بقلم حسن عباس:

يعيش كثير من النساء العربيات في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية تهمشهنّ وتحصر حياتهنّ بأداء أدوار تقليدية، في وقت يعانين فيه من التمييز بين الجنسين ومن أشكال مختلفة من العنف، وهذا يسهّل استقطاب التنظيمات المتطرفة لبعضهن. ولكن ماذا لو تغيّر واقع المرأة العربية؟

بروباغندا مبنيّة على التهميش

وأكّدت بدرة قعلول، رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والأمنية والعسكرية في تونس، لموقع (إرفع صوتك)، أن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" يقوم باستقطاب النساء ويمنحهنّ أدواراً تلبّي حاجاتهنّ النفسية "في الدنيا والآخرة". وهو يستثمر في أوضاع المجتمعات العربية الهشّة اجتماعياً واقتصادياً والتي ينشد شبابها وشاباتها العدالة الاجتماعية، فيطلّ عليهم ببروباغندا (دعاية موجّهة) تعدهم بما يطمحون إليه في ما يسميه "الدولة الإسلامية".

وأوضحت قعلول "النسبة الأكبر من التونسيين الذين ينجح داعش في استقطابهم تأتي من الأحياء الشعبية التي يشكو أبناؤها من ضعف المقدرات المالية وضعف التعليم وتكثر فيها الأمية".

والسبب برأيها هو أن "الأمي لا يمتلك طاقة كبيرة على التحليل والتمييز بين الأشياء لأن العقلانية كما يُقال تُبنى من خلال تدريب عضلات العقل بالتعليم. وبلا تعليم، يتبلد العقل".

وبحسب دراسات أُجراها المركز في تونس، تقول قعلول تبيّن أن "المرأة الريفية مستهدفة بشكل كبير جداً. وهي تمتاز ببساطة أو سذاجة تجعلها فريسة سهلة للإرهابيين. وفي دراساتنا وجدنا أن استقطابها يستغلّ أرضية سهلة توفّرها العادات والتقاليد. وأكثر عمليات الاستقطاب تبدأ من المآتم لأن النساء المفجوعات بالموت يفكرن كثيراً في الموت والآخرة فيدخل المتطرفون من هذا المدخل"، بحسب قعلول.

تمكين المرأة ضرورة

ولأن "الإرهاب استفاد من الجهل والتخلّف"، طالبت الناشطة العراقية في قضايا حقوق الإنسان والمرأة هناء إدور بالاستثمار في تعليم النساء وتوعيتهنّ.

وضربت مثل النساء اللواتي تزوّجن من مقاتلين للقاعدة وأنجبن قبل أن يجدن أنفسهنّ وحيدات مع أطفالهنّ لأن أزواجهنّ إما قُتلوا أو هربوا وهذا برأيها "ما كان ليحصل لولا الجهل"، كما ضربت مثل النساء الانتحاريات اللواتي كان تنظيم القاعدة يغرّر بهنّ.

إلى التعليم، أشارت إدور إلى ضرورة توعية المرأة ومساعدتها على اكتشاف طاقاتها وتعريفها على حقوقها في الدستور والقوانين والاتفاقات الدولية، "ما يفتح لها آفاقاً أرحب من الأعراف والتقاليد السائدة".

كما شدّدت على ضرورة تمكين النساء اقتصادياً لأن "عمل المرأة خارج المنزل يعطيها شعوراً بالثقة بنفسها وبإمكانية مشاركتها بفعالية في المجتمع. كما يساعدها على بناء علاقات جديدة خارج المنزل تجعلها تستمع إلى آراء جديدة وتناقشها ما يفتح أمامها آفاقاً جديدة للوعي ويساهم في بناء شخصية مستقلة لها. فالرجل لا يمتلك مهارات ومعارف أكثر من المرأة إلا بسبب خروجه خارج المنزل".

المرأة المكافحة للإرهاب

تمكين المرأة ليس شعاراً فقط، بل هو مسألة أساسية يمكن أن تغيّر الواقع الذي نعيشه. ولإثبات ذلك، ذكرت إدور تجارب عملية.

