الثلاثة تجاوز مرحلة الشهادة الثانوية (الفرع العلمي) العام الماضي، وخلال فصلين دراسيين اضطُر لإدخال البيت في حالة "التقشف القصوى"، إذ كان ابنه بحاجة ماسّة للدروس الخصوصية، بسبب واقع المدارس "المتردّي" على حد تعبيره.
يؤكد أمجد أنه يعيش الحالة مجددا هذا العام، مع وصول ابنه الأوسط إلى مرحلة الشهادة الإعدادية، مشيراً إلى أن سعر الساعة الدراسية الواحدة كان العام الماضي بين 35 ألف ليرة سورية و50 ألفاً، لكنها ارتفعت.
"لم يعد المدرسون يرضون بهكذا أسعار، ولا نلومهم في الواقع، كل شي تضاعف ثمنه، والأجر القديم لم يعد يكفي المدرس أجور مواصلات"، يتابع أمجد، الذي حاول القفز على هذه المشكلة بتسجيل ابنه في معهد خاص في المنطقة التي يقطنونها.
"ولكن الفرق بين الإمكانات والمطلوب لا يزال هائلاً جداً"، يستدرك أمجد.
وتشكّل الدروس الخصوصية في مناطق النظام السوري معضلة كبيرة لأهالي التلاميذ، في ظل ما يصفونها بالحالة المتهالكة هناك، حيث الأعداد الكبيرة في كل صفّ دراسي، واعتماد مديريات التربية في كثير من الأحيان على مؤهّلات علمية منخفضة، وحركة هجرة واسعة لكافة فئات المجتمع، بينهم المدرّسون، الذين يقوم بعضهم بتقديم استقالة من الوظيفة، للتفرّغ للدروس الخصوصية، التي تحقّق لهم مبالغ تصل أحياناً إلى 10 أضعاف الراتب الحكومي.
ومن بين الأسباب كذلك حالة "التسرّب" من الدوام المدرسي لدى الكثير من الطلبة، وفقاً لموقع "أثر برس" المحلّي.
ونقل الموقع نفسه عن أهالي طلاب في مناطق النظام السوري، أن الأجور الحالية للدروس الخصوصية لطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية، ارتفعت لتتراوح الساعة الدراسية الواحدة بين 70 إلى 100 ألف ليرة سوريّة.
وأوردت صحيفة "تشرين" الرسمية إن الدروس الخصوصية لم تعُد فقط "ظاهرة مُستفحِلة" في المجتمع السوري، بل أصبحت "وباء خطراً من الصعب التخلّص منه بسهولة".
ونقلت الصحيفة عن الأستاذة في كلية التربية بمدينة طرطوس ريم سليمون، أن وزارة التربية تتحمّل جزءاً كبيراً من المسؤولية باختيار المدرسين في المدارس، وتتحمل الوزارات الأخرى جزءاً بالنسبة للعائد المادي للمدرّس.
وقالت إن بعض الأهالي ساهموا في انتشار الدروس الخصوصية بداية "خاصة الأثرياء، وامتدت الدروس لتشمل كل المراحل التعليمية، ليبدأ الغياب وتنشط التقارير الطبية، إضافة إلى تغيير المناهج وضخامتها".
وتَعتبر حكومة النظام السوري ظاهرة الدروس الخصوصية "غير قانونية"، ويخضع المدرّس المُخالف للقرار لعقوبات مالية كبيرة، غير أن كلاً من أهالي الطلاب والمدرّسين لا يلتزمون بتلك القرارات، وتتواصل هذه الظاهرة وتتّسع في كل فصل دراسي جديد.
ونقلت مواقع محلية عن مدير التربية في اللاذقية عمران أبو خليل قوله، إن الطلاب في المدارس يتلقّون تعليمهم بشكل كافٍ، مشدداً على منع الدروس الخصوصية وفقاً للقوانين الجارية.