متابعة إلسي مِلكونيان:

تعتبر مشاركة النساء في الحياة العملية أمراً طبيعياً في يومنا الحالي. فمن الشائع الآن رؤية وزيرة أو صحافية أو مديرة لشركة في كافة الدول العربية. لكن هل تعرف من كانت الوزيرة أو الصحافية الأولى؟

إليك بعض أبرز الشخصيات النسائية على مستوى العالم العربي اللواتي بدأن الحياة العملية وحصدن، خلال مسيرتهن، جوائز عديدة:

أول وزيرة عربية: نزيهة الدليمي

ولدت في بغداد عام 1923. درست الطب في جامعة بغداد وعملت كطبيبة في عدد من المستشفيات العراقية.

كانت الدليمي ناشطة ومدافعة عن حقوق الإنسان. وأسّست رابطة الدفاع عن المرأة العراقية عام 1952. شغلت منصب وزير البلديات في عام 1959 في حكومة عبد الكريم قاسم، لتصبح بذلك أول وزيرة في العراق والدول العربية.

ساهمت في إصدار قانون الأحوال الشخصية العراقي سنة 1959 والذي منح حقوقاً عديدة للمرأة.

غادرت إلى أوروبا منذ السبعينيات، وتوفيت عام 2007 عن عمر يناهز الـ84 عاماً بعد صراع مع المرض.

أول رياضية عربية تحصل على ميدالية أولمبية: نوال المتوكل

ولدت العداءة المغربية نوال المتوكل في الدار البيضاء عام 1962 لأب رياضي وأخوة يمارسون ألعاب القوى. التحقت بالنادي البلدي في سن الـ15 لتكشف عن موهبة متميزة ساعدتها في الحصول على منحة دراسية من جامعة "آيوا" الأميركية لدراسة التربية البدنية التي تخرجت منها في عام 1989.

فازت المتوكل في سباق 400 متر حواجز خلال دورة الألعاب الأولمبية التي عقدت في لوس أنجلوس في الولايات المتحدة الأميركية عام 1984، لتكون بذلك أول عداءة عربية تحصل على ميدالية ذهبية.

 وقام ملك المغرب آنذاك حسن الثاني بالاتصال بها شخصياً لتهنئتها على هذا الإنجاز. تقول المتوكل في حديث لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية عن إن الملك قال في مكالمته "أنا فخور جداً بك. البلد بأسره مبتهج لهذا الحدث. لقد جعلنا هذا النصر سعداء وفخورين بك".

أول امرأة عربية حصلت على جائزة نوبل: توكل كرمان

ولدت في اليمن عام 1979 وتخرجت من جامعة العلوم والتكنولوجيا عام 1999 لتعمل صحافية. أسست في 2005 منظمة "صحفيات بلا قيود".

حصلت على جائزة نوبل للسلام بالتشارك مع رئيسة ليبريا الين جونسون سيرليف، والناشطة الليبرية ليما غبوي "تقديراً للنضال السلمي لحماية المرأة وحقها في المشاركة في صنع السلام".

على موقعها الإلكتروني الخاص مقتطفات من خطابها أثناء حفل تسليم جائزة نوبل للسلام 2011، قالت فيه "إنني ألمح في الأفق عالماً جديداً، وعولمةً مشرقهً زاهرة... إنني أشاهد يقيناً بداية مرحلة تاريخٍ إنسانيٍ مزدهرٍ ومعطاء، بالخيرِوالسلام والحب والإخاء".

أول طيارة عربية: لطفية النادي

المصرية لطفية النادي، من مواليد 29 أكتوبر 1907. تأثرت بما قرأته عن الطيران وتشجيع الفتيات على تعلمه، فقررت الانضمام إلى مدرسة الطيران، التي كانت قد انشأت حديثاً، رغم معارضة والدها. نجحت في الحصول على إجازة الطيران سنة 1933.

وأصبحت لطفية النادي أول سيدة تقود طائرة بين القاهرة والإسكندرية، وثاني امرأة في العالم تقود طائرة منفردة.

بعد تقاعدها تم تعيينها أمينا عاما لنادي الطيران المصري.

عاشت النادي بقية حياتها في كندا ثم في سويسرا إلى أن توفيت سنة 2002 عن عمر 95 عاماً.