ففي محافظة كركوك، ساهمت نساء تلقين تدريبات على حلّ النزاعات في الكشف عن هجوم كان يحضّر له تنظيم داعش، مستفيدات من مهارات اكتسبنها ومن تطوير التعاون بين النساء وبين القوات الأمنية وفتح قنوات ثقة بين الطرفين. و "عند النساء أخبار كثيرة يسمعنها من أبنائهنّ وتتلقين بعفوية الكثير من المعلومات التي قد تكون هامة أمنياً"، تقول إدور.

ونوّهت الناشطة العراقية بضرورة "تمكين النساء في المفاوضات وحلّ النزاعات وحثّهنّ على أن يكنّ أصحاب رأي في صياغة الحلول لأوضاعهنّ. فمواجهة الإرهاب لا تتم فقط عبر العمليات العسكرية، بل عبر تعبئة النساء للتصدي له"، وأضافت أن "النساء النازحات يجب أن يقمن بإدارة شؤونهنّ بأنفسهنّ لأنهنّ أدرى بحاجاتهنّ وبإمكاناتهنّ وقدراتهنّ".

وأشارت إلى "أن ألغاماً كثيرة يجب مواجهتها بعد تحرير الأراضي التي يسيطر عليها المتطرفون". ونقلت من أرض الواقع تجارب نساء تدخّلن في تكريت لوقف عمليات السلب والنهب ووضع حدّ للتجاوزات والاعتقالات والاتهامات العشوائية و"تحدثن بقوّة أمام السلطات وأجبرن الأجهزة الأمنية على احترام آرائهنّ وأخذها بعين الاعتبار".

وذكّرت إدور بقصة أم قصي، التي تؤكد أن المرأة تستطيع لعب أدوار هامة خلال الهجمات الإرهابية. وملخّص القصة أن أسرة من مدينة تكريت خبّأت خمسة من الجنود العراقيين الفارين من قاعدة (سبايكر) العسكرية بعد هجوم داعش عليها. وبعد أيام خافت الأسرة من حملات المداهمة التي قام بها مقاتلوا التنظيم فنقلتهم عبر النهر إلى ناحية العلم، إحدى مناطق محافظة صلاح الدين، حيث استقبلتهم أم قصي، وهي امرأة مسنّة، واحتضنتهم ووضعتهم في حافلة صغيرة مع أولادها وزوجاتهم لكي يتمكنوا من عبور حواجز داعش والوصول بأمان إلى كركوك.

للتهميش أشكال مختلفة

ولكن ظاهرة التهميش لا تقتصر على الأمثلة النمطية التي لا تلتفت إلا إلى عامليْ الفقر والبطالة. فـ"التهميش له أنواع كثيرة"، أوضحت قعلول، رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والأمنية والعسكرية في تونس.  وأضافت "المهمش هو مَن يشكو من مشكلة اندماج في المجتمع ويجد مشكلة في التواصل مع الآخرين ولا يرضى عن مكانته الاجتماعية".

وأوضحت استناداً إلى دراسات أجراها المركز أن "داعش نجح في استقطاب القاضية والطبيبة والأستاذة. وأخطر شابة تونسية في التنظيم ألقي القبض عليها اسمها فاطمة الزواغي وهي طالبة في كلية الطب، وكانت تلعب أدواراً تنسيقية بين المجموعات الإرهابية. لكنها كانت تشكو من هشاشة داخلية واجتماعية جعلتها تشعر بالتهميش".

وأكّدت أن داعش يستغلّ حالات الشعور بالتهميش "ويعد مَن يشعرون بالفشل في المجتمع بما يصبون إليه ويقول لهم أن المشكلة في المجتمع وليست فيهم ويدعوهم إلى أن يكونوا جزءاً من مجتمعه الخاص".

وأين تمكين الرجل؟

ولم تنس إدور لفت الانتباه إلى ضرورة تمكين الرجال أيضاً "فلا تحرّر للمرأة بدون تحرّر الرجل داخل الأسرة. ومن الضروري تمكين المدرّسين والتلامذة وتعريفهم بالنوع الاجتماعي والمساواة بين الجنسين وإقناعهم بأن يمارسوا هذه المبادئ في سلوكهم اليومي، لأننا نعوّل على الجيل الجديد أكثر من الكبار".

