مواقع تعرضت للقصف سابقا في دير الزور - صورة أرشيفية.
مواقع تعرضت للقصف سابقا في دير الزور - صورة أرشيفية.

قتل 11 مدنيا بينهم نساء وأطفال في بلدتين بمحافظة دير الزور السورية، جراء قصف نفذته قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية حسبما قال مصدران أحدهما "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) المدعومة من واشنطن.

وقالت "قسد" في بيان صباح الجمعة إن جميع الضحايا من المدنيين ومن أبناء قريتي جديدة بكارة ودحلة في ريف دير الزور الشرقي.

وأضافت أنهم قتلوا جراء قصف نفذته قوات النظام السوري بالمدفعية والصواريخ، انطلاقا من قواعدها في قرية البوليل في الجهة الغربية من نهر الفرات.

واستعرض بيان "قوات سوريا الديمقراطية" أسماء الضحايا، وبينهم 4 أطفال، كما أصيب 5 آخرون بجروح.

وما تزال الحصيلة أولية حسب "المرصد السوري لحقوق الإنسان".

وقال إن الصواريخ والقذائف التي أطلقها النظام السوري وميليشيات إيران استهدفت منازل المدنيين في قريتي جديدة بكارة ودحلة، والخاضعتين لسيطرة "قسد".

وأضاف أن المصابين نقلوا إلى مشافي المنطقة، وبينهم حالات حرجة مما يرجع ارتفاع الحصيلة الأولية لأعداد الضحايا.

ولم يصدر أي تعليق من جانب النظام السوري.

وكانت قوات عشائرية مدعومة منه ومن إيران قد أطلقت هجوما قبل يومين على مناطق "قسد" في الضفة الشرقية لنهر الفرات.

وجاء الهجوم بشكل مفاجئ، وأسفر عن ضحايا مدنيين وحمّلت "قسد" مسؤولية قتلهم للنظام السوري ورئيس المخابرات السورية العامة، اللواء حسام لوقا.

ويخضع جزء من محافظة دير الزور شرقي سوريا منذ سنوات لسيطرة "قسد"، التي تتركز مناطق انتشارها بشكل رئيسي على الضفة الشرقية لنهر الفرات، وتحظى بدعم من التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة.

ويسيطر النظام السوري مع ميليشيات تتبع لـ"الحرس الثوري" الإيراني في المقابل على مدن وبلدات المحافظة الواقعة على الضفة الغربية.

وفي حين أن الهجمات التي تنطلق من الغرب إلى الشرق على ضفاف "الفرات" ليست جديدة تسلط الأحداث التي حصلت الأربعاء الماضي الضوء على "الورقة العشائرية" التي باتت تستغلها إيران بقوة في المنطقة المعروفة بطابعها العشائري العربي.

وجذور محاولات الاستغلال هذه نمت قبل عدة سنوات.

وتفرعت على نحو أكبر بعد سبتمبر 2023، عندما دخلت "قسد" في صدام مع شيخ قبيلة العكيدات في دير الزور، إبراهيم الهفل، مما اضطر الأخير بعد مواجهات للفرار إلى مناطق سيطرة النظام السوري.

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".