أول مغنية/ممثلة عربية تقف على المسرح: منيرة المهدية

ولدت منيرة المهدية عام 1885 في محافظة الشرقية في مصر. بدأت حياتها المهنية كمغنية حفلات في الزقازيق إلى أن انتقلت إلى القاهرة لتصبح مطربة محترفة وأول سيدة عربية تغني على خشبة المسرح ولقبت بـ"السلطانة". لحن أغنياتها كبار الملحنين كسيد درويش وسلامة حجازي.

كونت لنفسها فرقة خاصة باسم "الممثلة المصرية"، ومثلت رواية "كارمن" وأوبرا "مارك أنطوان وكليوباترا". تعرضت للمنافسة الشديدة بعد ظهور أم كلثوم على الساحة الفنية. توفيت في 11 مارس/آذار 1965.

 من أشهر أغانيها: "يا بتاع التوت" و"أسمر ملك روحي".

أولى الصحافيات

تبرزعدة أسماء في مجال الصحافة، أولهن المصرية جليلة تمرهان التي كتبت أول مقالات متخصصة في مجلة "يعسوب الطب" في عام 1865، وبعدها بقليل مريانا مرآش في "مجلة الجنان" في سورية في1870 . وأصدرت هند نوفل أول مجلة نسائية في مصر في 1892 باسم "الفتاة". وكانت ماري العجي صاحبة أول مؤسسة صحافية في سورية "مجلة العروس" في 1910.

*الصورة: هل تعرف من كانت الوزيرة أو الصحافية الأولى؟/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات:

مواضيع ذات صلة:

من تظاهرة احتجاجية في العاصمة العراقية بغداد حول تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية
من تظاهرة احتجاجية في العاصمة العراقية بغداد حول تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية- تعبيرية

 في مكتبها وسط العاصمة العراقية بغداد، تجتمع المحامية مروة عبد الرضا مع موكلها الشاب العشريني وزوجته (ابنة خالته)، اللذين يسعيان لتوثيق زواجهما المنعقد خارج المحكمة لصغر سن الزوجة (13 عاما)، وهي طالبة في السادس الابتدائي بمنطقة المدائن على أطراف العاصمة بغداد.

تقول عبد الرضا لـ"ارفع صوتك": "لا يمكن الحديث عن الزواج المبكر من دون أن يتم ربطه بشكل مباشر بالزواج خارج المحاكم لأنهما مرتبطان ببعضهما البعض".

بعد اكتشاف حمل الفتاة، قررت العائلة توكيل محام لتقديم طلب توثيق العقد. تضيف عبد الرضا "الإجراءات الحكومية بسيطة وغير معقدة في مثل هذه الحالات، فالقاضي يجد نفسه أمام الأمر الواقع بسبب حمل الفتاة، فيتم تصديق العقد وفرض غرامة أقصاها 250 ألف دينار على الزوج (نحو 150 دولاراً)".

الزيجة التي تشير إليها المحامية "ليست الأولى ولن تكون الأخيرة" على حدّ تعبيرها، "بل هي حالة اجتماعية متوارثة لاعتقاد سائد أن الرجل يرتبط بفتاة صغيرة ليقوم بتربيتها على ما يحب ويكره، لكن النتيجة كثيرا ما تكون سلبية بحسب القضايا التي تشغل أروقة المحاكم ونراها بشكل يومي. فالفتاة التي تتزوج بعمر الطفولة غير قادرة على استيعاب العلاقة الزوجية، وفي كثير من الحالات يكون الأمر أشبه بالاغتصاب".

تتحدث عبد الرضا عن ارتفاع كبير بنسب الطلاق في المحاكم العراقية: "كثير منها يكون نتيجة الزواج المبكر وتدخّل الأهل بسبب صغر أعمار الطرفين وهو ما يؤثر بشكل كبير على العلاقة الزوجية".

وتشير إلى أنه كثيرا ما يتم التزويج "لعدم وجود فتيات في منزل العائلة للرعاية والعمل المنزلي، فيكون مطلوب منها القيام بأعمال الكبار وهي بعمر الطفولة، وهذا أكبر من قدرة أي فتاة صغيرة".

ما تكشف عنه عبد الرضا تؤيده إحصاءات مجلس القضاء الأعلى، ففي شهر يوليو الماضي كان هناك 2760 عقد زواج خارج المحكمة، و1782 حالة طلاق خارج المحاكم و4562 حالة بتّ فيها، بعد رفع دعاوى قضائية.