واعتبرت الناشطة في الحركة النسائية العراقية سلمى داود جبو أنه "يجب أن نهتم لا فقط بتمكين المرأة بل ببناء المجتمع رجالاً ونساءً وتمكينهم ثقافياً واجتماعياً وإيجاد فرص عمل وإحياء المسرح والفن والسينما لنمكّن الإنسان من الارتقاء ولنحوّله إلى إنسان فاعل ومساهم في تغيير المجتمع".

الصورة: تظاهرة نسائية في تونس للمطالبة باحترام حقوق المرأة/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق "واتساب" على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات:

مواضيع ذات صلة:

من تظاهرة احتجاجية في العاصمة العراقية بغداد حول تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية
من تظاهرة احتجاجية في العاصمة العراقية بغداد حول تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية- تعبيرية

 في مكتبها وسط العاصمة العراقية بغداد، تجتمع المحامية مروة عبد الرضا مع موكلها الشاب العشريني وزوجته (ابنة خالته)، اللذين يسعيان لتوثيق زواجهما المنعقد خارج المحكمة لصغر سن الزوجة (13 عاما)، وهي طالبة في السادس الابتدائي بمنطقة المدائن على أطراف العاصمة بغداد.

تقول عبد الرضا لـ"ارفع صوتك": "لا يمكن الحديث عن الزواج المبكر من دون أن يتم ربطه بشكل مباشر بالزواج خارج المحاكم لأنهما مرتبطان ببعضهما البعض".

بعد اكتشاف حمل الفتاة، قررت العائلة توكيل محام لتقديم طلب توثيق العقد. تضيف عبد الرضا "الإجراءات الحكومية بسيطة وغير معقدة في مثل هذه الحالات، فالقاضي يجد نفسه أمام الأمر الواقع بسبب حمل الفتاة، فيتم تصديق العقد وفرض غرامة أقصاها 250 ألف دينار على الزوج (نحو 150 دولاراً)".

الزيجة التي تشير إليها المحامية "ليست الأولى ولن تكون الأخيرة" على حدّ تعبيرها، "بل هي حالة اجتماعية متوارثة لاعتقاد سائد أن الرجل يرتبط بفتاة صغيرة ليقوم بتربيتها على ما يحب ويكره، لكن النتيجة كثيرا ما تكون سلبية بحسب القضايا التي تشغل أروقة المحاكم ونراها بشكل يومي. فالفتاة التي تتزوج بعمر الطفولة غير قادرة على استيعاب العلاقة الزوجية، وفي كثير من الحالات يكون الأمر أشبه بالاغتصاب".

تتحدث عبد الرضا عن ارتفاع كبير بنسب الطلاق في المحاكم العراقية: "كثير منها يكون نتيجة الزواج المبكر وتدخّل الأهل بسبب صغر أعمار الطرفين وهو ما يؤثر بشكل كبير على العلاقة الزوجية".

وتشير إلى أنه كثيرا ما يتم التزويج "لعدم وجود فتيات في منزل العائلة للرعاية والعمل المنزلي، فيكون مطلوب منها القيام بأعمال الكبار وهي بعمر الطفولة، وهذا أكبر من قدرة أي فتاة صغيرة".

ما تكشف عنه عبد الرضا تؤيده إحصاءات مجلس القضاء الأعلى، ففي شهر يوليو الماضي كان هناك 2760 عقد زواج خارج المحكمة، و1782 حالة طلاق خارج المحاكم و4562 حالة بتّ فيها، بعد رفع دعاوى قضائية.

وينقل المجلس الأعلى في أحد تقاريره عن القاضي عماد عبد الله قوله إن المحاكم العراقية "شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في حالات الطلاق. وأهم الأسباب ترجع إلى حالات الزواج المبكر التي تفتقر لمتابعة الأهل، وعدم توفر الاستقرار المالي الذي يسمح بإنشاء أسرة بالإضافة إلى التأثر بالسوشيال ميديا".

