أربيل - بقلم متين أمين:
تكتظ مناطق مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، بعشرات مكاتب الزواج التي فتحها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" بعد سيطرته عليها في حزيران/يونيو من العام الماضي. وقد أصبحت هذه المكاتب، التي يرغم من خلالها التنظيم الأرامل والمطلقات والعوانس والفتيات في الموصل على الزواج من مسلحيه، وسيلة من وسائل إغواء عناصره وتشجيعهم على مواصلة القتال وعدم تركهم لصفوفه. فيما تعدّ في الوقت نفسه مصدراً من مصادر تمويله، إثر أخذه مبالغ مالية من النسوة اللاتي يسجلن أسماءهن في هذه المكاتب.
حنين: الموت ولا الزواج من داعشي
حنين سليم فتاة عزباء في الخامسة والثلاثين من العمر، كانت تعمل موظفة في إحدى دوائر الموصل قبل سيطرة التنظيم عليها. لكنّها اضطرت إلى ترك الوظيفة بسبب مضايقات مسلحي داعش الذين يدخلون إلى داخل الدوائر لتسجيل أسماء الأرامل والمطلقات والعوانس وإجبارهنّ على الزواج من المسلحين.
وقالت الفتاة لموقع (إرفع صوتك) "بدأ أصحاب مكاتب الزواج التابعين لديوان الحسبة (الشرطة الإسلامية) يتردّدون على دائرتنا منذ عدة أشهر لتسجيل أسماء الموظفات اللاتي لسن على ذمة أي رجل وتوزيعهن على مسلحي التنظيم".
وتابعت حنين "طلبوا منّا زيارة مكاتب الزواج وجلب مبلغ 300 دولار كأتعاب إيجاد أزواج لنا. وأبلغونا أنّ إمتناع أي واحدة منا من زيارة المكتب سيؤدي إلى إعتقالها فوراً".
بعد هذا التهديد، إضطرت حنين إلى التوجه إلى أحد المكاتب القريبة من منزلها وسط الموصل ودفعت 300 دولار للمكتب. وأبلغها المسلحون أنهم سيتصلون بها قريبا.
لكن، بعد أيام هربت حنين مع أهلها من الموصل إلى سورية بعد أن دفعوا 1000 دولار عن كل فرد من العائلة. سلكوا مع المهرب طريقاً وعراً حتى وصلوا إلى الرقة في سورية، ومنها إلى دير الزور ومن ثمّ إلى الحدود التركية "التي قطعناها ركضاً".
وتضيف حنين "إخترنا طريق الموت بدلاً من الزواج من داعشي لا نعلم من هو ومن أي أتى".
ثمانين مكتب زواج
وكشف مصدر مطلع من داخل الموصل، فضّل عدم الكشف عن اسمه خوفاً من استهدافه من قبل مسلحي داعش، عن انتشار "أكثر من ثمانين مكتباً من مكاتب الزواج التي كان قسم كبير منها صالونات حلاقة نسائية قبل سيطرة التنظيم على المدينة. وتحوّلت فيما بعد إلى مكاتب زواج بعد أن منع التنظيم عمل الصالونات".
وأشار المصدر في حديث إلى موقع (إرفع صوتك) إلى أنّ "هذه المكاتب مرتبطة بديوان الحسبة الذي يحصل عن طريق مخبريه المنتشرين في دوائر الموصل على قوائم بأسماء الأرامل والمطلقات والعوانس، ومن ثم يسلّمها إلى مكاتب الزواج التي بدورها تتصل بهذه الأسماء وتجبرها على تسجيل أسمائها لاختيار أزواج لهن من مسلحيه".
وتتقاضى هذه المكاتب، حسب المصدر، مبلغ 300 دولار أمريكي من كلّ من المسلح والفتاة. وفي بعض الأحيان، تضطر الفتاة إلى الزواج من مسلح يكبرها العمر بسنوات. فيما تلجأ العديد من الفتيات إلى الانتحار أو الهرب من المدينة. لكنّ الآونة الأخيرة شهدت اعتقال التنظيم لعدد من الفتيات والنساء اللاتي حاولن الهرب ولا تزال مصائرهنّ مجهولة.
صالون حلاقة الأميرات
ويتابع المصدر "من أبرز هذه المكاتب صالون حلاقة الأميرات الذي يقع في حي الزهور (شرق الموصل) ويدار من قبل إمرأة تابعة للتنظيم تدعى ليلى. وتشرف هذه المرأة على شبكة من النساء المسلحات في التنظيم مهمتهن جلب النساء إلى المكتب بالقوة وإرغامهن على الزواج من مسلحي داعش".
وأضاف "يتمّ إبلاغ المتزوجة من مسلح التنظيم أنّها زوجته طالما أنّه موجود في الموصل (زواج مؤقت ينتهي بخروج المسلح من الموصل). وأيّ مخالفة أو محاولة هرب تعرضها لقطع الرأس أو الرجم بتهمة الزنا. فيما يوزع التنظيم زوجات مسلحيه القتلى على مسلحين آخرين من أجل تشجيعهم على القتال وعدم الهرب بعدما شهدت الشهور الماضية هرب المئات منهن".
أكثر من ألف امرأة..
ويقدّر عدد النساء اللّاتي تم تسجيل أسمائهن في هذه المكاتب بأكثر من 1000 امرأة، فيما وزّع التنظيم خلال أيّام عيد الأضحى عدداً كبيرا منهن على مسلحيه وعدد آخر من مواليه في سورية والعراق، حسبما قاله المصدر لموقع (إرفع صوتك).
من جهته، قال غياث سورجي، مسؤول إعلام مركز تنظيمات الإتحاد الوطني الكردستاني في الموصل، لـ (إرفع صوتك) إنّ "تنظيم داعش يدعو من خلال المساجد خاصّة في أيام الجمعة زوجات مسلحيه القتلى والنساء المطلقات وفتيات الموصل إلى الزواج، بينما منع التنظيم النساء من الخروج إلى الأسواق بشكل منفرد. واشترط خروج المرأة بوجود رجل معها سواء كان أخيها أو زوجها أو عمها أو خالها أو والد زوجها، مع ارتدائها لطبقتين من النقاب الأسود والقفازات. ومنع التنظيم نساء وفتيات الموصل من التوجه إلى الجامعات والمدارس للتعلّم وحصر تعليم المرأة بالمساجد".
*الصورة: "إخترنا طريق الموت بدلاً من الزواج من داعشي"/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق "واتساب" على الرقم 0012022773659