وصل الصيف سوريا هذا العام "مبكراً" بحسب تعبير العديد من المواطنين الذين يقيمون في مناطق سيطرة النظام السوري، وذلك بسبب مقارنة درجات الحرارة في شهر يونيو الحالي مع شهر أغسطس العام الماضي، باعتبار أنها متقاربة جداً.
ومما يزيد لهيب الصيف حرارة في بلد يعيش آثار حرب متواصلة منذ أكثر من 13 عاماً، هو الغياب شبه الكامل للتيار الكهربائي، مع نظام تقنين حادّ جداً يصل إلى ساعة وصل مقابل 8 ساعات قطع في بعض المدن.
ورغم وجود بدائل عن التيار الكهربائي النظامي، تتمثل في ألواح الطاقة الشمسية أو المولدات الكبيرة المأجورة، إلا أن هذه الوسائل مقتصرة على شريحة بعينها بسبب كلفتها الباهظة.
أكرم نشواتي (54 عاما) من سكان العاصمة دمشق، يقول لـ"ارفع صوتك" إنه يستغلّ فترة إقامة الصلوات في المسجد، ليحظى بالقليل من هواء التكييف البارد.
ويضيف أكرم "صرنا نكره فصل الصيف.. إنه يأتي ليزيد مأساتنا" مردفاً "في الشتاء نلجأ للثياب السميكة والبقاء في المنزل كي نحمي أنفسنا من البرد، لكن في الصيف، ماذا نفعل؟".
ولا يتوقف الأمر عند السوريين على ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الكهرباء، إذ تعاني مناطق كثيرة من تقنين قاسٍ أيضاً في توريد المياه، ما يزيد صعوبة الحياة اليومية.
بعض المناطق في أرياف دمشق تصلها المياه خلال اليوم لمدة 4 ساعات فقط، يقوم فيها السكان بتعبئة خزاناتهم للحصول على مياه التنظيف والاستخدام الشخصي، وفي بعض الأحيان تقصُرُ مدة توريد المياه إلى ساعتين، كما تقول منال الراوي، من ريف دمشق، حيث نزحت إليه قبل سنوات من صحنايا في محافظة دير الزور.
تبين لـ"ارفع صوتك": "فصل الصيف تحديداً يكشف الآثار القاسية للحرب على البنية التحتية التي تهالكت، وأصبح اعتماد المواطنين على حلول شخصية يستطيع الغنيّ تدبيرها بينما يبقى الفقير معتمداً على العناية الإلهية فقط".
تشير منال إلى أن تكلفة ألواح الطاقة الشمسية تصل لنحو 25 مليون ليرة سورية، واستجرار التيار الكهربائي من الشبكات الخاصة يحتاج نحو نصف مليون ليرة بالحدّ الأدنى.
كما يبلغ سعر المروحة الصغيرة قرابة نصف مليون ليرة، وأعلى سعراً المراوح القابلة للشحن بحكم ملاءمتها لانقطاع التيار الكهربائي، أما المكيّفات الكهربائية فتباع بحالة "المُستعمل" بعشرات الملايين، ما يجعل اقتناءها شبه مستحيل بالنسبة لأغلبية السوريين القابعين تحت خط الفقر.
تتابع منال بحسرة "يقاسي السكان ثلاث مصائب دفعة واحدة: الحر الشديد، والكهرباء شبه الغائبة، وتقنين المياه".
من جهته، يقول تاجر الكهربائيات في سوق "الحريقة" بدمشق أكرم دبسي، إن المواطنين اليوم يلجأون لطرق بدائية في التبريد بسبب انقطاع التيّار والغلاء، كأن يقوموا بلف علب المياه بأكياس "خيش" فيمنحها بعض البرودة.
أما بالنسبة لمبيعاته، فقد تراجعت بشكل كبير حتى أصبحت بضاعته "للفرجة فقط" بحسب تعبيره. يضيف أكرم "قبل الحرب (2011) كنت أبيع 40 قطعة خلال موسم الصيف بين مكيفات وبرادات، إضافة إلى نحو 150 مروحة، لكنني اليوم أفكر في تغيير المعروضات التي لا يشتريها أحد".
بالحديث عن نقص الماء البارد، تشهد الأسواق في مناطق النظام ارتفاعاً كبيراً في أسعار المياه المجمدة، بحيث يصل سعر 2.5 ليتر إلى إلى 10 آلاف ليرة سورية. وفي مدينة دير الزور مثلاً، يُباع قالب الثلج بوزن 10 كغ و12 كغ بين 12 و15 ألف ليرة سورية، ما يعني أن "العائلة تحتاج في فصل الصيف نحو نصف مليون ليرة سورية للحصول فقط على المياه الباردة"، بحسب ما يقول المواطن بلال عيسى.
ويضيف أن أصحاب معامل الثلج يعتبرون موسم الصيف "فرصة لسحق الطبقات الفقيرة من السكّان"، على حدّ تعبيره، مشيراً إلى أن يبلغ متوسط الرواتب والأجور الشهرية لا يتعدى 250 ألف ليرة سورية.