"خارج السرب".. رجال دين يعارضون تعديلات "الأحوال الشخصية"
مع أن طرح التعديلات على قانون الأحوال الشخصية العراقي لعام 1959، يحظى بدعم كبير من غالبية رجال الدين الشيعة والسنة في العراق، إلا أن بعض رجال الدين من الطائفتين، غردّوا خارج السرب وسجّلوا مواقف معارضة للتعديلات على القانون.

تداعيات الزواج خارج المحاكم

تتحدث شابة فضّلت عدم الكشف عن اسمها لـ"ارفع صوتك" عن سنوات طويلة حُرمت فيها من أبسط حقوقها، فلم تتعلم القراءة والكتابة، ولم تنل رعاية صحية لائقة، فقط لأن زواج أمها المبكر وإنجابها لها وهي في عمر صغير، جعلها من دون أوراق ثبوتية.

"تزوجت والدتي بعقد خارج المحكمة بعمر صغير، وانفصلت بعد أشهر قليلة عن والدي لعدم انسجامهما معاً، لتكتشف حملها بي"، تروي الشابة.

وضعت الأم حملها وتزوجت مرة ثانية، ورزقت بالمزيد من الذرية. تبين: "لم يتم إصدار أوراق ثبوتية لي، فحُرمت من التعليم ومن الرعاية الصحية، وكنت أحياناً استعين ببطاقة شقيقتي الأصغر للحصول على العلاج في المستشفيات".

توفيت والدتها التي قابلناها لصالح تقرير سابق قبل ثلاث سنوات، وفي أوائل العام الحالي وهي بعمر 23 عاماً تزوجت الشابة بعقد خارج المحكمة، واليوم تسعى لاستخراج هوية الأحوال المدنية لتوثيق زواجها "لا أريد أن تتكرر مأساتي مع أطفالي أيضاً".

من جهته، يقول المحامي خالد الأسدي لـ"ارفع صوتك" إن قضايا الزواج والطلاق خارج المحكمة في أغلبها تكون "بسبب صغر عمر الزوجة أو للزواج الثاني، كون القضاء يطلب موافقة الزوجة الأولى، ونتيجة لذلك أصبح لدينا جيش صغير من الأطفال غير الموثقين رسمياً والمحرومين من أبسط الحقوق".

الزواج المبكر كما يشرح الأسدي "لا يقتصر على الإناث فقط بل يشمل الذكور أيضاً، فقانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 اعتبر سن الثامنة عشرة هو سن الأهلية القانونية لإجراء عقد الزواج".

القانون ذاته وضع استثناءات، يفنّدها الأسدي "فقد منح القاضي صلاحيات تزويج من أكمل الخامسة عشرة من العمر وقدم طلباً بالزواج، وفق شروط تتعلق بالأهلية والقابلية البدنية التي تتحقق بتقارير طبية وموافقة ولي الأمر". 

ستابع الأسدي "هذا الاستثناء لا يشجع زواج القاصرين قدر تعلق الأمر بمعالجة حالة اجتماعية بطريقة قانونية تتيح فيه القرار للسلطة القضائية".

مع ذلك، فما كان مقبولاً في الفترة التي تم تشريع القانون بها، لم يعد مقبولاً في الوقت الحالي؛ كون المسالة تتعلق برؤية اجتماعية جديدة فيها جوانب اقتصادية وتغيرات اجتماعية كبيرة شهدها العراق خلال العقود الستة الأخيرة، بحسب الأسدي.

 

قصص

لم تكن أم علي تتجاوز 14 عاماً حين تم تزويجها إلى ابن عمها، كان ذلك أواخر تسعينيات القرن الماضي. واليوم تواجه "مشكلة"، إذ تم الاتفاق - دون رغبة الأم- على تزويج ابنتها البالغة من العُمر 14 سنة.

عدم رغبة الأم هي نتيجة مباشرة لما تعرضت له خلال رحلة زواجها الطويلة. تقول أم علي لـ"ارفع صوتك": "صحيح أنني أمتلك عائلة وأبناء وبنات أصبح بعضهم بعمر الزواج. لكن، لا أحد يتحدث عن مرارة الرحلة".