وينقل المجلس الأعلى في أحد تقاريره عن القاضي عماد عبد الله قوله إن المحاكم العراقية "شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في حالات الطلاق. وأهم الأسباب ترجع إلى حالات الزواج المبكر التي تفتقر لمتابعة الأهل، وعدم توفر الاستقرار المالي الذي يسمح بإنشاء أسرة بالإضافة إلى التأثر بالسوشيال ميديا".

"خارج السرب".. رجال دين يعارضون تعديلات "الأحوال الشخصية"
مع أن طرح التعديلات على قانون الأحوال الشخصية العراقي لعام 1959، يحظى بدعم كبير من غالبية رجال الدين الشيعة والسنة في العراق، إلا أن بعض رجال الدين من الطائفتين، غردّوا خارج السرب وسجّلوا مواقف معارضة للتعديلات على القانون.

تداعيات الزواج خارج المحاكم

تتحدث شابة فضّلت عدم الكشف عن اسمها لـ"ارفع صوتك" عن سنوات طويلة حُرمت فيها من أبسط حقوقها، فلم تتعلم القراءة والكتابة، ولم تنل رعاية صحية لائقة، فقط لأن زواج أمها المبكر وإنجابها لها وهي في عمر صغير، جعلها من دون أوراق ثبوتية.

"تزوجت والدتي بعقد خارج المحكمة بعمر صغير، وانفصلت بعد أشهر قليلة عن والدي لعدم انسجامهما معاً، لتكتشف حملها بي"، تروي الشابة.

وضعت الأم حملها وتزوجت مرة ثانية، ورزقت بالمزيد من الذرية. تبين: "لم يتم إصدار أوراق ثبوتية لي، فحُرمت من التعليم ومن الرعاية الصحية، وكنت أحياناً استعين ببطاقة شقيقتي الأصغر للحصول على العلاج في المستشفيات".

توفيت والدتها التي قابلناها لصالح تقرير سابق قبل ثلاث سنوات، وفي أوائل العام الحالي وهي بعمر 23 عاماً تزوجت الشابة بعقد خارج المحكمة، واليوم تسعى لاستخراج هوية الأحوال المدنية لتوثيق زواجها "لا أريد أن تتكرر مأساتي مع أطفالي أيضاً".

من جهته، يقول المحامي خالد الأسدي لـ"ارفع صوتك" إن قضايا الزواج والطلاق خارج المحكمة في أغلبها تكون "بسبب صغر عمر الزوجة أو للزواج الثاني، كون القضاء يطلب موافقة الزوجة الأولى، ونتيجة لذلك أصبح لدينا جيش صغير من الأطفال غير الموثقين رسمياً والمحرومين من أبسط الحقوق".

الزواج المبكر كما يشرح الأسدي "لا يقتصر على الإناث فقط بل يشمل الذكور أيضاً، فقانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 اعتبر سن الثامنة عشرة هو سن الأهلية القانونية لإجراء عقد الزواج".

القانون ذاته وضع استثناءات، يفنّدها الأسدي "فقد منح القاضي صلاحيات تزويج من أكمل الخامسة عشرة من العمر وقدم طلباً بالزواج، وفق شروط تتعلق بالأهلية والقابلية البدنية التي تتحقق بتقارير طبية وموافقة ولي الأمر". 

ستابع الأسدي "هذا الاستثناء لا يشجع زواج القاصرين قدر تعلق الأمر بمعالجة حالة اجتماعية بطريقة قانونية تتيح فيه القرار للسلطة القضائية".

مع ذلك، فما كان مقبولاً في الفترة التي تم تشريع القانون بها، لم يعد مقبولاً في الوقت الحالي؛ كون المسالة تتعلق برؤية اجتماعية جديدة فيها جوانب اقتصادية وتغيرات اجتماعية كبيرة شهدها العراق خلال العقود الستة الأخيرة، بحسب الأسدي.

 

قصص

لم تكن أم علي تتجاوز 14 عاماً حين تم تزويجها إلى ابن عمها، كان ذلك أواخر تسعينيات القرن الماضي. واليوم تواجه "مشكلة"، إذ تم الاتفاق - دون رغبة الأم- على تزويج ابنتها البالغة من العُمر 14 سنة.

