الفنان السوري عبد الحكيم قطيفان خلال إطلاق الحملة- موقع منظمة الأمين
الفنان السوري عبد الحكيم قطيفان خلال إطلاق الحملة- الموقع الإلكتروني لمنظمة الأمين

أطلقت منظمة "الأمين للمساندة الإنسانية" العاملة في تركيا وسوريا بالتعاون مع مركز "الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية"، في بداية يوليو الجاري، برنامجا ضخما لزراعة القوقعة السمعية للأطفال.

وقالت في بيان لها، إن هذا البرنامج "أكبر برنامج إنساني لزراعة القوقعة في العالم، إذ يستهدف المشروع زراعة 1430 قوقعة سمعية في عدة دول، هي: سوريا وتركيا ولبنان وفلسطين واليمن ومصر والعراق والصومال وجيبوتي".

وشارك في إطلاق البرنامج عدد كبير من المؤثرين العرب والإعلاميين والفنانين السوريين، منهم الفنان السوري مكسيم خليل وجمال سليمان وعبد الحكيم قطيفان، بالإضافة لعدد من الشخصيات الاعتبارية.

وأضاف البيان أن البرنامج سيسهم في "دعم ومساندة وتخفيف معاناة شريحة كبيرة من الأطفال حول العالم، وتحسين نوعية حياة الذين يعانون من فقدان السمع، وفتح آفاق جديدة لهم للتعلم والنمو والاندماج في المجتمع".

 

أهداف ومعايير

منسق المكتب الإعلامي في المنظمة شريف مراد، يوضح لـ"ارفع صوتك" أن هدف البرنامج، تقديم الدعم والرعاية للأطفال الذين يعانون من فقدان السمع، من أجل مساعدتهم في التكيف مع تحدياتهم السمعية، وفتح آفاق جديدة لهم في التعلم والنمو، عبر توفير موارد تعليمية متخصصة ومتابعة التأهيل السمعي معهم، لضمان الاندماج  في المجتمعات.

وعن معايير اختيار الأطفال الذين تتم معالجتهم يقول مراد إنها "معايير طبية تم اعتمادها من قبل لجان مختصة، تركز على عُمر الطفل، ودرجة نقص السمع لديه، الحس العصبي، ووجود تأهيل النطق السابق للطفل".

"وكانت لحظات سماع الأطفال للأصوات للمرة الأولى بعد تركيب جهاز القوقعة ومعايرته، مميزة جداً ومليئة بالعواطف التي لا تُنسى.. تلك اللحظة التي كان ينتظرها الأهالي بفارغ الصبر، تحمل معها أملاً كبيراً وبداية جديدة في حياة الجميع"، بحسب مراد.

 

متابعة واستدامة

ولا ينتهي المشروع بتركيب القوقعة ، إذ تتبه خطوات لتأهيل الأطفال وضمان تكيّفهم معها واستدامة دعمهم بعد العملية الجراحية.

يشرح مراد "تتم المتابعة مع الأطفال في أماكن تواجدهم من خلال مراكز الأمين للتأهيل السمعي داخل الدول المشمولة بالبرنامج، وتتمثل في المراجعة الدورية على يد اختصاصي سمعيات يقوم بجلسات متكررة لتحسين استجابة الطفل للأصوات، ويتم هذا التدريب على العلاج اللغوي والنطقي، كما يتم أيضاً تقديم العلاج اللغوي من قبل مختصين في مجال علاج النطق واللغة، ويتطلب ذلك جلسات منتظمة تتناسب مع تقدم الطفل".

يتابع: "الجهات المانحة للمشروع كان لها دور كبير في تحقيق أهداف هذا المشروع، بسبب التكاليف الباهظة لهذا النوع من العمليات، إذ تقدر تكلفة العملية الواحدة بحوالي 15000 دولار أميركي، ويتطلب الأمر إجراءها في عمر معين للأطفال لضمان فعالية العلاج والمتابعة الصحيحة".

وأجرى الأطباء المتخصصون المتعاونون مع منظمة "الأمين" ومركز "الملك سلمان"  110 عمليات زراعة قوقعة. وسيستمر البرنامج لعام ونصف، ومن الممكن أن يتم تمديده لصالح تحقيق عمليات زراعة قوقعة لعدد أكبر من الأطفال مستقبلا.

وكانت منظمة الصحة العالمية حذرت في تقرير لها من وصول عدد الأشخاص المتعايشين مع فقدان السمع، بحلول عام 2050، إلى نحو 2.5 مليار شخص في العالم.

وسيحتاج ما لا يقل عن 700 مليون من هؤلاء الأشخاص إلى الحصول على الخدمات الخاصة برعاية الأذن والسمع وسائر خدمات التأهيل، في حال لم يتم اتخاذ إجراءات خاصة بهم مستقبلا.

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".