وتوضح "أنا وزوجي كنا بعمر متقارب ومن عائلتين فقيرتين. بعد زواجي بشهر واحد حملت بطفلي الأول.. كنا مجرد طفلين نعتمد على مصروف يوفره والده، أو أعمال متقطعة في مجال البناء، ولم يأت الاستقرار إلا بعد عشر سنوات حين تطوع في الجيش، وأصبح لديه راتب ثابت وبات قادراً على الإنفاق".

على الرغم من عدم رغبتها بخضوع ابنتها للتجربة ذاتها، تقول أم علي "التقاليد والأعراف لا تسمح لنا بذلك، لا أريد لابنتي أن تواجه المصير ذاته ولكن ليس بيدي حيلة وليس لنا رأي".

على عكس حكايتها، تقول أم نور  إن أحداً لم يجبرها على الزواج حين كانت بعمر السادسة عشرة، مردفة "كل فكرتي عن الزواج كانت ترتبط برغبتي بارتداء فستان أبيض، وأن الجميع سيرقصون من حولي، لكن سرعان ما اكتشفت أنّي لم أكن مؤهلة لتكوين عائلة".

في العراق كما تشرح أم نور وهي على أعتاب الستين " كثيراً ما يكون الزواج مبكراً، ودون أن تكون هناك فكرة حقيقية عن المسؤولية ومدى قدرتنا على تحملها، أو تربية أطفال والتعامل مع بيئة جديدة مختلفة عن التي تربينا فيها بعد الانتقال إلى منزل الزوجية".

أفكار نمطية                       

الموروث الثقافي كما يرى أستاذ الاجتماع رؤوف رحمان يلعب دوراً كبيراً فيما يتعلق بالزواج المبكر للإناث والذكور بشكل عام في العراق.

يقول لـ"ارفع صوتك" إن البيئة العراقي التقليدية "تربّي الفتاة على أنها غير مؤهلة لإدارة شؤونها، فيكون مصيرها مرهوناً بقرار العائلة التي تفضّل تزويجها مبكرا لأنها مرغوبة اجتماعياً ومطلوبة للزواج ما دامت صغيرة في السن، وتقل حظوظها كلما تقدمت في العُمر".

في حالات كثيرة يذكرها رحمان "تسعى الفتيات للارتباط حين تفتقد الأسرة إلى الانسجام، أو للتخلص من العنف الأسري والفقر، خصوصاً ضمن العائلات الممتدة والريفية أو في أحيان أخرى للحصول على مهرها".

ويرى أن الزواج المبكر في العراق يرتبط أيضاً "بالعنف والصراعات والحروب المستمرة، فعدم الاستقرار الأمني يدفع العوائل لتزويج الفتيات بعمر مبكر للتخلص من مسؤوليتهن".

أما في ما يتعلق بالزواج المبكر للذكور، فيشير رحمان إلى وجود "فكرة خاطئة مفادها أن تزويج الذكر بعمر صغير يقيه من الانحراف أو الوقوع في المشاكل عندما يكون مسؤولاً عن زوجة وأطفال بعمر مبكر".

كل هذه التقاليد والأعراف النمطية المتوارثة تشكّل بحسب رحمن "مواطن الخلل في المجتمع، فنحن اليوم بحاجة إلى ثقافة مختلفة تماماً، في زمن تغيرت طبيعة الحياة فيه من ريفية بسيطة إلى مدنية معقدة، غزتها وسائل التواصل وغيرت الكثير من أساليب العيش وسط أزمة اقتصادية خانقة وزيادة مرعبة بأعداد السكان".

جزء من الحل كما ترى المحامية مروة عبد الرضا، يكمن في "تثقيف الشباب من الإناث والذكور عن الحياة الزوجية والمسؤولية المترتبة عن إنشاء أسرة عبر دروس ضمن مناهج وزارة التربية، ومحاضرات من الباحثين الاجتماعيين ضمن المحاكم العراقية قبل عقد القران، لتأهيل وتوعية المقدمين على الزواج".