عدم رغبة الأم هي نتيجة مباشرة لما تعرضت له خلال رحلة زواجها الطويلة. تقول أم علي لـ"ارفع صوتك": "صحيح أنني أمتلك عائلة وأبناء وبنات أصبح بعضهم بعمر الزواج. لكن، لا أحد يتحدث عن مرارة الرحلة".

وتوضح "أنا وزوجي كنا بعمر متقارب ومن عائلتين فقيرتين. بعد زواجي بشهر واحد حملت بطفلي الأول.. كنا مجرد طفلين نعتمد على مصروف يوفره والده، أو أعمال متقطعة في مجال البناء، ولم يأت الاستقرار إلا بعد عشر سنوات حين تطوع في الجيش، وأصبح لديه راتب ثابت وبات قادراً على الإنفاق".

على الرغم من عدم رغبتها بخضوع ابنتها للتجربة ذاتها، تقول أم علي "التقاليد والأعراف لا تسمح لنا بذلك، لا أريد لابنتي أن تواجه المصير ذاته ولكن ليس بيدي حيلة وليس لنا رأي".

على عكس حكايتها، تقول أم نور  إن أحداً لم يجبرها على الزواج حين كانت بعمر السادسة عشرة، مردفة "كل فكرتي عن الزواج كانت ترتبط برغبتي بارتداء فستان أبيض، وأن الجميع سيرقصون من حولي، لكن سرعان ما اكتشفت أنّي لم أكن مؤهلة لتكوين عائلة".

في العراق كما تشرح أم نور وهي على أعتاب الستين " كثيراً ما يكون الزواج مبكراً، ودون أن تكون هناك فكرة حقيقية عن المسؤولية ومدى قدرتنا على تحملها، أو تربية أطفال والتعامل مع بيئة جديدة مختلفة عن التي تربينا فيها بعد الانتقال إلى منزل الزوجية".

أفكار نمطية                       

الموروث الثقافي كما يرى أستاذ الاجتماع رؤوف رحمان يلعب دوراً كبيراً فيما يتعلق بالزواج المبكر للإناث والذكور بشكل عام في العراق.

يقول لـ"ارفع صوتك" إن البيئة العراقي التقليدية "تربّي الفتاة على أنها غير مؤهلة لإدارة شؤونها، فيكون مصيرها مرهوناً بقرار العائلة التي تفضّل تزويجها مبكرا لأنها مرغوبة اجتماعياً ومطلوبة للزواج ما دامت صغيرة في السن، وتقل حظوظها كلما تقدمت في العُمر".

في حالات كثيرة يذكرها رحمان "تسعى الفتيات للارتباط حين تفتقد الأسرة إلى الانسجام، أو للتخلص من العنف الأسري والفقر، خصوصاً ضمن العائلات الممتدة والريفية أو في أحيان أخرى للحصول على مهرها".

ويرى أن الزواج المبكر في العراق يرتبط أيضاً "بالعنف والصراعات والحروب المستمرة، فعدم الاستقرار الأمني يدفع العوائل لتزويج الفتيات بعمر مبكر للتخلص من مسؤوليتهن".

أما في ما يتعلق بالزواج المبكر للذكور، فيشير رحمان إلى وجود "فكرة خاطئة مفادها أن تزويج الذكر بعمر صغير يقيه من الانحراف أو الوقوع في المشاكل عندما يكون مسؤولاً عن زوجة وأطفال بعمر مبكر".

كل هذه التقاليد والأعراف النمطية المتوارثة تشكّل بحسب رحمن "مواطن الخلل في المجتمع، فنحن اليوم بحاجة إلى ثقافة مختلفة تماماً، في زمن تغيرت طبيعة الحياة فيه من ريفية بسيطة إلى مدنية معقدة، غزتها وسائل التواصل وغيرت الكثير من أساليب العيش وسط أزمة اقتصادية خانقة وزيادة مرعبة بأعداد السكان".

جزء من الحل كما ترى المحامية مروة عبد الرضا، يكمن في "تثقيف الشباب من الإناث والذكور عن الحياة الزوجية والمسؤولية المترتبة عن إنشاء أسرة عبر دروس ضمن مناهج وزارة التربية، ومحاضرات من الباحثين الاجتماعيين ضمن المحاكم العراقية قبل عقد القران، لتأهيل وتوعية المقدمين على الزواج".